المحبّة شعراً

الرجال العظام والشخصيات التي صنعت أحداثاً ضخمة وتغييرات كبيرة ، لابد أن تبقى ذكراهم خالدة الى الأبد ، في الافراح والاتراح ، وأن تحتفل البشرية بذكراهم العطرة من خلال عرض أو التمسك بمبادئهم أو ما قدموه للبشرية في شتى المجالات الدينية والثقافية والعلمية وغيرها ، لذا نجد أن المناهج الدراسية لابد لها، ان وجد ذلك، بشكل غير واسع أن تضع أسماء وسيرة أولئك العظام في كتبها ومحاضراتها .

أذكر ذلك وقد مرّت بنا ذكرى الميلاد النبوي الشريف واحتفل كل على طريقته بهذه المناسبة التي غيرّت الكثير من المفاهيم السائدة آنذاك لتزرع المحبّة والسلام والحثّ على العلم والدفاع عن القيم العليا .

لا أستطيع الدخول في تفاصيل شخصية ومبادئ الرسول العظيم محمد (ص) فهناك من كانوا وما زالوا أقدر منّا في الولوج في هذه السيرة العطرة .

ما لفت نظري وأنا أقرأ الكتب المقدسّة والاحاديث الشريفة أن بعض الشعراء اتخذوا نهجاً ليس غريباً على الثقافة والشعر العربي ، وذلك بعدم الدخول مباشرة في الموضوع الذي نظموا قصائدهم حوله ، ولكنهم (زينّوا) قصائدهم بمطالع وأبيات شعرية تتحدث عن الجمال والمحبّة وعندما تقرأها لاول مرة أو تسمعها تعتقد أنها قصائد عاطفية ، ولكن يجري السير على هذا النهج الجميل وصولاً الى الهدف الاصلي وهو مدح الشخصية العظيمة المقصودة وتبيان مآثرها ومديح سيرتها العطرة .

وهنا أخذت من الشاعر الكبير أحمد شوقي مثالاً عن ذلك/ فهو حين ينظم قصيدة عن المولد النبوي الشريف يبدأ بالقول :

سلوا قلبي غـــــــــــداة سلا وتابا                       لعل على الجمال له عتابا

ويسأل في الحوادث ذو صواب                  فهل ترك الجمال له صوابا

 

ويستمر على هذا النهج الجميل حتى يدخل المباشرة في موضوع القصيدة فيخاطب الرسول العظيم (ص) قائلاً:

أبا الزهراء قد جاوزت قدري                      بمدحك بيد أن لي انتسابا

ثم يضع بيتاً شعرياً أصبح مضرباً للامثال في الدين والسياسة وجميع مجالات الحياة الأخرى التي لا يمكن الوصول الى أهدافها إلاّ بالكفاح :

وما نيل المطالب بالتمني                  ولكن تؤخذ الدنيا غلابا

وفي قصيدة أخرى حول الذكرى العطرة يقول :

ولد الهدى فالكائنات ضياء         وفم الزمان تبسّم وثناء

ويحاكي بعض الشعراء قصيدة (نهج البردة ) للبوصيري فيقول :

ريم على القاع بين البان والعلم                  أحلّ سفك دمي في الاشهر الحرم

جهدتها وكتمت السهم في كبدي                 جرح الأحبة عندي غير ذي ألم

وهنا تجد (جمالية) المديح المهذبّ بأختلاط الأيمان مع المحبّة والصدق وبما يجعل القصائد تردد على الالسن في شتى الأعمار ، كما أن بعضها جرى تلحينها واداؤها بشكل جميل ينسجم مع المعاني ، وكان لهذا (المزج ) أثر كبير في رواج مثل هذه القصائد وترديدها …وحتى السمو من خلالها .

 

أمير الحلو

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة