تتيح الديمقراطية المجال الكافي للتعبير عن الاراء ويتميز النظام التعددي بتوفر حقوق الافراد في تقرير اختياراتهم وعند الانتقال الى المستوى القيادي في ادارة الدولة فان الفصل بين السلطات يعزز كثيرا من مبادئ الحرية ويقلص الى حد كبير الفجوات التي يمكن من خلالها الاستفراد بالرأي او يضيق من المسالك التي يمكن من خلالها مرور الاستبداد وتهميش الاخرين ولايخلو النظام الديمقراطي من إخفاقات في تطبيقه لمبادئ التعددية مثلما تعاني الشعوب في الانظمة الديكتاتورية من شمولية السياسة واتخاذ القرارات والتعبير عن المواقف وارتباطها باعلى سلم السلطة ففي النظام الديمقراطي يسهم منح الحريات الكافية في بروز مجموعة من التحديات تتمثل بغياب التمثيل الكافي للدولة وتهميش فرض سيطرتها على مفاصل العمل السياسي ولربما تتملك احزاب نافذة جاءت بها صناديق الاقتراع الى قبة البرلمان ومقاعد الحكومة مقاليد الامور لادارة السياسة العامة للدولة وتصادر حق الدولة في التعبير عن مواقف الجمهور العام تحت ذريعة ان هذه السلطة تمثل الاغلبية النيابية ومن جانب اخر ثمة انتهاك مماثل يسهم فيه وزراء ومسؤولون وقياديون يتمثل بفرض وجهات نظرهم وارائهم ومواقفهم على مواقف واراء الدولة متذرعين بحقهم في التعبير الذي تكفلت به مجموعة الانظمة والقوانين التي تتعلق بالحريات العامة في النظام الديمقراطي وفي النهاية تتوضح بشكل جلي مظاهر الاختلاف والتباين في المواقف تجاه عدد من الملفات التي يفترض ان يكون فيها للدولة الصوت الاقوى خاصة مايتعلق بالسياسة الخارجية ويمكن اتخاذ العراق انموذجا حيا لما نقوله فقد تباينت كثيرا ولعدة مرات المواقف المعلنة لرئيس الوزراء ورئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ووزراء الخارجية والداخلية وعدد من الوزراء الاخرين تجاه ملفات عربية واقليمية وحاول كل منهم التسويق بان موقفه هو الموقف الشرعي الذي يمثل الدولة العراقية من دون ان تكون هناك قاعدة للتنسيق السياسي بين هؤلاء ومن دون ان يتم الاتفاق على توزيع الأدوار وتقسيم المهام وتفصيلها بما يبعد اية تفسيرات او قراءات خاطئة للموقف العراقي وسيكون من المفيد في المرحلة المقبلة التعرف على هذا التباين والاختلاف والوقوف عنده ومعالجته باعادة صياغة منظومة القوانين او باعادة صياغة اليات العمل السياسي وتوزيع المهام والادوار بما يضمن التعبير عن موقف وطني موحد تجاه الملفات الداخلية والخارجية .
د. علي شمخي
تباين واختلاف..!!
التعليقات مغلقة