نقطة الصفر.!

الناس فيما يعشقون مذاهب .. هذه هي سُنة الحياة وطبيعتها .. وكما قيل أيضاً كل حزب بما لديهم فرحون !

هناك مجتمعات ومجموعات ومجاميع وأفراد … تعشق الحب والسلام والوئام و” قلة الكلام ” ، في مقابل ذلك نجد أن هناك شرائح أخرى من المجتمع.. “تعشق” الحرب والقتل والتخريب والدماء والدمار و” طول اللسان ” !

مجتمعاتنا تضم أيضاً أفراداً “يعشقون” ويؤمنون بالتعاطي مع القضايا المصيرية والعامة والخاصة .. بالحلم والحكمة والاتزان والروح الوطنية والرياضية وإيجاد المشتركات والحلول التوافقية وفق مبدأ التعامل على طريقة “السهل الممتنع” !

 في مقابل ذلك نجد أن هناك من “المحسوبين” على هذا المجتمع والوطن من هم “مهوسوون” بالعقد والتعقيدات والمطبات والحلول الترقيعية والقفز على الثوابت الوطنية والتاريخية !

وهناك أيضاً .. شرائح  تعشق وتهوى العودة الى ” المربع الأول” أو ” نقطة البداية ” أو “نقطة الصفر” أو” الدوران في حلقة مفرغة ” !

إن تصريحات بعض “الساسة” بشأن الخلافات السياسية والقضايا المصيرية والوحدة الوطنية  والتهميش والدستور ومحاولة ترديد وتكرار الشعارات والمفردات التى عفى عليها الزمن و المتاجرة بكل ذلك على حساب الوطن والمواطن .. فأصبحت مثلها مثل ” الاسطوانة المشروخة ” .. التي وكما قال المطرب  جورج وسوف ” كلام السياسي .. لا بيقدم.. ولا يأخر” !

قضية اللف والدوران وترديد الشعارات والمغالطات .. تذكرني دائماً بقصة “مُعلم الأولاد” الذي طلب من تلاميذ الصف الخامس الابتدائي كتابة موضوع بعنوان ” الطبيعة ” لدرس الإنشاء .. وكان من ضمن طلاب الصف أحد التلاميذ الذي يشبه الى حد ما .. بعض “الساسة” من جماعة حزب “المربع الأول” أو” نقطة الصفر” .. وكان هذا التلميذ ” خارج التغطية” طيلة أوقات الدوام المدرسي !

فقام هذا التلميذ  بفتح صفحة جديدة في دفتر الإنشاء وبدأ بكتابة الواجب المدرسي الذي طلبه منهم “معلم الحصة” الدراسية وكتب ما نصه :نظرت إلى الطبيعة فوجدت ” دودة ” والدود أنواع، منها دودة الأرض ودودة القز ودودة الفواكه ودودة العقل ودودة القلب ودودة الحيوانات إلخ إلخ … !

دفع الفضول “المعلم” للاقتراب من هذا التلميذ ليتعرف عن كثب على ما كتبه عن موضوع “الطبيعة” ، وما أن قرأ السطر الأول حتى جن جنونه فقال للتلميذ: (ابني.. تركت كل الأشياء الجميلة في الطبيعة مثل السماء والأشجار والزهور والأنهار والطيور والعصافير والفراشات والوجه الحسن ورحت تكتب لي عن الدود  ما لكَيت غير الدود تكتب عنه.. بالطبيعة الجميلة ما شفت إلا الدود .. ابني أريدك تترك “الدود” وتنصرف للكتابة عن زبدة الموضوع المطلوب) !

وفي اليوم التالي وفي حصة جديدة طلب المعلم من التلاميذ  كتابة موضوع جديد بعنوان       ” الفواكه ” ، وكبقية أقرانه بدأ صاحبنا التلميذ ” المحشش” يكتب الواجب بعد أن فتح صفحة جديدة مدوناً أفكاره في دفتره عن الفواكه فكتب يقول : اشتريت تفاحة وعندما أردت أكلها عثرت في أحشائها على “دودة” والدود أنواع، منها دودة الأرض ودودة القز ودودة الفواكه ودودة العقل ودودة القلب إلخ إلخ..!

فقد المعلم أعصابه وهو يقرأ ما كتبه تلميذه وقال له بعصبية: (ابني متكَولي اشلزكت بالدود.. كَال الدود وحجه الدود .. وحتى تترك الدود الى الأبد … أريدك  تكتب موضوعاً عن الفضاء .. والفضاء لا بيه دود ولا بطيخ.. بعد ما عندك حجة.. اكتب ابني شتعرف عن الفضاء)..؟

وانتظر “المعلم” بفارغ الصبر ما سيكتبه التلميذ عن هذا الموضوع… الذي توقع أن يكون خاليا من ” الدود ” بعد أن قطع أمام التلميذ كل السبل للوصول الى الدود… وإذا بالمعلم  يقرأ السطور التي كتبها صاحبنا التلميذ : (نظرت إلى الفضاء فرأيت الأقمار الصناعية بعيني التي سيأكلها الدود والدود أنواع ،  منها دودة الأرض ودودة القز ودودة الفواكه ودودة العقل ودودة القلب إلخ إلخ..!

ضوء

ليس منا من يرقص على طبول انتصارات عدونا !

عاصم جهاد

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة