إظهار اختلافهم بتنديدهم بـ»سياسيين فاسدين» و»كبار أرباب العمل»
باريس ـ أ ب ف:
تواجه المرشحون الـ11 للرئاسة الفرنسية امس الاول الثلاثاء في مناظرة تلفزيونية سجلت حضورا قويا للمرشحين غير البارزين سعيا لإقناع الأعداد الطائلة من الناخبين الذين ما زالوا مترددين قبل 19 يوما من الانتخابات وإبعاد خطر مقاطعة قياسية تحذر منها التوقعات.
وكتبت صحيفة «ليببيراسيون» امس الأربعاء أن «الخطاب الأكثر انضباطا لممثلي اليمين والوسط واليسار غالبا ما بدا باهتا».
وتابعت الصحيفة أن المرشحين غير البارزين وفي طليعتهم مرشح اليسار المتطرف فيليب بوتو «تصدروا الشاشة» بنبرتهم «الانفعالية والمثيرة للبلبلة والصادقة في غالب الأحيان».
وأشارت صحيفة «لو فيغارو» إلى «جلبة يضيع فيها المنطق»، فيما تساءلت «لو باريزيان/أوجوردوي آن فرانس» إن كانت تلك المناظرة «مفيدة حقا».
وتواجه المرشحان الأبرزان اللذان تتوقع استطلاعات الرأي فوزهما في الدورة الأولى من الانتخابات في 23 نيسان بحصول كل منهما على حوالى 26% من الأصوات، زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن وإيمانويل ماكرون، الوزير السابق في حكومة الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند والذي انتقل إلى الوسط، حول مسألة الخروج من اليورو.
ورأى مصرفي الأعمال السابق أن خطة لوبن القاضية بتطبيق «حمائية ذكية» وتنظيم استفتاء حول التخلي عن العملة الموحدة الأوروبية، ستكون «حربا اقتصادية» ستؤدي إلى «انخفاض القدرة الشرائية للفرنسيين».
وطرح نفسه على أنه مرشح «الانتقال الفعلي والعميق للسلطة»، مبديا استعداده «لاتخاذ تدابير قوية» ومعربا عن «ثقته» في فرنسا.
أما لوبن، فقدمت نفسها على أنها المرشحة التي تريد «إعادة الصوت للشعب» في بلد «رهينة انعدام الأمن المتفاقم» ويعاني من «عولمة خارجة عن الضوابط» و»توتاليتارية إسلامية» و»طعنا في قيمه الجوهرية وحتى في هويته الوطنية».
وبقي مرشح اليمين فرنسوا فيون على الحياد بعض الشيء ولزم موقعا دفاعيا، ولا سيما حين طرحت مسألة إرساء مبادئ أخلاقية في الحياة السياسية.
وقال فيليب بوتو مهاجما خصمه اليميني بعنف «كلما نقبنا من ناحية فرنسوا فيون، لمسنا الفساد والغش. إنهم أشخاص يشرحون لنا ضرورة توخي التشدد والصرامة في حين أنهم يسرقون من الخزائن».
وتراجع فيون إلى المرتبة الثالثة بين المرشحين في نوايا الأصوات (17%) بعد كشف فضيحة تتعلق بوظائف وهمية استفاد منها أفراد من عائلته، ما أدى إلى توجيه التهمة إليه ولا سيما باختلاس أموال عامة، في سابقة بالنسبة لمرشح اساسي للرئاسة.
غير أنه تبنى لهجة حربية ليعد بـ»هزم التوتاليتارية الإسلامية» و»إنقاذ أوروبا» و»تحرير» الاقتصاد من أجل «ترميم العزة الوطنية والوقوف إلى جانب الفرنسيين الذين يطالبون بالنظام والأمن». أما ممثل اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون، الرابع من حيث نوايا الأصوات، فركز هجومه على «المالية» التي «يترتب عليها إعادة الأموال» و»دفع التكاليف للعودة إلى العمالة الكاملة»، مبديا «استعداده لتولي الحكم». ويسجل ميلانشون تقدما في استطلاعات الرأي التي باتت تنسب إليه اليوم 15% من نوايا الأصوات. وكان موضوع أوروبا في صلب النقاشات الأكثر احتداما خلال المناظرة، كاشفا عن انقسامات واضحة بين دعاة تعزيز البناء الأوروبي (إيمانويل ماكرون) ومؤيدي إعادة التفاوض بشأن المعاهدات (جان لوك ميلانشون) والمطالبين بخروج فرنسا من الاتحاد الأوروبيوأو الخروج الفوري من اليورو (مارين لوبن).
وشكلت هذه المناظرة غير المسبوقة قبل دورة أولى من انتخابات رئاسية، فرصة للمرشحين غير المعروفين كخصومهم الأبرز، لإسماع صوتهم في حملة شهدت فضائح وتقلبات في المواقف وتلقى متابعة حثيثة خارج فرنسا، فيما تتوقع استطلاعات الرأي انتقال مرشحة اليمين المتطرف إلى الدورة الثانية في 7 أيار.
وتخللت المناقشات التي استمرت أربع ساعات وأرهقت المشاركين لحظات من الفوضى، غير أنها أتاحت للمرشحين الذين لا يحظون سوى ببضع نقاط في استطلاعات الرأي، إظهار اختلافهم بتنديدهم بـ»سياسيين فاسدين» و»كبار أرباب العمل» و»نظام مستنفد».
وذكر الوسطي جان لاسال بأنه «ابن راع، وشقيق راع» وأنه هو نفسه كان راعيا، مضفيا نبرة خاصة إلى النقاش.
لكن مع منح كل من المرشحين الـ11 فسحة كلام إجمالية بالكاد تخطت ربع ساعة، لم يتمكنوا سوى من ذكر الخطوط العريضة لمشاريعهم من أجل فرنسا وأوروبا وفي ما يتعلق بالقضايا الاجتماعية والوظائف ومكافحة الإرهاب.
وقبل 19 يوما من الانتخابات، ترتدي مسألة إقناع الناخبين أهمية جوهرية، مع إعلان حوالى ثلثهم عزمهم على المقاطعة، وهي نسبة قياسية لانتخابات رئاسية تنجح عادة في تعبئة حوالى 80% من الفرنسيين.