قانون هيئة النزاهة

القانون بوصفه دواء يمنحه المشرع لغرض علاج داء يصيب المجتمع، بمعنى أن وجوده لاحق على وجود الداء أو الحاجة التي يتطلب إشباعها عن طريق القانون.. وهذه تكاد أن تكون قاعدة عامة في التشريع. فيما يخص قانون النزاهة، فإن المشرع العراقي، ممثلا بسلطة الائتلاف المؤقتة، وضعت العلاج، في وقت لم يستفحل الداء بعد. حيث شرعت الأمر 55 لسنة 2004 الذي استحدثت بموجبه الهيئة المعنية بمكافحة الفساد والقضاء عليه. فقد جاء في بداية الأمر أن المدير الإداري لسلطة الائتلاف رأى أن الفساد آفة تصيب الحكومة الصالحة بالهلاك وتبني حالة الرخاء والازدهار، وأن الشعب العراقي يستحق قادة يتسمون بالنزاهة ويكرسون أنفسهم لشفافية الحكم في العراق. كما جاء: أن معركة الفساد ضد الفساد هي نضال طويل الأمد ويتطلب تعهدا دائما بتغيير السلوك على جميع أصعدة الحكومة.. علما ان معركة الفساد لم تبدأ بعد. الأمر 55 وضع المبادئ العامة للهيئة، من خلال وضع أسس الهيكل التنظيمي، والاختصاص الوظيفي لها. ولكن الصلاحيات الممنوحة للهيئة حسبما جاء به القسم 4 ضئيلة، ولا تفي بالغرض الذي استحدثت من أجله، وهذا يعود الى الفساد في وقت تشريع الأمر 55 لم يكن بالمستوى الذي وصل اليه الآن.. فقد نصت الفقرة 1 من القسم الرابع على ان المفوضية تتمتع بصلاحية التحقيق في قضية فساد… قضية فساد تنطوي على أعمال تمت في الماضي حتى تاريخ 17/ تموز/1968. والصلاحية الثانية تتعلق بمخالفة قواعد السلوك. الفقرة 5 جعل من التحقيق في ملفات الفساد من قبل الهيئة أمرا جوازيا وليس وجوبيا حيث ان لها ان تتحمل مسؤولية التحقيق في قضية التحقيق، فإذا تحملت هذه المسؤولية، فإن القاضي يتوقف عن القيام بالتحقيق الذي كان يجريه ويحول الأمر الى الهيئة.
ولكون ان الأمر 55 لم يعد يستوعب التحولات التي شهدتها الحياة الإدارية والسياسية، من خلال استفحال ظاهرة الفساد الإداري والمالي، وجد المشرع ضرورة إلغاء هذا الأمر وإصدار قانون يناسب هذه المرحلة التي انتشر الفساد في جميع مؤسسات الدولة. وفعلا، تم إلغاء الأمر من خلال تشريع قانون رقم 30 لسنة 2011.
جاء القانون رقم 30 لسنة 2011 ، تعديلا للأمر 55 لسنة 2004. وفيه، يمكننا تلمس، اهم آلية قانونية وتشريعية، لتعزيز دور المواطن العراقي في مكافحة الفساد. فهذا القانون، أقر طبقا للمادة 61 اولا من الدستور التي تنص على ان لمجلس النواب صلاحية تشريع القوانين الاتحادية. وقبل الدخول بحيثيات قانون النزاهة، نشير الى ان آلية مكافحة الفساد تتمثل، بقيام افراد الشعب، بانتخاب شخصيات وطنية، كفؤة ونزيهة، قادرة على تشريع قوانين، فاعلة، قادرة على مواجهة آفة الفساد بشكل أكثر قوة وتأثير. ان يختار الأفراد شخصيات برنامجها الانتخابي هو تشريع القوانين التي تقضي على الفساد، وتحاربه بكل اشكاله.
سلام مكي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة