بغداد – ميشيل كاروسو كابريرا
ترجمة الهادر المعموري
اكد مصدري استخباري رفيع لمحظة سي إن بي سي إن الهجمات التي نفذها مقاتلو دولة العراق والشام الاسلامية ضد مبنى البنك المركزي في الموصل ومعه المصارف الاخرى الاصغر في المدينة لم تقدم للمجموعة المليشياوية فرصة الحصول على مئات الملايين من الدولارات كما اوردت تقارير صحفية في البداية.
و ياتي هذا الكلام بعد إن صرح محافظ الموصل لجريدة نيويورك تايمز ومعها وسائل اعلام اخرى إن تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام تمكن من سرقة ما يقرب من 400 مليون دولار من البنك المركزي في الموصل فضلا عن عدد اخر من مصارف المحافظة, عدا عن استيلائه على كميات كبيرة من الذهب كذلك.
لكن المصدر الاستخباري ذاته اكد إن اعمال السطو التي نفذتها الجماعة في الموصل اكسبتها مبالغ تقدر ببضعة ملايين من الدولارات عوضا عن بضعة مئات من الملايين منها.
و في مرحلة ما, اوردت جريدة الغارديان البريطانية من لندن إن مصادر استخبارية رفضت الكشف عن هويتها صرحت لها بأن تنظيم داعش قد يكون الاكثر ثراءا بين التنظيمات الارهاب في العالم, وانه يتوفر على ثروة تقدر بمليار ونصف المليار من الدولارات. لكن اجهزة الاستخبارات تنظر بشك عميق الى هذه الارقام وحتى مصادرها.
في سياق متصل, فأن داعش قد لا تملك ما يكفي من الاموال او الموارد لادامة سيطرتها على مساحات واسعة من الارض, مساحة بحجم ولاية وايومنغ الاميركية, والتي تمكنت من الاستيلاء عليها في غرب العراق, حسب ما اكد السفير الاميركي السابق جارلز ريز الذي يشغل حاليا منصب نائب الرئيس فضلا عن كونه زميلا مساعدا في مركز راند للدراسات.
ويقول ريز الذي شغل سابقا منصب منسق الانتقال الاقتصادي في السفارة الاميركية في بغداد للفترة 2007-2008, يقول معلقا «لا استطيع تصور إن الموقف قابل لان يستديم على هذا النحو من الناحية الاقتصادية.»
وحسب السفير ريز, ففي الايام الاعتيادية, تقوم الحكومة العراقية المركزية بتزويد المناطق «السنية» بما يقدر بـ500 مليون دولار لتغطية نفقات المرتبات الحكومية على ثلاث محافظات, فضلا عن 500 مليون دولار اخرى تذهب الى مشاريع الاستثمارات في البنية التحتية.
ويضيف ريز مستدركا «إن تلك الارقام تشكل ما يقدر بمليار دولار شهريا. و إن من الصعب تخيل إن تنظيم داعش و هو يتدبر اعمالا مثل ما هو معروف عنه من خطف وسرقات ونهب للبنوك واستحصال للضرائب جراء عبور الشاحنات عبر المناطق التي يسيطر عليها, كي يتمكن من جمع 500 مليون دولار شهريا, فكيف اذا ارادوا الوصول الى عتبة المليار دولار على اساس شهري منتظم!.»
من جانب آخر, فأن المناطق التي يسطر عليها تنظيم داعش تضم ما يقدر بـ6 ملايين انسان يتلقى عدد كبير جدا منهم مرتبات حكومية.
ويقول ريز معلقا «إن العراقيين معتادون على نمط دعم غير قليل على بعض السلع مثل الاغذية, الامر الذي يمثل جزءا مما تتكلفه الحكومة تخفيفا عن كاهل المواطن. لذلك, فأن من المستحيل بمكان على تنظيم داعش إن يتمكن من ادامة مستوى الخدمات الحالي على وضعه ضمن المناطق السنية في البلاد كما يريد من الناس إن يتوقعوه منه.»
قدر تعلق الامر بالتقارير التي اشارت الى إن داعش قد يتوفر على ثروة تتجاوز المليار دولار, فقد توافق ريز مع مصادر استخبارية اميركية اعربت عن شكوكها العميقة بهذا الرقم, و بصرف النظر عما تقدمه دول الخليج السنية الغنية بالنفط من تمويل لتنظيم داعش عدا عن النفط الخام الذي يسيطر عليه التنظيم و يصدره من بعض مناطق سوريا التي يحتلها.
ويقول يرز «انني اشك انهم يتوفرون على اي مصدر للعوائد, عدا عن استحالة توفرهم على مبلغ مليار ونصف المليار دولار لأعالة المناطق السنية التي استولوا عليها في العراق. وحتى لو كان التنظيم يتوفر على هذا الكم من الاموال, فأن قدرته على التصرف لن تدوم سوى لاشهر قليلة و حسب».
كما اشار ريز الى إن من الحتمي إن يعجز تنظيم داعش عن مواجه الامر فعليا, حيث إن الامر اشبه بسقي حقل زراعي لكن السقي هنا يتم بالاموال. و اذا لم يحصل السقي, حسب قول ريز, فان الاقتصاد سيجف ويموت نهائيا.