بكّين: الحل لأزمة الرسوم هو الحوار

الصين والاتحاد الأوروبي بصدد إجراءات ردّ تجارية
الصباح الجديد ـ وكالات:
تقابل الاستعدادات لاتخاذ إجراءات مضادة من جانب الاتحاد الأوروبي والصين للرسوم الأميركية على الصلب والألمنيوم، رغبات في تغليب الحوار للتوصل إلى حلّ ينفع مصالح جميع الأطراف. إذ أبلغ رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ، على وفق ما نقل التلفزيون الرسمي، إلى مشرعين أميركيين يزورون بكين، أن الصين «تسعى إلى إجراء حوار مع الولايات المتحدة بشأن التجارة»، من دون أن تغفل في المقابل «استعدادها لحرب تجارية».
وفي لقطات عرضها التلفزيون الحكومي الصيني، أمل لي في لقاء مع أعضاء من مجلس الشيوخ الأميركي، في أن «تسلك الولايات المتحدة مسلكاً عقلانياً في التجارة، والعمل مع الصين في اتجاه إيجاد حل مشترك».
وكان لمديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد موقف في هذا الإطار، إذ استبعدت في حديث إلى صحيفة «ريبوبليكا» اليومية الإيطالية، أن «توقد مواقف» ترامب «شرارة حرب عملات». وقالت «لا نتوقع أخطاراً من هذا النوع».
وتنطوي إجراءات رد تجارية قد تتخذها الصين والاتحاد الأوروبي إزاء منتجات أميركية، على أخطار سياسية بالنسبة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مع اقتراب موعد انتخابات منتصف الولاية، في حال استهدفت ولايات صوّتت له عام 2016.
وأوضحت خبيرة التجارة الدولية لدى «معهد بيترسون للاقتصادات الدولية» مونيكا دي بول، أن «إجراءات الرد الصينية ستشمل في كل الأحوال، الولايات الزراعية والمعروفة بولائها للجمهوريين».
وكشفت بكين عن لائحة تضم 128 منتجاً أميركياً، تشمل تحديداً فاكهة ولحوم خنزير، ستفرض عليها رسوماً جمركية تتراوح بين 15 و25 في المئة، في حال فشلت المفاوضات الجارية مع واشنطن. وستكون هذه الإجراءات رداً على الرسوم الأميركية على الصلب والألمنيوم التي دخلت حيز التنفيذ الاسبوع الماضي، وعلى تهديد ترامب بفرض ضرائب إضافية على ما قيمته 60 بليون دولار من الواردات الصينية.
وأعدّ الاتحاد الأوروبي أيضاً، لائحة بضرائب محتملة على عشرات المنتجات الأميركية من بينها التبغ ومشروبات والرز وعصير البرتقال وزبدة الفستق ودراجات «هارلي ديفيدسون» النارية، التي تشمل ولايات حساسة سياسياً.
وتجري واشنطن حالياً مفاوضات مع بكين وبروكسل. وكتب ترامب في تغريدة مساء أول من أمس، «المفاوضات التجارية جارية مع دول كثيرة، لم تتعامل بإنصاف مع الولايات المتحدة على مدى سنوات طويلة»، إلا أنه أكد أن «الجميع سيكونون مسرورين». لكن دي بول حذّرت من احتمال الفشل، لأن «الصين يمكن أن تلجأ إلى الذخيرة الثقيلة وتستهدف الصويا»، التي يمكنها استيرادها من البرازيل تحديداً. ويُعدّ العملاق الآسيوي اليوم المستورد الأول للصويا الأميركية في العالم، ومصدر أكثر من ثلث الاستهلاك الداخلي من الصويا هو من الولايات المتحدة.
وإذا تجسدت إجراءات الرد، فسيكون صعباً على ترامب كسب تأييد ناخبين في عشر ولايات، من بينها ايلينوي ومينيسوتا وكنساس، التي تعتمد على تصدير الصويا إلى الصين. وأعلنت بكين، ضريبة محتملة نسبتها 25 في المئة على وارداتها من لحم الخنزير الأميركي، ما يشكل ضربة قوية لولاية أيوا، وتحدياً انتخابياً في تشرين الثاني المقبل، لأن هذه الولاية انتقلت إلى التصويت لمصلحة ترامب، بعدما أيدت الرئيس الديموقراطي السابق باراك اوباما في الاقتراعين السابقين.
ويمكن الناخبين الذين أيّدوا ترامب في 2016، اللجوء أيضاً إلى الامتناع عن التصويت في الخريف المقبل، ما يزيد الغموض بشأن ما ستؤول إليه نتيجة انتخابات منتصف الولاية في السادس من تشرين الثاني المقبل.
في هذا الإطار، لفت الخبير لدى مجلس العلاقات الخارجية ادوارد آلدن، إلى أن «ترامب سيبذل كل الجهود لتفادي» إجراءات رد من الصين أو الاتحاد الأوروبي، خصوصاً أن استهداف منتجات من ولايات حساسة سياسياً، أبدى نتائجه في الماضي.
إذ اضطر الرئيس الأسبق جورج بوش الابن في 2002، إلى وضع حد لخطط بالرد بشأن الصلب، بعدما اتخذ الاتحاد الأوروبي إجراءات على وارداته من برتقال فلوريدا. إذ كانت عليه مراعاة الناخبين في هذه الولاية، التي فاز فيها في ولايته الأولى بفارق لا يتجاوز بضع مئات الأصوات. وأورد السناتور الجمهوري من ولاية أيوا تشاك غراسلي، مثالاً آخر، هو الحظر الذي أعلنه الرئيس جيمي كارتر على صادرات الحبوب الأميركية إلى الاتحاد السوفياتي سابقاً، والتي أدت إلى «تراجع فوري» بنسبة 10 في المئة في عمليات التسليم إلى ولايته.
وأضاف غراسلي الاسبوع الماضي متوجهاً إلى ممثل التجارة الأميركي روبرت لايتهايزر، «كان ذلك قبل 38 عاماً، لكن الأمر لا يزال راسخاً في أذهان جميع المزارعين».
لكن السياق مختلف بالنسبة إلى ترامب، لأن فرض ضرائب على منتجات صينية وواردات الصلب والالمنيوم، هو تنفيذ لوعد انتخابي بالتصدي لممارسات تجارية «غير عادلة» من قبل شركاء الولايات المتحدة. وحرص الرئيس ومستشاروه حتى الآن على التشديد على المصلحة العامة، أي انقاذ الصناعات والوظائف الأميركية.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة