مقداد عبدالرضا
عذراً للشيخ النيسابوري فريد الدين العطار, فلقد استعرنا اسم كتابه عنواناً لعمودنا هذا, وليسمح مشكوراً ان غردنا ببعض من جمله على لسان بلبله العاشق (ما ان اصاب العشق روحي بجبروته, حتى اصبحت بحراً مضطرب الامواج, وكل من رأى اضطرابي فقد رشده, ولما كان معشوقي في بداية الربيع ينثر على الدنيا اريج عطره, ففيه تكتمل سعادة قلبي, وبطلعته اتخلص من اضطرابي, وان يعاود محبوبي الاحتجاب, يصبح البلبل المضطرب قليل الكلام).
منذ اكثر من ربع قرن وبيتنا لايخلو من طير غرد, سيدة يستهويها تغريد العنادل جاءت به, الاول ابعد وحشة الحرب, الثاني انسجم مع تغريد طائر جاري, لكنه سقط فجاة وواراه سامر الثرى, الثالث ألف القلوب على القلوب, لكنه اختفى, وجدناه بعد حين محشورا بين الارائك, وهاهو الرابع, قفص؟
احتجت رفيف بعد ان عاشت في الغرب ردحاً من الزمن, اطلقته, عاث في البيت, الا غرفتي فانا لااسمح له بتعلم ثقافة البشر لذلك تجدني اهشه بحنو, يخرج مطيعا, جفل في البداية, نحاول ان نكون اصحابه, سيدة البيت تستقبله بكل الحنين, تضعه في كفها, تحممه بين يوم ويوم آخر, ينقر لها اصابعها عرفانا, ينتفض مبللا وجهها برذاذه, تناديه, يحلق يلامس رأسها ويحلق سعيدا, اريج عين القلادة, تحبه, تحبنا, تحب الدنيا, تسهر وتخاف عليه, علينا جمعيا, كأننا ابناؤها, صار يأتي المائدة كلما وضع الطعام, ينقر بسعادة قطع الخضار, الف الجميع والفناه, قبل ايام ليلا , اصابت اريج الحمى, حمى قاسية, بكت جراءها, انا اجلس في الصالة اتعلم كيف يصنع فلليني افلامه, الطير فوق الطاولة يئن بصوت واهن لم اعتده من قبل, قلت لنفسي, شاخ واقتربت ساعته, اصابني حزن, عند الصباح تعافت اريج, اقتربت مني وحكت لي العجيب من الامر, قالت في اثناء نومي صحوت على حركة فوق رأسي جفلت لها, لكني وجدت الطير هناك, من حركتي حلق, نمت مرة اخرى احسست به فوق كتفي يقف وكان مرضي احزنه وجاء يسأل عني, الطائر يحلق عالياً, سعيدا, يغرد تغريدة العشق, تعافى قلبي, الان هل عرفت يامقداد لم كان الطائر يئن؟
الطائر لا ينام في القفص بل على غصن من اغصان البيت, هو العاشق وانت المعشوقة, وحتى تكتمل السعادة, تعالي نستمع لمحمد عبدالوهاب وبلبله الحيران, الطير يقف الان فوق الطاولة يستمع معنا, ياللسعادة..