لطالما تمتع الزعماء والرؤساء في النظام الرئاسي بالسلطات المطلقة التي تتيح لهم اختيار القرارات الصعبة والمصيرية بتأييد ومعاضدة الدستور ولطالما تمتع رؤساء الوزارات في النظام البرلماني بالقدرة على اقناع البرلمان في استخلاص مثل هذه القرارات وتجاوز العراقيل والمعوقات وتحقيق النصاب لافكارهم وخططهم وهنا تتجلى المزايا والمهارات الشخصية لرؤساء الوزارات باوضح صورها وفي التاريخ السياسي ثمة شواهد كثيرة لمثل هؤلاء شهدت لهم السياسة بالبراعة والنجاح في احداث ومحطات سياسية محلية وعالمية ومايزال التاريخ يتحدث كثيرا عن تشرشل رئيس وزراء بريطانيا وعن مارغريت تاتشر وعن كولدا مائير وعن نهرو وانديراغاندي وبناظير بوتو ومهاتير محمد ونوري السعيد وغيرهم من الاسماء اللامعة التي استطاعت ان تصنع تاريخا مجيدا لدولها من خلال حنكتها وقدرتها على اتخاذ القرارات الصعبة والمواقف الحازمة والشجاعة والحيلولة دون وقوعها في اتون الحروب والازمات السياسية والمالية والانتصار لارادة شعوبها والنجاح في تحقيق التعايش السلمي ورعاية المصالح الوطنية واجادة فن التفاوض والدبلوماسية وعدم التخلي عن المكتسبات والحقوق التاريخية مهما كانت الضغوط التي تعرضت لها وتأتي الاشارة الواضحة للمرجعية الدينية في خطبة الجمعة الاخيرة وتأكيدها على اهمية ان يكون رئيس الوزراء المقبل للحكومة العراقية المقبلة حازما وشجاعا وقويا لتسلط الضوء من جديد على اهمية هذا المنصب في ادارة الدول والحكومات التي تتبع النظام البرلماني حيث تتضاعف مسؤولية هذا المنصب بتعدد مراكز القرار وتوزع المسؤوليات بين الرئاسات الثلاث واذا كان منصب رئيس الوزراء مقيدا بقرارات البرلمان فان شخصية رئيس الوزراء ومهاراته وقدراته يمكن لها ان تطغى على جميع اعضاء البرلمان ويمكن لها ان تكسب مشاعر الرأي العام من خلال الاقناع والاخلاص والنزاهة التي يمكن ان تتمتع بها شخصية رئيس الوزراء ولايمكن لمثل هذه الصفات ان تتحقق من دون ان يثبت رئيس الوزراء قدرته بالافعال وليس بالاقوال على مواجهة الفاسدين وشجاعته بالوقوف امام اية انتهاكات او محاولات للاحزاب التي تشترك في حكومته لمصادرة القرارات السيادية التي يحكم بها وللاسف فان العراق شهد تجاوزات كثيرة وكبيرة نالت من قوة هذا المنصب واضعفت الى حد كبير قدرات الحكومة واختل كثيرا ميزان القوى في البلاد وباتت بعض الاحزاب هي التي تمتلك الحزم والشجاعة في ادارة ملفات خطيرة وفي الحصول على منافع ومكتسبات على حساب سلطة رئيس الوزراء ومالم تعد صياغة النظام السياسي برمته بما يمنح التمكين لاي رئيس حكومة في استعادة الدور الابرز والاهم في ادارة البلاد فان هذا المنصب سيبقى محل تنازع وصراع بين مراكز النفوذ ويقدم لنا رئيس وزراء مشلول الارادة.
د. علي شمخي
حازم وشجاع !
التعليقات مغلقة