سايمون هندرسون
متى كانت المرة الأخيرة التي اهتم فيها الكثيرون بالقمة العربية؟ إما كان ذلك منذ زمن بعيد أو، على الأرجح، لم يكن هناك أي اهتمام. لكن قمة هذا العام، التي تستضيفها السعودية اليوم الأحد، 15 نيسان/إبريل، ربما تستحق الاهتمام. فهناك الكثير الذي يحدث في الشرق الأوسط، وقد يكون اجتماع القمة العربية ناتجاً عن ذلك. وفيما يلي خطاً توجيهياً عاماً لتمييز المضمون من الدعاية الرسمية، بدءاً من المؤشر الرئيسي لكيفية الحكم على أهميته – أي مَنْ الذي سيحضر مؤتمر القمة.
هناك 22 عضواً في جامعة الدول العربية، لكن عضوية سوريا معلّقة منذ عام 2011 بسبب الحرب الأهلية، لذا ليس هناك فرصة لأن يصل الرئيس بشار الأسد لإفساد الحفل. أما المضيف السعودي في الاجتماع، الملك سلمان البالغ من العمر 82 عاماً، فلا يسافر كثيراً هذه الأيام بسبب تدهور حالته الصحية. وكان الملك سلمان هو الذي دُعي في الأصل إلى واشنطن لمقابلة الرئيس ترامب في الشهر الماضي، لكن ابنه البالغ من العمر 32 عاماً، ولي العهد العبقري الأمير محمد بن سلمان، هو الذي قَبِل الدعوة.
لقد عاد محمد بن سلمان لتوه من رحلتين إلى فرنسا وإسبانيا. وحول ما إذا كان سيجلس إلى جانب والده في اجتماع القمة، هو أمر يستحق الترقب؛ وإذا كان الأمر كذلك، فمن المحتمل أن يتصرف كالإبن المطيع، المساعد، بدلاً من الصورة المتمثلة بـ «أنا الوجه الجديد للسعودية»، التي عرضها خلال فترة زادت عن ثلاثة أسابيع كان خلالها غائباً عن البلاد.
والسؤال الأكثر أهمية هو ما إذا كان أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني سيقبل الدعوة. فقطر محاصرة حالياً من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر بسبب مجموعة من نقاط الفشل المفترضة من بينها دعم قطر للإرهاب وبثها التحريضي [في وسائل الإعلام] واستضافتها لجماعات المعارضة. وفي البداية كرر الرئيس ترامب هذا الانتقاد، ولكنه غيّر موقفه منذ ذلك الحين، واعترف مبدئياً بأن المشكلة هي شجار بين البلدان التي تُعتبر جميعها حليفة مهمة للولايات المتحدة.
وفي اجتماع للرئيس الاميركي مع الأمير تميم في المكتب البيضاوي يوم الثلاثاء المنصرم، قال ترامب: «نحن نتأكد من أن تمويل الإرهاب قد توقف في البلدان التي نرتبط بها حقاً. … ويشمل ذلك الإمارات والسعودية وقطر، وغيرها». ونظراً للنجاح الذي حققته زيارة الأمير تميم للولايات المتحدة، والتي كانت مشابهة للأجواء المؤاتية التي حققتها زيارة الأمير محمد بن سلمان في الصحافة، فإن الزعيم القطري سيهدر فرصة كبيرة لكي يُظهر أنه ليس معزولاً إذا ما بقي في بلاده. ولكن إذا شارك الأمير تميم في المؤتمر، فربما لن يشارك عدوه اللدود ولي عهد الإمارات الأمير محمد بن زايد آل نهيان من أبو ظبي. ولكن على نحو مناسب، وطبقاً للبروتوكول، يمكن أن يمثل الإمارات رئيس وزرائها، الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم من دبي.
وتُعقد القمة العربية في الدمام على ساحل الخليج – الذي يُطلق عليه الكثيرون الخليج الفارسي، على الرغم من أن العرب يفضلون وصف «الخليج العربي» – في المملكة على بعد مائة ميل من إيران، التي تعتبرها العائلة المالكة السعودية أكبر تهديد على العالم العربي. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، لماذا اختار السعوديون استضافة القمة هناك؟ لم يوضح أحد السبب لذلك، لكن النقطة السياسية الواضحة هي «الإشارة الوقحة باليد» عبر مياه الخليج. وبالمثل، تتعرض الرياض الآن لصواريخ (إيرانية محسّنة) يطلقها المتمردون الحوثيون في اليمن، لذلك ربما لم تعد آمنة لمثل هذا التجمع الكبير.
وحول جدول أعمال مؤتمر القمة، ليس هناك شك بأنه سيتم ذكر إيران لدورها المشاغب في اليمن وسوريا ولبنان، ولكن وفقاً لوزير الخارجية السعودي عادل بن أحمد الجبير، سيكون التركيز الرئيسي على القدس والفلسطينيين. (أما حول قضية قطر، فيقول إنها لن تُحل هناك).
وقد أعرب العالم العربي عن قلقه البالغ من اعتراف الرئيس ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل – برغم أن الإعلان عن ذلك، على عكس بعض التوقعات، فشل في تأجيج المنطقة. وهناك أيضاً قلق كبير من الأحداث [الأخيرة] في غزة، حيث قام القناصة بإطلاق النار على المتظاهرين الذين حاولوا اقتحام السياج الحدودي مع إسرائيل.
وسيكون الموقف السعودي في هذا الشأن موضع اهتمام بسبب ملاحظة أبداها محمد بن سلمان عندما كان في الولايات المتحدة حيث قال، يجب أن يكون الإسرائيليون قادرين على العيش «في أرضهم الخاصة»، وهي ملاحظة حادت عن الأعراف العربية والموقف الدبلوماسي الرسمي للمملكة. إلّا أنّ تكرار الخط المتشدد السابق لن يُنظر إليه بالضرورة على أنه يقوّض المغازلة الواضحة لمحمد بن سلمان مع إسرائيل. وبدلاً من ذلك، قد يشير إلى أن جامعة الدول العربية والكثير من دول العالم العربي قد فقدت الصلة فيما بينها.
وستشمل بنود جدول الأعمال الأخرى استعراض الشكاوى التي وقعت خلال العقود الماضية – وهي علامة أخرى على أن جامعة الدول العربية نادراً ما تحقق أي شيء. وقد يكون تصاعد التوتر الأخير بين المغرب والجزائر على الأراضي الاستعمارية الإسبانية السابقة في الصحراء الغربية، التي أصبحت الآن جزءاً من المغرب، محاولة متعمدة لضمان [نوع من] الإدانة في البيان الختامي. أو قد يكون ذلك نتيجة استعراض للقوة في الجزائر، حيث أن الرئيس الطاعن في السن عبد العزيز بوتفليقة مُقعد على كرسي نقال. وهذا بحد ذاته وصف مجازي للزعامة العربية: فالزعماء البارزون في الجزائر وتونس وفلسطين والكويت والسعودية والإمارات وعُمان هم إما من كبار السن أو في صحة سيئة أو كليهما.
والسؤال للمستقبل هو متى ستأخذ القيادة الشابة النشطة – والتي تختار نهج المواجهة – والمتمثلة في محمد بن سلمان، وتميم، ومحمد بن زايد، زمام الأمور في النهاية.
*سايمون هندرسون زميل «بيكر» ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.