هذه ليست حياتي

سلام مكي

طالما حلمتُ بأغصانٍ وردية
ترسم لي ظلا أتوكأ عليه
وتسكب في الأنهر الزرق رحيقَها
لذا..
سأقطفُ، كلَّ جسد يتدلى أمامي
حتى لو كان يابسا، لا رماد فيه
سأرتدي كل البزّات التي رماها الجنود
لأغزل من رائحتها صورا لجدران تختنق بالحداد
سأزرع صورتي على طرق الصبايا وأرصفة المدارس
وفي الباحات الخلفية للحانات
علّها تزهر دمعة، فيلتقطها خدٌ طائش
***********
ثلاث نهود
تستلقي على صدر عذراء
تنتظر ابن نبي ليعصمها من الجنون
لكن النبي أتى بنفسه، حاملا طوفانا من الريح
وفلكا مثقوبا فيه من كل لون وجهان
***********
عشبٌ مفخخُ
سكبناه في المرعى
ثم أطلقنا الخرافَ، لتلهو
فلم نعد بحاجة إلى الذئاب أو الرصاص
************
الى أمير الموت:
حين أكون بين شعبي
حين أقدم لحم أبي قربانا للحقيقة
حين اجتمع مع مليكك
حين أجلس في الصباح، اطالع الصحف المسنة
وارتشف قهوة تسمرت من الانتظار:
لا تأتِ، ولا تقل لأحد أنني على قيد هذه الحياة!
فهذه ليست حياتي، إنها خطيئة تنتظر تفاحةً لتهبط معها
بعيدا عن الضياء
************
ثلاثون عاما
والعراقيون يحتكرون فلّ الحديد
ثلاثون عاما
والحوم يتبعهم
بالأمس يستظل بالنخيل واليوم بالصحراء!
ثلاثون عاما
يسرقون حياةً من الحياة
ليزرعوا في أرضهم
حياةً، قطفتها الحروب قبل ولادتها
ثلاثون عاما
يزرع الله ارض العراق
لكنه لا ينتظر الحصاد
أنا وحيد يا أمي في الحقل
سقتني الشمس من ظلها
ورماني النهر بكسرة لونه
أنا وحيدٌ يا أمي
الحصاد بعيد والرب قد لا ينتظر
فهو الذي يسقيني بنفسه، ويعلمني الكتابَ بنفسه
لكنه لن يقطفني بنفسه
سأعود إلى حالتي الأولى
تسكنني الريح ويرتديني المطر
لا اتذكر من رسمني في الوجوه
ومن دسّني في الحقل
لا أتذكر سوى أني لم أولد بعد
وهذه ليست حياتي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة