السيناريوهات المحتملة لهروب عناصر داعش بعد معركة الموصل والرقة

ألقت بثقلها على أجندات دول أوروبا والمنتديات الدولية بين ضفتي الاطلسي
برلين ـ جاسم محمد

فرضت قضية عودة المقاتلين الاجانب، الاوروبيين، بثقلها، على اجندات دول اوروبا وكذلك الاجتماعات
والمنتديات الدولية بين ضفتي الاطلسي، الى جانب المفوضية الاوروبية، بهدف الحد من عودتهم الى اوطانهم، بعض دول اوروبا ذهبت بعيدا، للمشاركة بجهد عسكري استخباراتي ضد التنظيم في معاقله في الموصل والرقة، من اجل تصفيتهم والتخلص منهم.
اعلنت الحكومة العراقية يوم 29 يونيو 2017 سقوط ما تسمى بـ”دولة الخلافة”، تنظيم داعش التي أعلنها زعيم تنظيم داعش في يونيو 2014، بعد استعادة جامع النوري بالمدينة القديمة لمدينة الموصل. وتمكنت القوات العراقية من السيطرة على جامع النوري الكبير في الساحل الأيمن لمدينة الموصل.
وبالتزامن مع معارك تحرير الموصل في العراق، انطلقت يوم 6 يونيو 2017 عمليات تحرير مدينة الرقة السورية، معقل تنظيم داعش في سوريا، انطلاقا من مبدأ فتح اكثر من جبهة ضد هذا التنظيم. وفي اطار العمليات العسكرية، أطبقت قوات سوريا الديمقراطية الحصار على مدينة الرقة السورية، بدعم من الولايات المتحدة.
وتشكل الرقة اهمية استراتيجية خاصة لدي تنظيم داعش، فهي عاصمته الأولي و بها مركز قيادته الرئيسي، طالما تحولت الرقة إلي منصة إنطلاق لعمليات التنظيم بداخل العمق السوري هذا فضلاً عن كونها عقدة وصل بين الموصل العراقية و باقي مدن الشرق السورية. وبذلك يمكن اعتبار مدينة الرقة، مفتاحاً لسلسلة مناطق تمتدّ على طول الجغرافيا السورية، فهي نقطة وصل بين مناطق وسط سورية وشرقها وشمالها، امتداداً على طول شريط المناطق الحدودية المرتبطة بالجانب العراقي والتركي.

بيانات المقاتلين الاجانب
يوفرالقرار الاممي ذي الرقم 2178 لعام 2014 وبدعم من الإنتربول أدوات إضافية عالمية للحيلولة دون تنقل المقاتلين الأجانب من بلد إلى آخر، منها قاعدة بيانات وثائق السفر المسروقة والمفقودة وبرمجية( I-Checkit) التي هي كناية عن أداة تحقق تتيح لشركات النقل والمصارف والشركات السياحية إرسال المعلومات الواردة في جوازات السفر للتدقيق فيها بمقارنتها في قاعدة بيانات وثائق السفر المسروقة والمفقودة. وهي تشتمل حاليا على أكثر من 43 مليون قيد من 167 بلدا. وكذلك أعلن مكتب الإنتربول المركزي الوطني استحداث برنامج للإنتربول مخصص لمواجهة تهديدات المقاتلين الأجانب، وذلك بالشراكة مع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ووزارتي العدل والأمن الداخلي في الولايات المتحدة.

تحذيرات من عودة المقاتلين الاجانب
حذر المفوض الأوروبي للأمن “جوليان كينج” في وقت سابق من بدأ معارك تحرير الموصل في 17 اكتوبر 2016 ، من تدفق “جهاديين” من تنظيم “الدولة الاسلامية” إلى اوروبا في حال سقوط الموصل، اخر اكبر معاقلهم في العراق، امام هجوم القوات العراقية. وقال “كينغ “ان استعادة الموصل، معقل تنظيم داعش، يمكن أن تؤدي إلى عودة مقاتلين من التنظيم إلى أوروبا. التحقيقات كشفت ان تنظيم داعش اعتمد خطة اعادة المقاتلين الاجانب الى اوربا قبل بضعة اشهر، بعد توقيعهم على استمارات خاصة تتضمن عزمهم على تنفيذ عمليات في اوروبا.
وكشف المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي “ICSR”، بأن عدد المقاتلين الأجانب الذين انضموا الى صفوف تنظيم داعش يقدر باكثر من 20 الف مقاتل، مشيراً الى عشرين بالمائة منهم تقريباً من الدول الأوربية. اما الانتربول الاوروبي قدر عددهم ايضا ب 25 الف مقاتل، وأن نسبة تتراوح من الـ 5 الى 10 % من المقاتلين الأجانب قد قتل أثناء المعارك، فيما تتراوح نسبة اخرى من 10 إلى 30 % من المقاتلين، يتوقع أنهم تركوا أرض المعركة عائدين الى بلدانهم او تم احتجازهم في بلدان أخرى أثناء الترانسيت. وحددت منظمة الإنتربول في وقت سابق هوية 5800 متطرف أجنبي من أصل حوالي (25 ألفاً) انضموا إلى المجموعات المتطرفة في دول مثل سوريا والعراق.
وحذرت منظمة الشرطة الأوروبية “يوروبول” منتصف شهر يونيو 2017 من حدوث هجمات إرهابية جديدة في أوروبا. وقال رئيس المنظمة روب واينرايت في تصريحات لصحيفة “نويه أوسنابروكر تسايتونج” الألمانية في عددها إن خطر الإرهاب في أوروبا هو الأعلى خلال العشرين عاماً الماضية. ولا يزال يزداد، لدينا إشارات على ذلك . وأوضح وينرايت في اجتماع مالطا، أن عدد المقاتلين الأجانب من دول الاتحاد الأوروبي المشمولين بالقوائم التي أعدتها تركيا بلغ 7670 شخصاً، وحذر من الخطر المتنامي للإرهاب مع عودة هؤلاء المقاتلين لبلدانهم بعد هزيمة تنظيم داعش في سوريا والعراق.

الطرق التي يسلكها عناصر داعش للعودة الى اوروبا
أشار رئيس وكالة المخابرات الداخلية الفرنسية” كالفار” إلى أن “داعش” لا يزال يستخدم الطرق نفسها التي يسلكها المهاجرون عبر البلقان لإدخال مقاتليه إلى أوروبا، مبينا أن التنظيم في وضع يحاول الرد بأسرع ما يمكن وبأقسى ما يستطيع لتشتيت الانتباه والثأر من ضربات التحالف الجوية .من جهة اخرى تعتبر تركيا في مقدمة الدول التي يشار إليها ويتم اتهامها بتسهيل دخول المقاتلين عبر حدودها مع سوريا ، فالعبور من تركيا إلى داخل سوريا وبالعكس مازال أمرا سهلا، الى جانب دفع الرشاوى للمرور.
اتخذت دول الاتحاد الاوروبية جملة اجراءات لمواجهة عودة المقاتلين الاجانب ابرزها: مراقبة حدود دول الاتحاد الأوربي الخارجية وكذلك مابين دول الاتحاد خاصة فضاء “الشنغن”، وفرض إجراءات أمنية مشددة على المطارات والمعابر الحدودية وتبادل البيانات والمعلومات حول المسافرين عبر نظام الكتروني يسمح بالدول الأعضاء الدخول إليه، الى جانب تقاسم المعلومات الاستخبارية مع العراق ودول اخرى لتعقب العائدين.

*باحث في قضايا الارهاب والاستخبارات

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة