صادق باخان
كان همنغواي يقول بان الوقت صار ياكله مشويا على الحطب ولعل بسبب هذا الاحساس الفاجع اطلق رصاصة من بندقية الصيد على نفسه وليست بي حاجة لاخوض هنا في الفلسفة وعلاقتها بمشكلة الزمن والوجود وانما ارغب الوقوف للحظات في محطة الوقت اتناول خلالها شطيرة همبرغر واترك قطار الزمن يرحل في اسفاره .
كان كانط كلما خرج من داره للتنزه كان الناس يقولون– اضبطوا ساعاتكم نظرا لدقة مواعيده وكان اندريه مالرو يقول بان المرأة تحمل ابنها في بطنها تسعة اشهر لكن ذلك الطفل يحتاج العمر كله لكي يصبح رجلا وحين يحقق رجولته يكون الوقت قد ادركه ويستقبله الموت ، اما برنارد شو فكان يرى بان ستين او سبعين سنة لا تكفي للإنسان بل كان يتمنى لو ان عمره يمتد الى مئة وخمسين سنة او اكثر.
كل هذه الشواهد متصلة بالوقت مهما اختلفت مواقف هؤلاء ودوافعهم منه والوقت بالنسبة للعمل والانتاج مسالة مهمة فالوقت هو الوقت وتظل مسالة استغلاله جوهر.
الدول المتقدمة تدرك قيمة الوقت ولولا ذلك ما كانت تبلغ المستوى الذي بلغته في رقيها ورفاهيتها حتى انها تستطيع ان توظفه في سيكولوجية اثارة الاحباط للتاثير في الشعوب النامية ، فانتم تعرفون هذه الاشاعة القائلة بان شعوب العالم الثالث لا تحترم الوقت ويشنون علينا نحن في المنطقة العربية هذه الحرب بقولهم باننا نمضي اوقاتنا في المقاهي نشرب الشاي ونلعب الطاولي والدومنة او في الاستماع الى اغاني ام كلثوم لساعات طوال وهي تشكو الحبيب الضائع ،كلا ، لم نعد كذلك امام تحديات العصر بل صرنا نعرف قيمة الوقت من خلال هذا الوعي الحاد بالزمن الذي اكتسبناه لنواصل الطريق في احترام الوقت ، واذا كانت اليابان قد استطاعت ان تحول هزيمتها في الحرب العالمية الثانية الى انتصار ساحق في المجالات الاقتصادية وحققت معجزتها الاقتصادية فذلك لأنها احترمت الوقت واعطته قيمته الجوهرية في عملية البناء انسانيا واقتصاديا .
ذات يوم جاء سكرتير ونستون تشرشل متاخرا عن موعد عمله بدقيقتين فاعتذر لهذا التاخير قائلا ما اهمية هاتين الدقيقتين فنظر اليه تشرشل وقال– ويحك يا بني اتظن ان هاتين الدقيقتين ليستا لهما قيمة فاعلم اني مستطيع ان اغير العالم خلال دقيقتين ونحن ليست بنا حاجة لتغيير العالم وانما لتغيير العراق .