احترام الموعد.. احترام الذات

تروى عن الرئيس الأمريكي جورج واشنطن حكايات كثيرة تشير إلى مدى احترامه للمواعيد والتزامه الدقيق بها، فعندما دعا أعضاء الكونجرس لتناول العشاء معه ووصلوا متأخرين فوجئوا بأن الرئيس على وشك الانتهاء من وجبته وترك الطاولة، وقال لضيوفه المذهولين “نحن هنا نكون في الموعد المحدد، وطاهيتي لا تسأل عما إذا كان المدعوون قد وصلوا، ولكن ما إذا كانت ساعة تناول الطعام قد حانت”.
وعندما وصل وزير خارجيته متأخراً عن موعد الاجتماع وألقى باللوم على ساعته، أجابه واشنطن بهدوء: “يجب أن تحصل على ساعة أخرى”.
عدم الالتزام بالموعد شكل من أشكال السرقة، عدا أنه فعل أناني، لأن من يخل بموعده يضع حاجاته فوق حاجات الآخرين، ومن يتأخر دقيقة ليفعل ما يريد لنفسه يكون قد أخذ دقيقة من الشخص الذي ينتظره.
أجد نفسي دائماً في مواقف لا أحسد عليها نتيجة الاخلال بالمواعيد، فظروف الحياة كثيراً ما تجبرني على التعامل مع أشخاص لا يعيرون أية أهمية أو اعتبارا للمواعيد، فيتأخرون عن الدوام، وإن تأخروا لا يعتذرون، وحتى لو اعتذروا فان الاعتذار يأتي متأخراً.
وكثيراً ما أتساءل عندما يتأخر الشخص المعني عن الموعد: لماذا؟ هل يتقصد اهانتي؟ هل يريد أن يدفعني للشعور بأنني أقل منه قيمة؟ هل يستهين بما أقدم له من تضحيات حتى لو بدت بسيطة كأن استيقظ مبكرة، أو أتخلى عن مشاهدة مسلسل تلفزيوني أتابعه بشغف؟ وهذا ينطبق بالتأكيد على الرجال والنساء على حد سواء.
لا يدرك كثيرون في مجتمعاتنا العربية أهمية الالتزام بالمواعيد والوفاء بها حتى وهم يضربونها بأنفسهم، ويحددون أوقاتها باليوم والساعة، لذلك نراهم يخسرون الكثير من فرص الحياة، ويفشلون في تحقيق الحد الأدنى من النجاح الشخصي أو المهني، على عكس ما يحصل في أماكن أخرى حيث السياسات الصارمة في التعامل مع الوقت، وحيث الدقة في المواعيد.
نتأخر عن موعد الوصول إلى المطار فنفقد الطائرة. نتأخر عن موعد الاجتماع فنجهل ما دار فيه. نتأخر عن موعد المحاضرة فيضيع علينا جزء مهم منها. نتأخر عن موعد العرض الفني فيفوتنا جانب كبير من المتعة والفائدة. نتأخر عن مواعدينا فننزعج ونحرج أصدقاءنا، ونكون عرضة للتوتر، وقد يؤدي بنا ضيق الوقت إلى ارتكاب المغامرات والمخالفات على الطريق، وإلى حوادث سير مميتة.
هل نتوقع من أولئك الذين لا يحترمون الوقت في التزاماتهم العادية أن يحترموا المبادئ والقيم الدينية والأخلاقية؟ شخصياً، لا أعتقد ذلك.
عندما نحترم الوقت، نحترم أنفسنا أولاً..
فريال حسين

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة