طارق حرب
هناك واقعة نادرة عرفتها بغداد في بداية القرن الثامن عشر عندما تزوج والي بغداد سليمان باشا الذي حكم بغداد من سنة 1704 الى سنة 1723 البغدادية السيدة عادلة خاتون والتزم هذا الزوج بشروط الزوجة التحكمية طيلة حياته وحتى وفاته اذ كانت عادلة خاتون تتحكم به كالابن الصغير وهو ينقاد لها كل أنقياد لذلك منعته من الزواج من زوجة ثانية بالرغم من انها لـم تنجـب له ولداً او بنتاً.
وبالرغم من ان ولاة بغداد اعتادوا الزواج من اكثر من زوجة ما دام ان الدين اباح ذلك كذلك فان السيدة عادلة خاتون اشترطت على زوجها عدم وجود اية جارية في قصر الباشوية أي قصر الحكم في بغداد وفي أي مكان يحل به وزاد ذلك عندما كانت تدخل في الحكم والسلطة والادارة, فمثلاً انها اعدت قطعة القماش التي تقدمها كهدية للاخرين كغطاء للرأس اشبه بالعمامة والتي تسمى بـ (العصابة) وتمنحها لموظفي الولاية وغيرهم بمنزلة ان من يرتديها مقرر له عطف الحاكم وعطف منها بحيث انه من المقربين للسلطان والوالي ولزوجة الوالي وبالرغم من ان سليمان باشا هو من اشجع ولاة بغداد واكثرهم بطولة لذلك كان يسميه اهل بغداد بالاسد وابي الليل وابي سمرة ودواس الليل أي الذي يقوم بمهامه ليلاً باعتبار ان الشجاعة هي شجاعة ليل وليست شجاعة نهار تقديراً واحتراماً له من اهل بغداد ولشجاعته , لا سيما وان اهل بغداد هم الذين ساعدوه على الوصول الى منصب والي بغداد بعد اضطراب الامن في بغداد ووجدوا ان منقذهم هو سليمان باشا .
ويذكر اهل بغداد ان احدى العصابات تمكنت من نهب بعض اموال بغداد وهربت الى دمشق فتبعهم الوالي سليمان الى هناك ونهب منهم اضعاف، اضعاف ما نهبوا من بغداد وعادلة خاتون زوجة الوالي سليمان باشا حفيدة والي بغداد المشهور حسن باشا الذي انشأ المحلة البغدادية المعروفة محلة جديد حسن باشا في رصافة بغداد والذي حصل على منصب وزير في الدولة العثمانية وهي ابنة الوالي احمد باشا ابن حسن باشا صاحبة الخيرات والتي مازال جامعها جامع عادلة خاتون بالقرب من مدينة الطب عامرًا وما زالت قطعة الارض التي اوقفتها في شارع النهر للقضاة مشغولة من محكمة الاحوال الشخصية في الرصافة وسليمان باشا زوج عادلة خاتون اصله من دولة جورجيا وكان مملوكا شأنه شأن المماليك الذين حكموا بغداد كالوالي حسن باشا والوالي احمد باشا ذلك ان سليمان باشا كان من مماليك والد عادلة خاتون أي من مماليك الوالي احمد باشا .
وقصة زواجه من عادلة خاتون اشبه بالاسطورة ذلك ان احمد باشا كان شغوفاً بصيد الاسود واصطاد وقتل الكثير منها وحصل مرة ان شاهد اسداً فضربه بالرمح ولكن الرمح انكسر فهم الاسد على الوالي يريد افتراسه فتقدم المملوك سليمان باشا وتمكن من قتل الاسد وانقاذ الوالي من موت محقق وهنا قرر الوالي ان تكون ابنته عادلة خاتون زوجة للمملوك سليمان لشجاعته ومكافأة على انقاذ حياة ابيها وابتدأ سليمان باشا حياته بوظيفة بسيطة في بغداد وتدرج الى وظيفة خازن لبيت مال الولاية والى وظيفة الكهية اي المنصب الثاني بعد منصب والي بغداد كالوزير للسلطان العثماني .
وكان اهل بغداد يهرعون اليه في قضاء مطالبهم وبعد وفاة الوالي بعث السلطان العثماني والياً على بغداد وابعد سليمان باشا الى البصرة , ولكن والي بغداد الذي عينه السلطان العثماني كان محل استهزاء اهل بغداد بسبب ضعفه وكثرة الشكاوى منه وعجزه عن ادارة بغداد وهنا سار سليمان باشا بجيشه من البصرة نحو بغداد و بالرغم من امر السلطان سليمان العثماني له بالرجوع الى البصرة لكنه استمر بالمسير الى بغداد ولم يستطع حاكم الديوانية وحاكم الحلة من الوقوف بوجهه ووصل بغداد وهرب والي بغداد الذي عينه السلطان منها وقابله اهل بغداد بالسرور وحكم فترة جيدة في بغداد لكنه كان يعاب عليه تحكم زوجته عادلة خاتون وانقياده لها كل الانقياد حيث كانت متهورة سليطة وحددت يوماً للنظر بالشكاوى والمظالم في حين ان ذلك من اختصاص الوالي لا بل انها دفعت زوجها الوالي سليمان باشا الى قتل زوج اختها احمد آغا بكون انه يروم الوصول الى السلطة بدله .
الأسد سليمان باشا يحكم بغداد وزوجته عادلة خاتون تحكمه
التعليقات مغلقة