قضاة انتقدوا استعمال مواد رديئة وغير فعّالة
متابعة الصباح الجديد:
أسهمت وسائل الإعلام بنحو كبير في الترويج لِعمليات التجميل وانتشارها وتعزيز فكرة الجمال والتغيير وملاحقة الصرعات والموضة وغيرها، ما ادى الى ضحايا كثر لهذه العمليات.
هذا وقد شهدت بغداد ومحافظات أخرى افتتاح العديد من مراكز التجميل ذات التسميات والاختصاصات المتعددة، وبنحو غير مسبوق، وهي عادة ما تستميل الزبائن بدعايات مبهرة، الأمر الذي طالما حذر منه مختصون.
وهنا يجب تسليط الضوء على خطورة انتشار هذه العمليات التي كانت قديمًا من الكماليات في الحياة، ولا يجوز التهاون بها.
الدكتور علي غالب يقول: بات الانتشار لهذه العمليات واضحاً جداً، وان من يقول ان عمليات التجميل رخيصة ومتاحة للجميع فهو على خطأ، ان اسعارها مكلفة وغالية وسبب ارتفاع الأسعار لعمليات التجميل أجور الاطباء الاختصاص وسعر الاجهزة وارتفاع بدل الايجار، اضافة الى ارتفاع الأسعار واجور الأطباء الذين يقومون بمثل هذه العمليات المكلفة والخطيرة في الوقت نفسه.
وزاد غالب: نود ان يكون الدور الذي تقوم به وسائل الأعلام هو التوعية من خطر هذه العمليات التي قد يكون الموت من بينها وعلينا ان لا ننسى أن الاعلام أسهم بزيادة ورواج ظاهرة اجراء عمليات التجميل فيما لم يكن هناك تركيز على خطورتها.
تحقيق الرضا
فيما قال الباحث في شؤون التنمية البشرية محمد جاسم: ان الدافع وراء شيوع هذه العمليات في المجتمع، هو لتحقيق حالة الرضا عن الذات، ولذلك يظن الكثيرون وخصوصاً من الشباب ان تحقيق الذات محصور بالظهور بشكل جميل، ولهذا نرى أن هناك إقبالًا من قبل الشباب على عمليات التجميل.
وأوضح: ان هذا جزء من خطأ اجتماعي يحصر عملية تحقيق الذات بالشكل الجذاب، من دون التركيز على الجوانب الأخرى في الشخصية، ولكن هذا لا يعني إلغاء الاهتمام بالمظهر الخارجي، إذ انه يجب ان يكون متساوقاً في الاقل مع الاهتمام بالمضمون.
سن القوانين
الباحث الاجتماعي مهيمن صالح قال: ان الاقبال على عمليات التجميل بات نوعاً من الموضة الجديدة في البلاد، وقد تزايد الاهتمام بجراحات التجميل بعد عام 2003، ونهاية الحصار الذي كان يعزل العراق عن العالم الخارجي، ومع تحسن الوضع الأمني نهاية العام 2007، عاد كثير من الأطباء المقيمين في الخارج حاملين شتى الاختصاصات من بينها الجراحة التجميلية.
واكد صالح، على ضرورة نشر التوعية وسن قانون يمنع ممارسة هذه المهنة إلا من قبل المختصين، مبيناً: لو كان هناك ضوابط من قبل الوزارة ووعي من قبل المواطن في الذهاب للمراكز والعيادات المختصة، لما وجد مثل هذه المراكز غير القانونية في البلاد.
وزاد: ان أكثر عمليات التجميل الشائعة في البلاد هي تجميل الأنف وشد البطن وشفط الشحوم.
وتابع قوله: الواجب أن يكون إعلامنا واعياً بمخاطر الظاهرة، والتنبيه لها والقيام بتوعية المشاهدين لمخاطر العمليات وسلبياتها وآثارها على عقول وأجساد وأفكار الناس وحتى على دخلهم، فهذه العمليات يصرف عليها أرقام فلكية من النقود والتي يمكن استثمارها واستهلاكها بطرق أخرى أكثر فائدة.
فتاة الاحلام
في حين تقول خبيرة تجميل: إن الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي لعبت دوراً كبيراً في هذا الانتشار لكون طبيعة المرأة الغيورة على نفسها وزوجها، جعلتها تتجه إلى ذلك، خاصة وأن احتياجات الرجل اليوم تختلف عنها قديماً، وأصبحت لديه مواصفات معينة لفتاة أحلامه لا تتحقق في أحيان كثيرة إلا بعمليات التجميل.
وتابعت قولها: ان السيدات اليوم لجأن إلى جراحات التجميل كنوع من الوجاهة الاجتماعية، حيث أصبحت تلك الجراحات ضرورة مجتمعية ملحة تفرضها عليهن علاقاتهن، وتواجدهن في الأماكن العامة، وبالتالي ينبهرن بسرعة، ويعلقن أنفسهن بأحبال الوهم، والجمال الزائف بمجرد رؤية امرأة قامت بعملية تجميل، من دون النظر إلى المخاطر والاضرار.
أخطاء طبية
من جانب آخر أفاد قضاة عراقيون بأن أغلب تلك التدخلات الجراحية يجريها أشخاص غير مختصين أو مبتدئون، وانتقدوا استعمال مواد رديئة وغير فعّالة، مشيرين إلى أن غالبية الدعاوى المعروضة أمام المحاكم من مكتب المفتش العام لوزارة الصحة تتعلق بالأخطاء الطبية.
وقال القاضي عامر خلف، في حديث صحافي: إن العراق شهد أخيراً تزايداً ملحوظاً في الأخطاء الطبية الناتجة عن عمليات التجميل، وأرجعها إلى انتشار مراكز التجميل غير المرخّصة في بغداد خصوصاً، وبقية المحافظات، وممارسة المهنة من غير المختصين، برغم خطورتها والتي تسبب الوفاة أحيانا.
وأوضح خلف أن مسؤولية طبيب التجميل الجزائية والمدنية نتيجة الأخطاء لا تختلف عن مجالات الجراحة الأخرى، لافتاً إلى توجه المحاكم العراقية نحو تشديد العقوبة بحق جراحي التجميل عند وقوع الضرر.
وأشار إلى أن تحقيقات بيّنت استعمال مواد رديئة في الجراحات التجميلية، وإهمال الفحوصات التي يجب أن تنجز قبل العمليات.
ولفت إلى أن أبرز الأخطاء تتمثل في التشوهات، أو مضاعفات ما بعد العملية التجميلية التي قد تصل في بعض الأحيان إلى الوفاة، لاسيما عمليات التخلص من السمنة.