اطلبوا العلم ولو في الصين

احتياطي النقد الأجنبي للصين كان في عام 1970 حوالي ملياري دولار، واليوم هو أكثر من ألفي مليار دولار.
وفي الصين، حيث كان الأطفال يحلمون بإصبع من الشوكولاته، ناهيك عن المدرسة، هناك الآن 400 مليون مواطن في عداد الطبقة الوسطى، ما أعطى أبناءهم الفرصة لولوج أرقى الجامعات.
بغض النظر عن طبيعة النظام الصيني، لابد من الاعتراف بالقفزة الكبيرة التي حققها في مجال التعليم، وتحسين نوعيته، ووضع الأهداف الستراتيجية لتطويره على مدى الخمسين عاماً المقبلة. وقد حسم الأمر لتكون البلاد ثاني أقوى قوة في العالم، عندما بدأ الاستثمار في التعليم، ونقل المعرفة ووسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة.
ومما يتم تناقله من أخبار أن إبنة الرئيس الصيني درست في “هارفارد” تحت إسم مستعار، ربما لدواعٍ أمنية، لتحصل على أفضل تعليم من هذه الجامعة التي تعد الأولى أمريكياً.
لدينا نموذج آخر أعتقد جازمة أنه يسير في آخر الركب العالمي ليس على صعيد التعليم وحده بل على جميع الأصعدة.
لقد أهدرت الحكومات المتعاقبة منذ 2003 جميع الفرص للارتقاء بالتعليم في مختلف مراحله، سيما الجامعي منها، مثلما أهدرت مئات مليارات الدولارات في صفقات مشبوهة، وكان آخر ما تفتقت عنه عبقرية الوزارة المختصة منح كلٍ من الوقفين السني والشيعي حق تأسيس كليات خاصة بما في ذلك كليات الطب والصيدلة، في وقت تتوالد فيه الكليات والجامعات الأهلية، وعلى إمتداد خارطة العراق، بسرعة توالد الأرانب حتى لم تبق مدينة من المدن خالية من كلية أو جامعة !!
ووفقاً لإحصاءات بحوزتي تعود لسنوات قليلة، هناك 24 جامعة تتراوح بين مشكوك في مستواها إلى جيدة. وبعضها رسمي يتبع مناهج الدولة التعليمية، وبعضها ينتمي إلى مؤسسات دينية مغلقة، والبعض الآخر جامعات أجنبية لم تتأكد قيمتها الحقيقية.
كان للعراق واحد من أرقى نُظم التعليم في العالم، وكاد في لحظة تاريخية أن يتخلص نهائياً من الأمية، لكن الحروب، التي شُنت زمن الدكتاتورية في كل الاتجاهات، منذ منتصف السبعينات، دمر البنية التعليمية، فيما أجهزت أحزاب الإسلام السياسي على ما تبقى من هذه البنية المتدهورة، وضاعف من تدهورها الصراع بين الدرس الأصولي ومفهوم التعليم الحر والمفتوح للجميع.
وبينما يستمر هذا الوضع المقلق، يتلقى الأطفال في المناطق الفقيرة تعليمهم في صفوف من طين أو من سعف النخيل، وبعض هذه الصفوف من دون مقاعد، ويتجاوز عدد التلاميذ في الصف الواحد الخمسين تلميذاً، والنتيجة…. مزيج من التسرب، وعمالة الصغار، والافتقار الكامل إلى المرافق التعليمية الضرورية.
يبدو أن علينا العمل بالحكمة النبوية: اطلبوا العلم ولو في الصين.
فريال حسين

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة