عُزلةُ الذِّئْبِ

أحمد بخيت

رجلٌ سوايَ
يعيش تحتَ ثيابي
فإلى متى “ستغازلينَ”
غيابي؟

عِنْدِي مِنَ الألقابِ
ما يُغرِيكِ بِي
فتخيَّرِي ما شِئْتِ منْ ألقابِي

أيْقُونَةَ الأحزانِ
سلطانَ الرُّؤَى
ملِكَ الخُرَافةِ
صائدَ الألبابِ

أمَّا عنِ اسمِي الخاصِّ…
لستُ أُبِيحُهُ
إلاَّ لأُنْثَى
لاَ تَجِيءُ لِبَابِي

أنا أشتهي الأُنثَى
التي لا تَنتَهي
حتى أواجهَ صَحْوَها
بِضَبَابِي

لاَ شأنَ لِي بالحُبِّ
ما شأنِي بِهِ؟
أنا خارج مِن جَنَّةِ الأحبابِ

الحُبُّ
لَنْ يأتِي إلى مِيعَادِنا
والشِّعْرُ
آخِرُ صخرةٍ لِمَتَابِي

لا تَرْقُبِي مَطَرِي
فقبلَ لقائِنَا
أهرقتُ في الصحْرَاءِ
صفْوَ سَحَابِي

قلبي الذي رقصَتْ
على نبضَاتِهِ
عشرونَ أُنثَى
مُغلَقُ الأبوابِ
ودَّعْتُ نصفَ العُمْرِ
نِصْفَ متاهَتِي
وَغَسَلْتُ كَفِّي منهما
وثيابي

الحُبُّ معركَتِي التي ما خُضْتُها
إلاَّ لأخسِرَ
كبرياءَ شَبابي

لاَ شأنَ لِي بالحُبِّ
ما شأنِي بِهِ؟
أنا خارج مِن جَنَّةِ الأحبابِ

لا مجدَ في الكلماتِ
لا تتوقَّعِي
أن تدخُلِي التاريخَ عَبْرَ كِتابِي

أَنَا أَبْتَرُ الأحلامِ
لا تاريخَ لِي
لا شوقَ
لا نسيَانَ
في أهدابِي

فلنترُكِ القاموسَ
ولنذهبْ معًا
رجلاً وأُنثَى
خارجَ الإعرابِ

الشِّعْرُ أرملَتِي التي ضاجعتُها
عشرينَ عامًا
دونَمَا إخصابِ

هذا الغناءُ الفَذُّ كان فَجِيعَتِي
وجريمَتِي
أنِّي أضأْتُ تُرَابِي

لاَ شأنَ لِي بالحُبِّ
ما شأنِي بِهِ؟
أنا خارج مِن جَنَّةِ الأحبابِ

هل تعرفينَ الذِّئْبَ؟
هل قاسَمْتِهِ
ليلَ الفلاةِ
برُعْبِها الخَلاَّبِ؟

إنِّي أنا الذِّئْبُ العجوزُ فحاوِلِي
أن تلمَحِي في بَسمَتِي أَنْيَابِي

أن تسمعِي صَمْتِي
وأَنْ تتنفَّسِي لُغَتِي
وأَنْ تتفهَّمِي أسبابِي

أن تقرئي جسَدِي
بغيرِ إدانَةٍ
وتطالِعِي رُوحِي
بغيرِ عِقَابِ

لا رمْلَ في الصحْرَاءِ
لا نِيلٌ بوادِي النِّيلِ
لا امرأَةٌ بحجمِ عَذَابِي!!

لاَ شأنَ لِي بالحُبِّ
ما شأنِي بِهِ؟
أنا خارج مِن جَنَّةِ الأحبابِ

في عزلة الذئبِ العميقَةِ
لَمْ أجِدْ
ما يُشبِهُ الأصحَابَ في الأصحَابِ
صادقْتُ ظِلِّي
واتَّكأتُ على دَمِي
وأكلتُ جُوعِي
واحتمَيْتُ بِنَابِي

الأصدِقَاءُ…
الأصدِقَاءُ تَعَاهَدُوا
أنْ يبدؤوا ميلاَدَهُم
بِذَهَابِي

شربُوا نبيذَ الحُبِّ
فوقَ موائِدِي
لم يشكُرُوا كأْسِي
ولا أعنَابِي
أحببْتُهُمْ فرحًا
أحَبُّوا دمعَتِي
فتركتُهُم يتناهَبُونَ
سَرَابِي

لاَ شأنَ لِي بالحُبِّ
ما شأنِي بِهِ؟
أنا خارج مِن جَنَّةِ الأحبابِ

أنا مُنْذُ كاشَفَنِي التُّرَابُ
بِسِرِّهِ
أَتَقَبَّلُ الدُّنْيَا
بغيرِ عِتَابِ

أمشي على فرحي
بنشوةِ واصلٍ
وأقابِلُ الأحزانَ
بالتَّرْحَابِ

ألقيتُ قُفَّازِي
بِوَجْهِ مشاعِرِي
وشربتُ فوقَ رمادِهَا أنْخَابِي

للنَّاسِ أُلْفَتُهُمْ
ولِي بَرِّيَّتِي
ولِيَ الذَّهَابُ إِلَيَّ
دُونَ إِيَابِ

عَمَّا قليلٍ
سوفَ أبلغُ موطنِي
وأُضيءُ محترقًا
كأَيِّ شِهَابِ

لاَ شأنَ لِي بالحُبِّ
ما شأنِي بِهِ؟
أنا خارج مِن جَنَّةِ الأحبابِ

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة