خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
تسبب تصويت البريطانيين في استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي في اكبر أزمة يشهدها الاتحاد في تاريخه القريب. وعلى الرغم من عدم وضوح التفصيلات بشأن مفاوضات الخروج ونتائجه الفعلية، ستحتل قضية مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي رأس جدول الاعمال في بروكسل ولندن، وكذلك لدى مواطني الاتحاد الأوروبي. وجاء هذا في وقت يصارع فيه الاتحاد بالفعل في جبهات عديدة، ربما تكون من بينها الازمة الاقتصادية في دوله الجنوبية. وصعود الأحزاب الشعبوية في العديد من الدول الأوروبية، وارتفاع عدد اللاجئين والمهاجرين من سوريا والمناطق التي مزقتها الحروب، والتطورات غير المستقرة في دول الجوار الأوروبي الشرقية والجنوبية ويضاف الى هذا كله سيطرة الاصوات المناوئة للاتحاد الأوروبي الان على خطابات الجماهير في العديد من وسائل الاعلام والمدونات على الانترنت. ويحلل هذا المقال الصعوبات الحالية التي يواجهها الاتحاد الأوروبي ويبحث الى أي مدى سيشكل خروج بريطانيا-الذي يعد أوضح تجليات المزاج المعادي للبناء الأوروبي-مستقبل الاتحاد وبعد الفرضيات التي ذهبت الى ان اكبر مشكلات الاتحاد الأوروبي تكمن في سياسات حكوماته الوطنية (وليس في بروكسل نفسها)، ستكون القضية محل البحث هي ما اذا كانت الازمة الحالية ستؤدي-حقيقة-الى تقليص التعاون في اوروبا مستقبلا، او كما حدث بالفعل في اوقات سابقة اعادة تشكيل البناء الأوروبي. وأخيراً يحدد المقال الخطوط العريضة لبعض التداعيات المحتملة لبلدان الشرق الاوسط وشمال افريقيا.
1 – 2
د.جان كلوديوس فولكيل
في 23 يونيو، صوت 52 % من الناخبين في استفتاء عام بشأن مستقبل المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي لصالح «الخروج» وبذلك قرر المواطنون في بريطانيا ان ثاني اكبر اقتصاد في اوروبا (الذي يشكل 14% من اجمالي الناتج القومي للاتحاد) عليه ان يودع اهم أسواقه، اذ تصدر المملكة المتحدة 44% من منتجاتها وخدماتها الى دول الاتحاد الأوروبي بينما تستورد ما يربو على 50% من وارداتها من دوله. فعلى الرغم من مؤيدي الخروج احتفلوا بانتصارهم الا ان الجنيه الإسترليني فقد كثيراً من قيمته وشهد أسوأ انخفاض له خلال 31 عاماً، وتعرضت الاقتصادات في أنحاء القارة وأسواقها لضغوط هائلة. (kharpal/barnato 2016) ويحلل هذا البحث الأسباب التي دفعت الى ان يصبح الخروج سيناريو واقعيا، ويبحث في الاثار المحتملة على مستقبل الاتحاد الأوروبي. في واقع الامر حتما سيظل الخروج عبئا ثقيلا على كواهل دول الاتحاد لسنوات قادمة، فضلا عن تكبدها ثمنا اقتصاديا باهظا ودخولها معارك سياسية وسيستنفد الخروج كثيرا من طاقات الاتحاد وسيضعف قوته داخليا وخارجيا.
ومع ذلك يرجح البحث ان مستقبل الاتحاد الأوروبي لا يعتمد كثيرا على التطورات في لندن ، بل على تطورات الأشهر المقبلة في برلين وباريس اذ نجري خلال عام 2017 انتخابات عامة ورئاسية وسيكون لنجاح الاحزاب اليمينية المتطرفة والشعبوية، مثل الجبهة الوطنية في فرنسا، وحزب البديل من اجل المانيا في المانيا، انعكاسات هائلة على تطورات الاتحاد الأوروبي فيما بعد. وفي حالة حقق هؤلاء نجاحا كبيرا، لا سيما اذا تولو مسؤوليات حكومية، فستلوح في الافق المزيد من احتمالات التفكك الأوروبي حيث ستؤثر التوجهات القومية حينئذ سلبا في التطورات السياسية، لا سيما في اهم دولتين بالاتحاد، وهما المانيا وفرنسا في ظل سيطرة المتشككين، في مستقبل الاتحاد على حكومات الدنمارك وبلغاريا وبولندا وسلوفاكيا ودول اخرى.
بريطانيا والاتحاد الأوروبي ..
علاقة متوترة منذ البداية:
منذ بداية إنشاء الكتلة الأوروبية في الخمسينيات كان لدى المملكة المتحدة علاقات خاصة، ومتسمة بالتوتر مع الاتحاد الأوروبي ففي البداية تأسست الجماعة الأوروبية للفحم والصلب عام 1952 باقتراح من الادارة الفرنسية وحازت فيها فرنسا دورا قياديا لسنوات. وكان الامر صعبًا بالنسبة لبريطانيا خاصة حين شغل شارل ديجول منصب رئيس فرنسا (1959-1969) اذ استعمل ديجول قوة الفيتو في منع عضوية بريطانيا، ورأى نفسه زعيما ل»عصبة الأمم الأوروبية». وبسبب الخصومة القائمة- منذ قرن بين المملكة المتحدة وفرنسا، لم يكن هناك مجال لتعاون أوروبي بينهما.
ومن منظور المملكة المتحدة نفسها، شكل التعاون الوثيق مع القارة الأوروبية معضلة ما. اذ ان المملكة تعتمد اعتماداً كبيرًا وتستفيد من علاقتها التاريخية الخاصة مع الولايات المتحدة الأميركية التي تعد من دون شك القوى العظمى الغربية الوحيدة التي بزغت في اعقاب الحرب العالمية الثانية. وتميزت سياسة ونستون تشرتشل الخارجية بثلاث دوائر شهيرة وهي: العلاقة مع دول الأطلسي والكومنولث وأوروبا، ولذلك كانت العلاقات الخارجية بالنسبة للقارة الشغل الشاغل للكثيرين وقد كان هذا عكس ما تراه كل من فرنسا والمانيا على وجه الخصوص، اذ أعطت حكوماتهما أولوية مطلقة لفكرة التكامل الأوروبي.
لكن بعد وقت قصير من استقالة ديجول عام 1969 وبعد ان اصبح جورج بومبيدو (السياسي الذي يتبنى نظرة اكثر انفتاحا) رئيسا لفرنسا، سمح للمملكة المتحدة، الى جانب ايرلندا والدنمارك بالانضمام الى الجماعة الأوروبية بعد مفاوضات قصيرة عام 1973 ومع ذلك استمرت الحكومة البريطانية تحت إدارة رئيس الوزراء ادوارد هيث، وكان الشعب البريطاني نفسه يشعران بأن بريطانيا «غريبة في اوروبا» (wall2008).
وقللت الرغبة في الاستفادة من المميزات الاقتصادية للانضمام-على مايبدو-من هذا الشعور. لكن بمجرد انضمام المملكة المتحدة، هيمن السؤال عن التكلفة السياسية لانضمام بريطانيا على حوارات الرأي العام. واصر هارولد ويلسون، الذي تولى رئاسة الوزارة، منذ عام 1974، على اعادة التفاوض بشأن شروط عضوية بريطانيا. وبالفعل نجح في الحصول على شروط افضل خلال قمة دبلن عام 1975 (miller2015) واجرى استفتاء عام في وقت لاحق من ذلك العام بنسبة اقبال 64% صوت فيه 67% من الناخبين لصالح عضوية المملكة.
وبالرغم من هذا الاستفتاء، ظل التشكك تجاه التكامل الأوروبي، ولاسيما مفهوم الهيمنة الأوروبية على صناعة القرار القومي، هاجسا مستمرا لدى المملكة المتحدة. وعرقلت مارجريت ثاتشر، رئيسة الوزراء عن حزب المحافظين كل المبادرات الأوروبية تقريباً، واطلقت عبارتها الشهيرة «اريد استعادة أموالي» حتى توصلت الى تقليص جديد لمساهمات بريطانيا في الموازنة الأوروبية عام 1984.
وادى سقوط حائط برلين ونهاية الحرب الباردة عام 1989 الى تغير جذري في الموقفين السياسي والاقتصادي في اوروبا، فتحول-بين عشية وضحاها-الاعداء السابقون في الشرق الى اصدقاء واعربوا عن رغبتهم في ان يعاملوا ك»دول اوروبية متساوية». وجاء رد فعل الجماعة الأوروبية في معاهدة ماسترخت (1991-1993) تحدياً وجودياً بالنسبة للحكومة البريطانية التي كانت في ذلك الوقت تحت قيادة رئيس الوزراء البريطاني عن حزب المحافظين، جون ميجور. وتحولت الجماعة الأوروبية الى اتحاد اوروبي شامل في مجالات التعاون السياسي الى جانب مجال التعاون الاقتصادي التقليدي بوجود سياسة امنية وخارجية مشتركة، وكذلك تعاون في مجال الشؤن الداخلية والقضائية. وعلى الرغم من ان جون ميجور نفسه أراد وضع بلاده في قلب اوروبا، فأن المفاوضين البريطانيين استمروا في محاولة ابقاء الاختصاصات السياسية للاتحاد الأوروبي في حدها الأدنى. وشهد موقف رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا خلافاً شديداً داخل حزب المحافظين الذي واجه بسأن هذه القضية اشد أزمة داخلية في تاريخ الحزب، فانقسم الحزب الممزق بين أولئك الذين يؤيدون فكرة ان يلعب الاتحاد الأوروبي دورا سياسيا اكبر، واولئك الذين يعارضون الفكرة. وسعى احدهما الى تأسيس او الانضمام الى حزب جديد وهو حزب استقلال المملكة المتحدة ukip وهو ذات الحزب الذي حقق نجاحا كبيرا في انتصار حملة الخروج في الاستفتاء الاخير.
وتسللت لهجة اكثر تأييداً لأوروبا داخل السياسة البريطانية مع تولي حكومة توني بلير، الذي شغل منصب رئيس الوزراء عن حزب العمال في الفترة 1997 حتى 2007 والذي ابتكر مفهوم «حزب العمال الجديد» وهي الفكرة التي تستهدف دفع الأحزاب الاشتراكية الى مزيد من المشاركة السياسية، والتي ظهرت كذلك في المانيا تحت قيادة المستشار جيرهارد شرودر (1998-2005 نيو ميتي). وايضا في الولايات المتحدة الاميركية تحت ادارة الرئيس الاميركي بيل كلينتون (1993-2001). ومع ذلك لم تلق البنود الاساسية في عملية تكامل الاتحاد الأوروبي. مثل طرح منطقة اليورو (1999/2002). او تشكيل منطقة شنجن تأييداً كافياً في المملكة المتحدة برغم التأييد النسبي لدول الاتحاد الأوروبي. وعندما فكرت حكومات الاتحاد الأوروبي في وضع دستور للاتحاد الأوروبي في الفترة من 2000-2005، كان المفوضون البريطانيون على وجه الخصوص هم من يرفضون رفضاً قاطعاً أي تحسينات تتعلق ب»توحيد اوروبا اكثر من أي وقت مضى». اذ قالوا «لا» لرئيس الاتحاد الأوروبي و»لا» لوزير خارجية للاتحاد الأوروبي، و»لا» لنشيد قومي رسمي للاتحاد الأوروبي، و»لا» بطريقة او بأخرى لكل المؤشرات التي من شأنها ان تظهر الاتحاد الأوروبي كدولة كاملة الاركان (nugent/phinnemore2010:77).
وتعد المساحة الوحيدة التي اكد فيها بلير على مزيد من التضامن مع الدول الأوروبية كانت فكرة بلورة سياسة دفاعية اوروبية مشتركة. واتفق مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك خلال قمة سان مالو الثنائية عام 1998 في تعزيز التعاون العسكري البريطاني الفرنسي، وهي الخطوة التي سرعان ما باتت الحاضنة لسياسة الشئون الدفاعية والامنية الأوروبية فيما بعد(lavallee 2010).
وعلى الرغم من كل خططه الحذرة، ادى موقف توني بلير المؤيد للاتحاد الأوروبي الى تطرف اولئك الرافضين له فمنذ عام 2004 تعزز موقف حزب استقلال المملكة المتحدة. كذلك حاول حزب المحافظين كذلك الاستفادة من المشاعر المناهضة للاتحاد الأوروبي. وعندما تولى ديفيد كاميرون رئاسة الوزراء في 2010، خلفا لجوردن براون، كان اقل حماسا لفكرة تعزيز التكامل الأوروبي، فلم يكن لدى كاميرون أي خيارات أخرى غير اللعب بالورقة المناهضة للاتحاد الأوروبي، وهذا الموقف ادى الى الوقوع في شرك حاسم، عندما وعد بتنظيم استفتاء حول مستقبل المملكة المتحدة داخل الاتحاد الأوروبي او خارجه في حالة اعادة انتخابه عام 2015. واعيد انتخابه بالفعل، وحصل حزبه على اغلبية مطلقة في البرلمان.كما اعاد التفاوض مباشرة مع الاتحاد الأوروبي حول المزيد من المزايا للمملكة المتحدة. وانتهت تلك المفاوضات بتحقيق مكاسب في فبراير 2016 (booth2016). واستناداً الى تلك المكاسب، عقد كاميرون امله في ان يضمن اغلبية حاسمة لصالح البقاء في استفتاء 23 يونيو 2016. وتمتلك المملكة المتحدة بالفعل العديد من المزايا الخاصة المضمونة. مثل انخفاض مساهماتها المالية، وكذلك الامتناع عن المشاركة في الخطط الاجتماعية للاتحاد الأوروبي والعملة المشتركة وحدود منطقة شنجن. وانتهى الاستفتاء بعد كل هذه المزايا بتصويت 51.9% لصالح المغادرة، و48.1% لصالح البقاء، وشكلت هذه النتيجة صدمة للعديد من المؤيدين للاتحاد الأوروبي داخل بريطانيا وخارجها، بينما اضطر ديفيد كاميرون الذي عرض-دون حاجة- إجراء الاستفتاء لضمان انتخابه ثانية كرئيس للوزراء، استقالته في 13 يوليو 2016.
مفاوضات الخروج من الاتحاد.. ليس هناك مخرج سهل:
وعلى الرغم من وضوح نتائج الاستفتاء، ما يزال من غير الواضح كيف يمكن تنفيذه على ارض الواقع، او ما اذا كان سيدخل حيز التنفيذ ام لا.
وتظهر أولى صور الغموض عند الجانب البريطاني بقرار المحكمة العليا في لندن في الثالث من نوفمبر 2016 بأن خطوة الحكومة تلك تحتاج الى موافقة مجلس العموم (bowcott 2016). فعلى الرغم من ان رئيسة الوزراء عن حزب المحافظين، تيريزا ماي، صرحت جلياً انها ستستعد لهذا «الخروج الصعب» من الاتحاد الأوروبي، ويعتقد بأنه في وسعها البدء في التفاوض بشأن الخروج بنفسها. لكن الغالبية العظمى في البرلمان تعارض الخروج من الاتحاد وبات السؤال الاهم في الوقت الحاضر هو ما اذا كان البرلمان مضطرًا الى الامتثال لرغبة الشعب-كما عبر عن ذلك-في الاستفتاء ام لا. ولم يكن الاستفتاء ملزما من الناحية القانونية. وهو ما يعني انه ليس هناك أي التزام مباشر، سواء للحكومة او البرلمان لتنفيذه. لكن من الناحية السياسية سيكون العدول عن نتائج الاستفتاء بمنزلة مخاطرة جسيمة وهو ما يرجح زيادة المواجهة بين اولئك الذين يشككون بالفعل في ان السياسيين لا يعد كونهم نخبة انانية، لا تفكر سوى في مصالحها فحسب. ومع ذلك، يتمتع البرلمانيون بحرية كاملة في اتخاذ قراراتهم، وهو ما يمثل معضلة للكثيرين منهم. اذ سيجدون انفسهم في مأزق الاختيار بين نتائج الاستفتاء وقناعاتهم الشخصية.
وهو الشيء ذاته بالنسبة لرئيسة الوزراء، تريزا ماي، التي أصدرت بيانات عديدة تعارض فيها الخروج من الاتحاد خلال شغلها منصب وزيرة الداخلية، وان لم يكن هذا بكل إخلاص (euronews 2016). الا انه يبدو انها مضطرة الى المضي قدما في مفاوضات الخروج.
وثمة امر آخر يكتنفه الغموض. يتمثل في دور لندن كمركز مالي، وهو ما عبر عنه عمدتها المنتخب حديثا، صديق خان، عندما عارض خطة الخروج من الاتحاد بشدة، وطالب بمزايا خاصة للندن.
في حال اصبح الخروج من الاتحاد أمرا واقعاً ففي لندن صوت نحو 59,9% لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي واصبح واضحاً ما اذا كانت لندن سيمكنها الحفاظ على أهميتها للشركات المالية العالمية بعدما أعلنت بالفعل بنوك عدة انها ستنقل مقراتها الى دول الاتحاد الأوروبي في حالة الخروج الفعلي لبريطانيا من الاتحاد فيما اعربت باريس وبروكسل وفرانكفورت عن ابتهاجها تجاه الامر.
واخيراً ظهرت قضية اسكتلندا بقوة مرة اخرى اذا صوت 62% من الاسكتلنديين ضد مغادرة الاتحاد واعربت رئيسة الوزراء الاقليمية الاسكتلدنية نيكولا ستروجين الى جانب البرلمان الاقليمي لاسكتلندا مباشرة عن رفضهما الواضح لمغادرة اسكتلندا الاتحاد الأوروبي وبالفعل اصدرت المحكمة العليا في نوفمبر 2016 بأن اسكتلندا وويلز لهما الحق في تقرير مصير علاقتهما بالاتحاد الأوروبي بنفسيهما وهو مايعني في حد ذاته فيتو على مغادرة الاتحاد وهي الامكانية التي تتطلب اساساً قانونياً في الوقت الحالي.
وبغض النظر عن الخيار الذي سيتخذ فان الحكومة الاقليمية والاسكتلندية تدعو صراحة الى اجراء استفتاء جديد بشأن استقلال اسكتلندا في حالة اصبح الخروج من الاتحاد واقعاً وكان اخر استفتاء في عام 2014 جاءت نتيجته 55.3 % لصالح البقاء في المملكة المتحدة لكن الدوافع والاسباب تبدلت اليوم وهي ببساطة حدوث هذا بعد تعهد بأن الشروط الرئيسية لعضوية المملكة المتحدة ستبقى كما هو دون تغيير وهو ماسوف يتغير بصورة واضحة لو خسرت اسكتلندا عضويتها في الاتحاد الأوروبي وهو مايعد مخالفاً لرغبتها ومع ذلك حتى اذا نالت اسكتلندا استقلالها فليس من الواضح ما اذا كان الاسكتلنديون سيبقون في الاتحاد الأوروبي او سيحتاجون الى التفاوض على اتفاقية انضمام جديدة.
وحتى الان لم تبدأ الحكومة البريطانية مفاوضات الخروج بعد واشارت تريزا ماي الى ان ربيع 2017 سيكون الوقت المناسب على الاطلاق نظراً لاجراء انتخابات عامة ورئاسية في فرنسا (انتخابات رئاسية في ابريل وانتخابات برلمانية في يونيو) والمانيا (انتخابات برلمانية في سبتمبر) وهولندا (انتخابات برلمانية في مارس) لذلك ستنهمك الدولتان المؤسستان واهم عضوين بالاتحاد في الحملات الانتخابية وسكيون من غير الواضح كذلك ما اذا كانت حكومات فرانسو اولاند وانجيلا ميركل ومارك وراتيول ستبقى في السلطة ولذلك سيكون الحكمة الانتظار حتى تنتهي الانتخابات ومن ثم بدء المفاوضات مع الحكومات المنتخبة حديثاً.
وكذلك بالنسبة للاتحاد الأوروبي فثمة قضايا عديدة لايمكن التنبؤ الكامل بمصيرها بعد فللمرة الاولى في تاريخ الاتحاد الأوروبي تفتح اتفاقية لشبونة 2009 لاسيما مادتها رقم 50 الشهيرة لبحث امكانية خروج عضو من الاعضاء وباختصار تنص المادة على ان المملكة المتحدة يتعين ان تخبر المجلس الأوروبي بشأن نيتها لمغادرة الاتحاد وتبدأ التفاوض خلال مدة لاتتجاوز عامين مع المجلس بشأن شروط الخروج.
* محاضر بالمعهد الألماني لخدمات التبادل الاكاديمي(داد).
وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة.
عن مجلة الديمقراطية المصرية