بغداد – الصباح الجديد:
في يوم السابع والعشرين من اذار من كل عام يحتفل العالم بيوم المسرح العالمي، وقد جرى الاحتفال الأول عام 1962، في باريس تزامناً مع افتتاح مسرح الأمم. واتفق على تقليد سنوي يتمثل بأن تكتب إحدى الشخصيات المسرحية البارزة في العالم، بتكليف من المعهد الدولي للمسرح، رسالةً دوليةً تترجم إلى أكثر من عشرين لغة، وتعمم إلى جميع مسارح العالم، لتقرأ خلال الاحتفالات.
تميز طقس كتابة وقراءة الرسالة هذا العام، اذ كلفت خمسة أسماء من العالم لكتابتها، وهنا يكتب مسرحيونا رسائلهم عن المناسبة وما تمثله لهم:
الرائد الكبير سامي عبد الحميد
يوم المسرح العالمي مناسبة عزيزة على قلوب المسرحيين نحتفل بها كل عام كما يحتفل المسرحيون في جميع انحاء العالم وباشراف الهيئة العالمية للمسرح التي كان مقرها في اليونسكو والآن انتقلت الى شنغهاي الصينية بسبب قلة الدعم المادي لها حالها حال المركز العراقي للمسرح، فعندما كان المركز العراقي بخير وعافية كان للاحتفال بهذا اليوم طعم آخر، التكريم كان ماديا ومعنويا حيث يكرم البارزون في الموسم السابق، اما اليوم فمركزنا عاجز عن ان يكرم الفنانين في هذا اليوم.
اذكر اننا كنا نكرم عددا من الفنانين الرواد البارزين كل عام مع تقديم جوائز للأعمال المتميزة حتى انني في احدى السنين حصلت على جائزة افضل عمل عن مسرحية ثورة الزنج، كما فاز الراحل عبد المطلب السنيد بجائزة افضل ممثل عن المسرحية نفسها.
وحسنا تفعل دائرة السينما والمسرح بتقديم ثلاثة اعمال مسرحية متنوعة في اساليبها تحت عنوان (ايام مسرحية عراقية) هي توبيخ، وبانتظار غودو، والسندباد والاخيرة من اعمال خيال الظل «.
ووجه عبد الحميد كلمة للسياسيين قال فيها: « اذا كنتم تحترمون الثقافة فيجب ان تحتفلوا بهذا اليوم لان المسرح، ثقافة البلد وهو يجمع كل الفنون وكل الثقافات».
الفنان الدكتور عقيل مهدي
نحتفي هذا العام كما كنا نفعل في السابق بهذا التقليد الحضاري الذي يكرسه المسرح العالمي في كل ارجاء المعمورة بوصفه رمزا للعرس المسرحي وللثقافة والانسانية بنحو عام، ومن المفرح ان نجد المسرحيين الشباب وهم يتصدرون هذا المشهد بإبداعهم ومواهبهم واصرارهم على التواصل مع التجارب المسرحية العالمية والعربية، ولقد شاهدنا عروضا تستحق التقدير وثمة عروض اخرى اطلعت عليها من خلال التمارين الشبابية قبل العرض، وهي تبشر بالنجاح والتفوق الجمالي والفني، منطلقة من موقف وطني يتفتح على جمهوره بروح خلاقة ومتفاعلة مع آفاق مستقبلية للعراق والعالم برمته.
الفنان هيثم عبد الرزاق
يحتفل كل العالم في يوم المسرح العالمي فالمسرح هو الجذر، قلب الدراما، الانسان، ولهذا فتكرار الاحتفال بهذا اليوم، لأهمية الانسان في كل منطقة من العالم، حيث تكتب الكلمات سنويا من ناشطين ومبدعين ومفكرين، ويؤكدون على اهمية الانسان ومهما تطورت التكنولوجيا فهناك عودة الى روح الانسان واتصاله وتواصله مع الآخر بنحو مباشر، لان التكنولوجيا عادة ما تضع مسافة بين الانسان وبين الآخر هذا من جانب، ومن جانب آخر فالمسرح ثيمة ديمقراطية تتناول حرية الانسان، لان الانسان عندما تغادره الحرية يتحول الى عبد، والانسان بغريزته يقاوم العبودية، والمسرح يدعو الى ذلك، ولهذا فتكرار هذا اليوم والاحتفاء به ضرورة عالمية».
المخرج كاظم النصار
يوم المسرح العالمي مناسبة للتذكير بأهمية المسرح ودوره بالتوعية المجتمعية، وهناك اليوم مساران للحديث عن المسرح، الاول المسار الذي يتعلق بنا كفناني مسرح مازلنا متواصلين، وهناك عروض نوعية ومشاركات خارجية، والمسرح يتقدم ويتطور، واحيانا يتراجع وذلك بسبب الظرف الاقتصادي والأمني، المسار الثاني يتعلق بالحكومة فعليها تعهدات تجاه المسرح، منها بناء بنى تحتية للمسرح، فلا يكفي مسرح واحد واعني بكلامي المسرح الوطني، عليها ايضا ان تؤكد موضوعة التمويل المنظم للمسارح والعروض، وان تكون لديها رؤية استراتيجية تجاه المسرح، وان تجتهد لإقرار قوانين لرعاية الفنانين والادباء وصيانة الحريات.
الكاتب سعد هدابي
«في غمرة زمن مأزوم .. الامس الشريد من قواميس ابجدياتنا كان المسرح يتنفس من خلال احتفاءات يتيمة في العقول والضمائر .. ليس ثمة فرح مسرحي .. فالسحب الماطرة تكاد تغرق الخشبات .. وكنا ننشد مواويل قهرنا .. ونبتكر لغة مشفرة لنديم نسق العلاقة مع خطابنا.. احتفاءات نضيء بها عتمات كواليس سيدنا المبجل الذي غادر احضانه الدافئه أولاده نحو بقاع المعمورة.. وكبرت المسافات .. وتباعدت الأحلام التي نسجتها خيالات جيل امتهن الخسارات .. ومع ذلك كنا نوقد الشموع في فضاءات مسرح منحنا أحقية الوجود .. مسرح راهن علينا .. وآمنا بشرائعه .. وطقوسه .. وحملناه جرحا .. ونهجا .. وسبيلا حتى انفرجت أيامنا .. عناقات مختلفه … وعهود .. وسفر بلون الحرية .. بطعم الحكايات .. وهانحن نرسم من جديد خارطة الانعتاق ليتنفسنا المسرح احرار .. يمسد على افكارنا .. ويدعونا .. انها حكاية قد تبدو هي الأقرب الى الغرابه.. لكنها بالنهاية انتجتنا من جديد .. صرنا نباهي الغابر من الايام بحداثة زمن مسرحي باسق الالق والرفعة .. كل عام تحتفي المدن وتشعل البخور لتطرد شياطين القهر والتغييب وتخط أيقونة تليق بمقام سيدنا المبجل احتفاء بالانسان الذي ولد بين يديه
ومسرحيونا الذين في الغربة كتبوا أيضا رسائلهم عبر الصباح الجديد.
نضال عبد الكريم – كوبنهاغن
كتبت هذا العام الممثلة والكاتبة المسرحية الأوغندية (جيسيكا كاهوا) كلمة يوم المسرح العالمي، ومما جاء فيها «من العجب ان نرتهن الى الهدوء في مثل ازماننا هذه، ونحن ندرك سلطة المسرح، فنسمح لمسخري البندقية وقاذفات القنابل ان يكونو حفظة السلام في عالمنا. كيف يمكن لادوات الاغتراب ان تضاعف وجودها كأدوات للسلام والتصالح ؟ انني احتكم في هذا اليوم العالمي للمسرح للتفكير في هذا الاحتمال وان تضعوا المسرح في المقدمة كأداة عالمية للحوار والتحول الاجتماعي والإصلاح، وبينما هيئة الامم المتحدة تنفق مبالغ هائلة في بعثات حفظ السلام حول العالم من خلال استعمال الأسلحة، فان المسرح هو الشكل الانساني والعفوي والاقل تكلفة، وهو البديل الاكثر قوة في كل الاحوال». ومسرحنا العراقي من يوم تأسيسه كان ينحو هذا المنحى، رسالته واضحة وضوح الصدق في نوايا وارواح الذين اشتغلوا وقدموا عصارة جهودهم من اجل ان يرتقوا بوعي المواطن العراقي، واليوم نحن محتاجون اكثر الى تعزيز دور المسرح في مجتمعنا العراقي، لما يمر به من متغيرات اجتماعية واقتصادية وسياسية تؤثر بنحو كبير على مستقبل بلادنا وعلى الاجيال القادمة بنحو خاص، لهذا يجب ان يتركز عملنا كمسرحيين على تقديم ما هو نافع ويزيد من الوعي المجتمعي. وعلى الجهات الحكومية ان تقدم كل الدعم الى العاملين في هذا المجال وان تزيد من انشاء المسارح وتنشيط دور الشباب في هذا المجال من خلال تقديم جميع التسهيلات لهم للدراسة في المعاهد الفنية مثلما مطلوب منا نحن المسرحيين العراقيين ان لا نركن الى العجز وننتظر (غودو)، ان مهمتنا صعبة بالتأكيد، ولكن رسالتنا لكي تصل لابد لنا من العمل والعمل المتواصل لكي يعود لمسرحنا رونقه ودوره في بناء مجتمع خال من العنف..
احلام عرب – لندن
كمسرحيين يحق لنا الاحتفال بهذا اليوم فهو الذي وحد هويتنا الإنسانية لتكون رسالتنا متشابهة في كل انحاء العالم، غايتها اسعاد الانسان سواء عن طريق وعظ او حكمة او رقص وغناء، مسرح يحلق بالانسان بعد رحلة مضنية، وكل ذلك من خلال التمثيل، التمثيل مهنة وجدت للأرواح السامية والنبيلة، فالممثل يلخص سير حياتية لشتى الشرائح كالملك والشحاذ ..الكاهن والسمسار .. الجماد والنبات والحيوان، وكل ذلك بتجرد تام، الممثل عليه ان ينزف ذاته يوم العرض ليشخص حاله معينة، واحيانا يقترح البديل، كم انا محظوظة عندما حباني الخالق بنعمة المسرح.
صالح حسن فارس – هولندا
«أحتفل المسرحيون في كل العالم بيوم المسرح العالمي، وبهذه المناسبة أود أن اشارك زملائي الفنانين المسرحيين العراقيين احتفالهم بهذا اليوم، وأتمنى أن تصبح لغة المحبة بدل لغة العنف والقتل والدمار ونبذ الحروب في العراق والعالم.
المسرح في العراق غني ومتنوع، وله نشاطاته المميزة وله تجارب رائدة، منذ الستينيات وحصوله على جوائز في المهرجانات العربية. هناك طاقات شبابية تبشر بالخير. يمر المسرح في العراق بانعطافه كبيرة وهو بحاجة إلى أرض خصبة ومشاهدات مسرحية غربية كثيرة، والتخلص من الصراخ والندب والعويل، والحرص على المشاركة في المهرجانات العربية. نحن محكومون بالأمل كما يقول الفنان سعد الله ونوس». «المسرح الهولندي مسرح متطور عريق ذو تاريخ طويل، يمتد إلى ما يقارب أربعة قرون (يـُؤرخ للمسرح الهولندي عادة بعام 1638 عند افتتاح أول قاعة مسرح في أمستردام، قـُدمت فيها مسرحية «خايسبيرخت أمستل» للشاعر الهولندي يوست فوندل) فرق كثيرة، اتجاهات فنية متنوعة، جرأة كبيرة في طرح جميع المواضيع من دون تابوهات، كما يسعى دائما إلى كسر المألوف والسائد في عروضه المسرحية التي قطعت شوطا طويلا في الحداثة والتجريب، سيما تعدد المدارس والمناهج المسرحية الحديثة، وأرسى تقاليد ثقافية واجتماعية بدءاً من طقوس دخول الجمهور وأنتهاءً باسدال الستائر، وخلق قاعدة واسعة حيث يتسابق الجمهور لحضور العروض الجديدة وتنشغل الصحافة بالكتابة عنها، ويسعى المسرح في هولندا إلى أن يتخذ له أسلوبا خاصا به، التقشف في السينوغرافيا، والتعامل مع التقنيات المسرحية والتكنولوجيا الحديثة، أقصد بذلك الدقة المتناهية في التعامل مع التقنيات المسرحية والسينوغرافيا، والتركيز على الجانب البصري والجسدي والابتكارات الجديدة في الموسيقى واستعمال الإضاءة واللون والاشتغال على النص الكلاسيكي بطريقة معاصرة في الاداء والمضمون، إلى جانب النصوص المحلية والعالمية الحديثة».
عصمان فارس مخرج وناقد – السويد
لن تغادر ذاكرتي مدينتي ووطني خشبة المسرح، وقدسية بروفات المسرح، واهلها ملائكة المسرح يغردون مثل العصافير، يسكنون شغاف القلب طيبة واصالة وحب ومودة، والله يرحم من غادرنا والحياة الحرة للجميع. المسرح عبارة عن وطن كيف ننقل هموم الناس الى هذا الوطن الصغير الذي إسمه المسرح ؟ فاالخطاب المسرحي يبدأ من مخاطبة وعي الجمهور وخلق مسرح مثقف يثير وعي الجمهور ويحرك الشارع وفي زمن الحروب والموت المجاني وكبت الحريات والاحتلال والجوع تبدأ وظيفة الفنان على عكس ونقل صورة الواقع، تعال أيها المسرح أنقذنا من جحيم الحروب والجوع والقتل والكراهية والعنصرية والطائفية، تعال أيها المسرح وامنحني أوكسجين الحب والحرية وبصيص الامل والانعتاق من سلاسل العبودية .تعال أيها المسرح وامنحنا معنى الحياة والوجود والانتماء الى العالم المتحضر عالم بلا حروب بلا فقر بلا جوع ..كلنا نحلم بيوم جديد.
المخرج سلام الصكر – السويد
نحن من يمتلك الوعي وليس غيرنا، اي مشاعر تتلبسني الليلة وانا بانتظارك وانا المجنون بحبك كل هذه العقود..ماذا يحدث؟ وماذا تريد ان تخبرني الليلة ؟ ماذا عن اساتذتي والمبدعين الذين رحلوا ؟ هل سيسمح لهم بلعب ادواهم ام منعوا ؟ وماذا عنا ومتى يودعنا الاخرون؟ عن ماذا نتحدث ؟ وماذا ننشد ونحب لنا وللآخرين؟ هل كنا نلعب عليها ونتخفى بين ستائرها ام كنا جادين وصلبين كحجارة جبالنا؟ اي شجاعة واي بطولة بل اي جنون ان تسلم الارواح براحة اليد كما فعل دريد إبراهيم، وحسن حنيص المالكي، وشهيد عبد الرضا، والاخرون. نحن من يرسم حياة الملوك والزعماء والعامة، ونحن من يوزع ادوارهم، وما تؤول اليه بل نحن من ينطقها الكلمات والجمل ونعبئها بالمشاعر حقيقة كانت ام مخادعة، نحن من يمتلك الوعي وليس غيرنا، اي خشبة تلك التي احرم عقلي من النطق باحلام الناس البسطاء، اي خشبة تلك التي لا اعتليها من من دون اجر او مكافاة منهم، مادّا يدي كالمتسول لمن انا صنعتهم ليحكموني بلا ستائر ولا براقع، الحقيقة كلها، كونوا ما شئتم، ستزولون وستبقى الشوارع والحارات وازقتها وناسها الطيبون واحلامهم البسيطة والجميلة..