بدرية

سمرقند الجابري

بدرية حمامة شارعنا زفت الى غرابهم، لتتحول الى ارنبة بلا منازع، واشباه الرجال لا يفتحون بيوتا، بل يفتحون نحو جهنم الابواب على مصراعيها…. فماذا تفعل ارنوبة؟
انها تعد الخبز لأربعة مطاعم في يوم واحد ،وتربي دجاجاتها لأجل لحمها والبيض لأفراد الفيلق الاول اولادها، وله ان يتسكع في المقاهي، ويهرب الى شاطيء دجلة ليصطاد لنفسه فقط، فأذا طالبته بدفع اجور الكهرباء على الاقل ، سترفع ستارة المسرحية التي تسمى (إجلبوا النفط) ليدلقه عليها ،ويزبد غضبا بانه سيحرقها قبل الله في الدنيا .
منذ سنوات زواجهم الاولى وهو يقيم في بيت امها ويسبهم في عقر دارهم، ذات شجار طردته امها لتلقنه درسا في الادب فحطم لها زجاج البيت ورمى بدرية في الشارع مطلقة.
ماتت ام بدرية، وتقاسم حقد الاخوة الارث، فحرموا بدرية لأنها عار العائلة (مُطلقة) والقانون لا يحمي المغفلات، وعندما فتحت نصف فمها في البكاء عند الصلاة، حطم اخوها تنور الخبز، فصارت ارض الله مغلقة، بلا جهات أربع، لتضيق أكثر.
بحثت عن بيت زوجها وتأكدت بانه غير موجود، طرقت الباب، قبلت الايادي وصاروا يخفونها تحت سرير اختهم الكبرى في آخر غرفة من غرف الدار المستأجرة، في حي كانت البالوعة أنظف منه، فعند كل طرقة على الباب تقفز ارنوبة الى بيتها تحت السرير كاتمة انفاسها، تحبس في ليالي الشتاء بولها كي لا تخرج من الغرفة فتقع بين يديه، أبشع ازماتها عندما اصيبت بالسعال فكانوا يكثرون من طي مناشف الحمام فوق وجهها كي لا يسمعها.
كلما انشغل الاولاد عنها تهرع، الى بيت الجيران تتصل بي، يأتيني صوتها الحزين لتطلب بعض المال لتفرحهم بالفاكهة او الحلوى، وكل ما تريده من الدنيا، كيس حناء لضفائرها التي هجرها الليل، واعطاها تجاعيد وردية غائرة مبكرة.
بدرية سقطت اسنانها من ضرب الاهل، أوصتني قبل ذهابي لبيت الله بزجاجة عطر، عدت من مكة لاعرف بانه امسك بها ذات صباح واحرقها في باب البيت، قال الجيران بأنها كانت تنادي اطفالها وهي تحترق:
:-» قولوا للحاجة ان ترش العطر على قبري، فأنا لم أأخذ من كل الدنيا شيئا «.
* قصة قصيرة..اهديها لامرأة مظلومة عرفتها
من مجموعتي القصصية الاولى #دبان_صغيران

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة