كلب الماء العراقي يعود بعد 24 عاماً من الغياب

إعداد – زينب الحسني:

يواجه كلب الماء العراقي (ماكسويل) النادر خطر الانقراض بسبب الصيد الجائر وجفاف بيئته المائية والتلوث.
اكتشف كلب ماكسويل من قبل العالم البريطاني كفين ماكسويل عام 1956 في هور الحويزة بمحافظة ميسان جنوبي العراق.
ونشر موقع «بي.بي.سي» العربية تقريرًا عن كلب الماء العراقي النادر، «ماكسويل»، الذي يواجه خطر الانقراض بسبب الصيد الجائر وجفاف بيئته المائية والتلوث.
وتم الكشف خلال الأيام الأخيرة عن لقطات حصرية لـ «ماكسويل « على مسافة قريبة، بعد نحو 24 عامًا على آخر ظهور له في الأهوار العراقيّة.

نبذة عن (ماكسويل)
كلب الماء الاسم العلمي maxwelli حيوان سومري جميل ونادر عاش في أهوار، العراق منذ آلاف السنين اسمه (القندس) وجمعها (قنادس).
وهناك رأي يقول بأنه ثعلب من أصل أوروبي وهذا الرأي مرفوض من بعض المتخصصين العراقيين رفضاً قاطعاً، فكلب الماء او (جليب الماي) بالعامية يشبه (القطة) ولكنه أكبر منها حجماً بكثير، رأسه مدور وذيله غليظ ونهايته مدببة وطوله أكثر من متر، أسنانه حادة وأصابعه ملتصقة بغشاء رقيق يساعده على التجذيف والسرعة الفائقة يكسو جلده الفرو الناعم والثمين ويستعمل لصنع الملابس الفاخرة يجيد الصيد والسباحة والغطس لمسافات طويلة يطلق صفيراً عند خروجه من الماء. يتواجد في الأهوار النائية الموحشة والتي يصعب على الإنسان الوصول اليها ليكون في مأمن من الصيادين والأخطار التي تهدده يجعل من الجزر الطافية والصغيرة مقراً للاستراحة بعد عودته من الصيد..

أين يتواجد؟
الأهوار التي يتواجد فيها هي : (زجري، السناف، الجكة، أم الزرازير، الصحين، العكر، الكباب، أم الزوري، أم البني، أم نعاج، الصيكل) وغيرها يتخذ من الممرات المائية ذات التيار القوي (الكواهين) ملعباً للسباحة والصيد ويحبذ الأسماك الصغيرة أما الأسماك الكبيرة فيصطف معها ويقطع زعانفها الأمامية والخلفية حتى يشل حركتها فيقتلها ثم يسحبها بأسنانه إلى الجزرة التي تتواجد فيها أنثاه وصغارها الجياع، الذين هم بانتظاره.
يتكاثر في شهر شباط من كل سنة وقد تلد الأنثى أكثر من جرو وهناك تفاهم وتحابب ومودة بين الذكر وأنثاه ولا يفارقها مطلقاً إلا في الأيام الأولى للولادة فتبقى الأنثى مع صغارها لتعتني بهم وتعلمهم السباحة والغطس والصيد وتحرسهم من الأخطار التي تهددهم، ويذهب الذكر ليوفر لهم قوتهم اليومي من الاسماك حتى تكبر الجراء وتصبح كلاباً وتعتمد على نفسها في العيش والتزاوج.

الأهوار
وقد يعثر سكنة الأهوار وبطريق الصدفة على بعض الجراء الصغيرة فيربونها داخل البيوت وهذا نادرا ما يحصل ولكن الرحالة البريطاني (كافن ماكسويل) مؤلف كتاب (قصبة في مهب الريح) وخلال جولاته في الأهوار عام 1954، حصل على جروين صغيرين وذيلهما بطول قلم الرصاص فسماهما (كحلاء ومجبل) الأول توفي بالحمى والثاني اخذه معه إلى لندن وعاش فيها عدة سنوات.
(خضع مجبل) إلى دراسات أوروبية متخصصة بعلم الحيوان فظهر بأنه حيوان لا يوجد من نوعه في العالم وليس له اسما علميا فسماه (مكسو يلي) أي بدل وبينما كان مجبل يتجول في ريف لندن دهسه سائق اسكتلندي بطريق الخطأ فمات. هكذا كانت نهاية مجبل (جليب الماي) الموت في ديار الغربة بعيداً عن أهواره وأخوته (القنادس) ودفن في ضواحي لندن.

الصيد الجائر
يتعرض (جليب الماي) إلى القتل والإبادة من قبل صيادين ماهرين محترفين يطلق عليهم (الرماية) متخذين من صيده هواية أو للكسب المادي لان جلده من الفرو الغالي وله تجار متجولون يسمون (الصفاطة).
يعد صيده مجازفة وفيه من الخطورة على الصياد لأنه يبقى أياما وليالي في عمق الأهوار المخيفة وينام ليلاً بين أحراش القصب الكثيف بزورقه الصغير المدبب الذي لا يزيد طوله على الستة أمتار ويسع لشخص واحد فقط والصياد له خبرة ودلالة كافية بأماكن تواجد الكلاب.
عندما يعثر على أثر له في الجزرة كالبراز مثلاً يعرفون بأن الكلب في رحلة صيد وسيعود، فينصبون له كميناً بين القصب وبعكس أتجاه الريح لأن الكلب له حاسة شم قوية فعندما يشم رائحة الإنسان ينهزم وقد يبقى الصياد ليلة كاملة بانتظاره وحين يسمع صفيراً يتهيأ لقتله وفي اثناء صعوده وأنثاه إلى الجزرة يطلق النار عليهما فيقتلهما هو وأنثاه من بندقيته التي تسمى (جعازة) التي تعد هي وبارودها ورصاصها محلية الصنع .
وبعد قتلهما يقوم بذبحهما وسلخ جلدهما فوراً والاحتفاظ بهما وقد يشاهدهما الصياد نهاراً فيتسلل اليهما بين القصب ويقتلهما وبعد عودة الصياد إلى بيته يملأ الجلود بالقصب والبردي وتصبح وكأنها كلب حقيقي أي تحنيطه حتى لا تتقلص الجلود ويتركها لتجف وفي بعض الاحيان يعثر صيادو الأسماك على الكلب فيقتلونه بالفالة ولكنها تمزق الجلد فتقل قيمته.

تجفيف الأهوار
بعد تجفيف الأهوار عام 1992 الذي يعد أكبر كارثة بيئية واقتصادية واجتماعية وثقافية شهدها العالم في عصرنا، أصبحت صحراء قاحلة لا نبات فيها ولا ماء وهاجر أهلها من قراهم العائمة إلى المدن، فتعرضت جميع الأحياء المائية إلى الإبادة التامة ومنها (جليب الماي) حيث ماتت مجاميعه من العطش والجوع وما تبقى من هذه الكلاب لم نعرف مصيرها وهل هاجرت إلى الأنهر القريبة؟
ذكر أحد الصيادين قبل ثلاث سنوات بأنه قتل جرواً في مياه شط العرب قرب جزيرة (أم الرصاص) وهذا ما يدل على هجرته هناك لوفرة المياه والاسماك.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة