الفن.. علاقة الإنسان جمالياً بالواقع

الفن يشكل الوعي الاجتماعي، ويحسن النشاط الإنساني. لأنه يعكس صور الواقع ليحقق أهم وسائل استيعاب جمال الطبيعة والعالم من حولنا.
وكانت للفن بين الشعوب البدائية علاقة مباشرة بالعمل، ولكن هذه العلاقة أصبحت بعد ذلك أكثر تعقدا وتوسطا. وتكمن وراء التطورات اللاحقة في الفن، التغيرات التي طرأت على البنيان الاجتماعي الاقتصادي للمجتمع.
وتوجد أشياء كثيرة مشتركة بين الفن– كشكل من أشكال انعكاس الوجود الاجتماعي– وبين المظاهر الأخرى لحياة المجتمع الروحية مثل: (العلم، والتكنولوجيا، والآيديولوجية السياسية، والأخلاقيات). وفي الوقت نفسه فإن للفن عددا من الملامح المحددة التي تميزه عن كل أشكال الوعي الاجتماعي الأخرى. وعلاقة الإنسان الجمالية بالواقع هي الموضوع المحدد للفن، ومهمته، التصوير الفني للعالم، ولهذا السبب فإن الإنسان –بوصفه حاملا للعلاقات الجمالية– يكون دائما في المركز من أي عمل فني.
وقد بدأ الإنسان بممارسة الفن منذ 30 ألف سنة، وكانت الرسوم تتكون من أشكال الحيوانات وعلامات تجريدية رمزية فوق جدران الكهوف، وتعد هذه الأعمال من فن العصر الباليوثي.
ومنذ آلاف السنين كان البشر يتحلون بالزينة والمجوهرات والأصباغ، وفي معظم المجتمعات القديمة الكبرى، كانت تعرف هوية الفرد من خلال الأشكال الفنية التعبيرية التي تدل عليه، كما في نماذج ملابسه وطرزها وزخرفة الجسم، وتزيينه وعادات الرقص. أو من الاحتفالية أو الرمزية الجماعية التي كانت تتمثل في التوتم (مادة) الذي يدل على قبيلته أو عشيرته.
وكان التوتم يزخرف بالنقش ليروي قصة أسلافه أو تاريخهم. وفي المجتمعات الصغيرة كانت الفنون تعبر عن حياتها أو ثقافتها، فكانت الاحتفالات والرقص تعبر عن سير أجدادهم وأساطيرهم، بشأن الخلق، أو مواعظ ودروس تثقيفية. وكثير من الشعوب كانت تتخذ من الفن وسيلة لنيل العون من العالم الروحاني في حياتهم.
ويقدّم لنا «ول وايريل ديورانت» تحليله ورؤيته لبدايات الفنون ونشأتها في الجزء الأول من كتابه «قصة الحضارة»، وذلك من خلال نظريات العديد من الفلاسفة والباحثين التي جمعها في رؤيته الخاصة الموحدة بالنحو التالي: «ولنا أن نقول بأنه «الرقص» نشأ العزف الموسيقي على الآلات كما نشأت المسرحية، فالعزف الموسيقي -فيما يبدو- قد نشأ عن رغبة الإنسان في توقيع الرقص توقيعاً، له فواصل تحدده، وتصاحبه أصوات تقويه.
ويتابع: كانت آلات العزف محدودة المدى والأداء، ولكنها من حيث الأنواع لا تكاد تقع تحت الحصر، صنعها من قرون الحيوانات وجلودها وأصدافها وعاجها، ومن النحاس والخيزران والخشب. ثم زخرف الإنسان هذه الآلات بالألوان والنقوش الدقيقة، ونشأ بين القبائل منشدون محترفون، كما نشأ بينهم الراقصون المحترفون.
ويضيف: تطور السلم الموسيقي في غموض وخفوت حتى أصبح على ما هو عليه الآن. ومن الموسيقى والغناء والرقص مجتمعة. خلق لنا «الهمجي» المسرحية والأوبرا. ذلك لأن الرقص البدائي كان في كثير من الأحيان يختص بالمحاكاة، فقد كان يحاكي حركات الحيوان والإنسان. ثم انتقل إلى أداء يحاكي به الأفعال والحوادث، فبغير هؤلاء «الهمج» وما أنفقوه في مائة ألف عام في تجريب وتحسس لما كتب للمدنيّة النهوض، فنحن مدينون لهم بكل شيء تقريباً».
هناك أنواع عديدة للفن، منها ما زال عبر التاريخ، ومنها ما ظهر حديثاً. اليوم هناك فنون جميلة مثل التصوير، والنحت، والحفر، والعمارة ، والتصميم الداخلي، والرسم وهو أبرزها. وهناك فنون كالموسيقى الأدب والشعر والرقص والمسرح. كما يمكن ربط هذه الفنون بالأدب مثل الأدب والمسرح.
وجاء تطوير المسرح والسينما والرسوم المتحركة وفن الصورة. الفن إن جاز التعبير، شيء هلامي متغير، يرجع إلى وجهات النظر أحياناً وللثقافة أحياناً وللعصور أحياناً.
ويمكننا الاعتماد على تصنيف «ايتيان سوريو» الذي قسّم الفنون إلى سبعة فنون عامة تحوي كل منها مجموعة متدرّجة من الفنون، ضمن مسميات متنوّعة ليقدّم لنا الفنون السبعة كونه التصنيف الأكثر شمولاً وتداولاً، لتصبح السينما هي الفن السابع.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة