الاعلام الحكومي

يمثل الاعلام الحكومي نافذة ومصدرا مهما لباقة كبيرة من البيانات والمعلومات التي تخص شؤون الحياة بشتى تفاصيلها ، ذلك نتيجة لاضطلاع الحكومة بالنسبة الاكبر من المهام المناط تنفيذها بالدولة ، ولعل في مقدمة تلك المهام هي تقديم الخدمات للمواطنين ، وفي بلد مثل العراق يعيش حالة من الانفتاح غير المسبوق ولا يوجد مثيله في اي دولة من دولة العالم ، بما فيها تلك الدول ذات النظم الديمقراطية الراسخة ، فان الاعلام يشغل حيزا واسعا في حياة الناس ، ولم يعد الاعلام بأشكاله التقليدية (اذاعة – تلفزيون – صحافة ورقية ) هو السائد ، بل اننا اليوم امام نوع جديد من الاعلام المتمثل بمنصات التواصل الاجتماعي مثل الوات ساب والفايبر والفيسبوك وسواها ، وأصبح هذا الاعلام يمثل سرعة هائلة في نقل وتداول المعلومة بصرف النظر عما اذا كانت هذه المعلومة صحيحة ام انها مفبركة .. وبالتالي وجود مثل هذا الاعلام يمثل تحديا لا يستهان به امام الاعلام الحكومي ، ولكنه في المقابل ، يمثل وسيلة سريعة جدا لنقل المعلومة المراد ايصالها إلى المجتمع ، فيما اذا احسن استثماره بنحو افضل . وإزاء هذا الواقع يبدو ان الاعلام الحكومي مازال يعاني من خفوت صوته مقابل الصوت الاخر للإعلام الموجه او المؤدلج الذي يشغل الفضاء الوطني .
وثمة الكثير من التحديات التي تواجه الاعلام الحكومي والتي ادت إلى الحد من تأثيره في الواقع العام ، تاركا الساحة للإعلام الاخر الذي كان يصول ويجول وهو يتداول الكثير من المعلومات والبيانات التي لا تمت للواقع بصلة ، تسببت في رسم صورة قاتمة السواد لواقعنا المعاش بجميع تفصيلاته ، حتى عندما تكون هناك نجاحات في مستوى الاداء الحكومي وهي كثيرة ولا شك ، فإننا نجد من يسعى إلى التعمية عليها امام تضاؤل دور الاعلام الحكومي في تسويق هذه النجاحات ، ذلك لأن تسويقه يجري على وفق اليات قديمة وبطيئة ولا تتماشى مع ما يحتاجه الناس من سرعة وأناقة ، .. فالكثير من مكاتب الاعلام الحكومي ما زالت تعتمد اسلوب البيانات الصحفية المطولة ، والرسائل التلفزيونية الثقيلة المملة التي لا تستقطب المشاهدين بسبب رتابتها ، .. وفي واقع الحال ان ضعف اداء الاعلام الحكومي في بعض مفاصله ، انما يعود لأسباب عدة ، من بينها عدم وجود كفاءات اعلامية في بعض هذه المكاتب ، فالكثير من العاملين فيها يتعاملون مع مهمتهم بأسلوب الموظف الحكومي الذي تنتهي اعماله في الساعة الثالثة ظهرا ، ولن يعود اليها إلا في صباح اليوم التالي يضاف لهذا ايام العطل ! الامر الذي انعكس سلبا على الاداء ، وكذلك عدم توافر الامكانات المادية المطلوبة لأداء مهمة الاعلام الحكومي ، ناهيكم عن حالة التهميش المريرة التي تعاني منها بعض المكاتب ، لدرجة ان المكتب الاعلامي لايعلم شيئا عما يجري في مؤسسته من احداث ،بل يطلع عليها من خلال وسائل الاعلام !!.
ان الاسباب المشار اليها ، لا يمكن الاستهانة بها وقد اثرت كثيرا على الاعلام الحكومي وجعلت دوره التأثيري محدودا ، .. لذلك اعتقد ان قرار مجلس الوزراء الاخير القاضي بتشكيل خلية الاعلام الحكومي – وان جاء متأخرا جدا – سيكون له اثر ايجابي في تحسين واقع الاعلام الحكومي ، شريطة ان تتاح لهذه الخلية المساحة المطلوبة للعمل والإمكانات المادية المتطورة ، وان يكون المؤلفون لها من الكفاءات الفاعلة والمشهود لهم من حيث المهنية والتأثير في المتلقي ، وان يتم رفدها بالمعلومات اولا بأول ومن دون تأخير ، وان تعتمد السرعة في التعامل مع الاحداث لاسيما في الازمات التي تنشأ فجأة ، وان تضع نصب عينيها اليات التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي بأقصى سرعة من اجل تطويق الحدث وقطع الطريق امام مروجي الشائعات الذين يستثمرون هذه الوسائل ابشع استغلال في اطار اعلامي مهني قادر على اقناع الرأي العام بما يمتلكه من حقائق
عبد الزهرة محمد الهنداوي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة