اقتراب وطني

الانجاز الكبير الذي ينتظره العراقيون جميعاً هو تحرير مدنهم من الاحتلال الداعشي وطرد فلول عصاباته وعودة الامن والاستقرار الى مناطق العراق كافة وبموازاة ذلك الانجاز تقترب مجموعة من الاستحقاقات الوطنية التي لابد من تضافر الجهود لاجل تحقيقها وفي مقدمة هذه الاستحقاقات اعادة اعمار هذه المدن التي دمرت الحرب اجزاء واسعة من مرافقها وتثبيت دعائم الامن وعودة النازحين اليها والشروع باكمال الخدمات الى مواطنيها ..
ومن دون وئام ومصالحة مجتمعية وسياسية بين ممثلي المكونات التي تتشارك العيش في هذه المدن لايمكن ضمان أي تقدم في هذا الملف واذا كنا نريد البحث عن آليات لبث الحياة من جديد في هذه المناطق من العراق فلابد اولا من الانطلاق من مشروع وطني مركزي تنهض به بغداد العاصمة التي يلتقي عندها زعماء الكتل ويجتمع فيها الدعم العربي والعالمي لاية مبادرة يتفق عليها العراقيون ولربما كان مشروع تثبيت الامن والاستقرار في الانبار وصلاح الدين وديالى والموصل فرصة كبيرة للدخول في مشاريع سياسية اوسع ترسم معالم العراق الجديد وقبل الدخول في تفاصيل هذه المشاريع يقتضي الحال اولا ان يكون هناك اقتراب وطني بين الاحزاب والكتل الممثلة في الحكومة والبرلمان من اجل خلق مناخ آمن يطمئن فيه الجميع على النوايا والاهداف اما التباعد والتعمق في اطلاق الاتهامات فسيكون مانعاً وعائقاً كبيرًا في الاسراع بانجاز هذا الملف وفي الوقت نفسه فان اي دعم اقليمي او عالمي سيكون قاصراً ومترددًا وهو يرى اهل العراق منقسمين في مشروع وطني هو لخدمة شعبهم ووطنهم ومن المؤسف اننا ومع اقتراب موعد تحرير الموصل واستكمال حلقات الانتصار النهائي ان نسمع من بعض قادة الكتل السياسية او ممثليها تصريحات تبشر بمرحلة جديدة تريد فيها هذه الكتل فرض اراداتها وتشترط مجموعة من الشروط للمضي مع تطلعات العراقيين للخلاص من شرور الارهاب ويحاول بعضهم التعكز والاستقواء بدول محورية لها مساس مباشر بالقضية العراقية وتمتلك ادوات التأثير في الكثير من الملفات المتأزمة وسيكون من المناسب مخاطبة ومصارحة مثل هؤلاء وتنبيههم بان الابتعاد عن المشروع الوطني العراقي والاقتراب من المشاريع الخارجية الاخرى هو ابتزاز مقيت يكشف عن انسلاخ اخلاقي وفي الوقت نفسه هو الانتهازية بعينها التي تنتظر الفرص للقفز والوصول الى الاهداف مهما كانت الاضرار التي تصيب الوطن وأهله ..مانحتاجه اليوم جميعاً اقتراب وطني يمكننا من عبور المرحلة الاصعب باقل التضحيات وقد علمتنا التجارب ان التحالفات الداخلية هي التي تمنح العراق القوة وان التحالفات الخارجية هي التي افضت الى الهدم والتفكك والتشرذم.
د.علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة