المخرج عباس الحربي متفرغ للكتابة

مسرحية النهضة كانت وراء هجرته عن الوطن..
يعد الكاتب عباس الحربي، أحد أهم الأسماء في الدراما العراقية، فقد بدأ ممثلاً جادا في العديد من المسرحيات والمسلسلات، ومارس الإخراج المسرحي.
أخرج أكثر من عشر مسرحيات، وحاليا متفرغ للكتابة والتأليف، متغرب عن وطنه الذي أدمن حبه. لتظل أعماله لصيقة واقعه الذي لا ينسلخ عنه، وتجد هذا الأمر متجليا في كل مدوناته الأدبية.
سجل اسمه في فضاءات الإبداع الدرامي، سواء على خشبة المسرح أم من خلال كتابته العديد من المسلسلات التي عرضت على الشاشة الفضية، وهي تدون الوجع العراقي.
وما يميزه عن كتاب الدراما العراقيين والعرب، أسلوبه الساحر في صياغة المفردة التي تؤشر بصمته والتي تقترب من قاع المدينة العراقية، ومن هموم المواطن وأوجاعه وأحزانه وحلمه المؤجل.. وربما الذي لم يجد له واقعا أبدا.
من أعماله الدرامية «قميص من حلك الذيب»، و»الحواسم»، و»ثمنطعش»، و»السرداب»، ومسلسل «طريق أنعيمة» الذي عرض العام الماضي، والذي كتب كلمات أغنياته الشاعر الكبير عريان السيد خلف.
ومن مسرحياته الجادة التي سجلت حضورا على خشبات المسرح العراقي، والتي ظلت عالقة في الذاكرة الجمعية للعراقيين، هي «الفزاعة»، و»ماذا جرى يا صبرية»، و»الرداء»، و»بير وشناشيل»، و»أوروك»، و»النهضة».
وحين نذكر مسرحية « النهضة « التي أثارت حفيظة النظام السابق، والتي منعها بعد يوم واحد من عرضها، ندرك أنها كانت سببا وراء هجرته، وانضمامه الى قافلة النفي القسرية، الذي اجتاح المبدعين ممن توزعوا على جغرافية المعمورة.
حاوره: فهد الصكر

ما رأيك في ما يعرض من مسلسلات عراقية خلال رمضان الحالي؟
– ليست بالمستوى المطلوب، ففي مثل هذه الأوضاع السلبية المتفشية في الوطن، على كل المثقفين تجنيد طاقاتهم لتقريب فكرة الديمقراطية التي ابتلعت امنهم وعيشهم. وانا لست ضد الأعمال التي تتناول السير الذاتية، او قصصا مر عليها الزمن، لكن حاجة الشارع الآن أهم، لا سيما ان فكر المثقف العراقي وقلمه منذ دهر على وفاق مع إرادة الإنسان وحريته. أما الاستسلام لتوجيه حاجة الفضائيات بحجة أكل العيش، فإن في ذلك استهلاكا للزمن الذي شبع منا موتا وفرقة وأحقادا. وما تسنى لي مشاهدته يصب بالاتجاه السليم لبلورة دراما عراقية خالصة.

هل هناك ثمة ملامح لدراما عراقية خالصة غير متأثرة بالدراما العربية؟
– نعم، هناك ملامح تشير إلى دراما عراقية خالصة، لكنها (لا تضع المرهم على الجروح) التي كثر قيحها، ولنا بأدباء وفناني العالم اسوة، حين ضاقت الدنيا ببلدانهم من القهر والموت والفقر، ولم تكن مآسي الشعب السوري، او المصري أكثر قسوة مما نعيشه، لكن فنانيهم شرعوا أقلامهم لتصحيح واقعهم. وبدوري أهنئ كل من قدم جهدا دراميا لتظل عجلة العطاء مستمرة، واهمس بأذنهم ان البلد يحتاج لكلمتكم، لأنكم رسل الوعي الى بيوت العراقيين المنكوبين بالهموم اليومية.

ما موقع التجريب والحداثة فيما يتناوله كتّاب الدراما العراقية؟
– يبدو لي أن الكاتب الدرامي العراقي قد استفاد الى حد كبير من التجارب العربية، وكان على تماس فني ومعرفي، وكذلك كان قريبا من الممثل العربي. وقد برز لنا على الساحة مخرجون مميزون وممثلون كبار وقفوا صفا مع الممثل العربي، ما انعكس هذا على اداء الفنانين وأكسب المشهد الدرامي شيئا من الحداثة.

هل تساهم شركات الإنتاج في الترويج للدراما العراقية، واذا كانت الدراما العراقية لم ترتقِ الى المستوى المطلوب، ما السبب؟
كان الاعلام في زمن النظام السابق مسلطا على أعوان الحكم الشمولي، أما الآن فهناك فضائيات لها أجندات وأيديولوجيات خاصة ضد فضائيات أخرى، ما يجعل من الفنان مؤدياً، غير متبن لهذا النص الذي يعرف أنه يحتاج إلى ان يشتغل بمضامين مضادة له مع المنتج الاخر. فالمنتج هنا أقرب للتاجر من ان يكون مثقفا يحمل رسالة يشار اليها في الزمن المقبل. والدليل أني حضّرت سيناريو لرواية «وليمة لأعشاب البحر» للروائي حيدر حيدر، التي تتحدث عن صفحة نضالية للحزب الشيوعي العراقي يعرفها الجميع، ولكن السؤال من يعنيه ان يخرج للنور عملا كهذا في فضائيات تسير على نهج مرسوم؟ أكيد لا أحد. فالمنتج هنا ليست له كلمة، بل هو منفذ تراكمي، فهو كثيرا ما يكون تاجرا فضل هذه المهنة السهلة.

هل كان الشاعر عريان السيد خلف موفقاً الى حد ما في كتابة أغنيات عملك الدرامي «طريق إنعيمة»؟
– الشاعر عريان السيد خلف أصبح خارج مدار الشعر والشاعرية، انه رمز إنساني ومناضل بقصائده، ويتشرف أي صاحب منجز أن يضمن عمله جزءا من قصائده، اذا ما لاءمت حركة الكلمة الفعل الدارمي. وحسنا فعل الزميل حسن الماجد مخرج «طريق إنعيمة» باختيار تلك القصائد التي أصبحت نشيدا لكل ذي تاريخ مرتبط بنضال هذا الشعب.

ما جديدك في فضاء المسرح والسينما؟
– اشتغل الآن على تحضير مجموعتي المسرحية الأولى. كما إني منشغل الآن بتصوير فيلم قصير مشترك بين فنانين عراقيين واستراليين.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة