جرائم الشرف

علي عبد العال

يلحق بنا «العار» حتى المشوار الأخير من الحياة كشرقيين «متخلفين»؛ أينما نحط الرحال في العالم المتمدن. هكذا تدور بنا الأيام في عجلة التاريخ القديم والحديث. «شرفنا الكبير» يتلخص بالسلوك القهري للنساء والفتيات العذراوات تحت سطوة الرجال المنحرفين. شرفنا لا يتلخص بالمعرفة والعلم والدراسة والتقدم الحضاري، شرفنا له مفهوم واحد هو «ممارسة الجنس». 

يقتل الأب ابنته ويقتل زوجته ويقتل اخته تحت شعار «الشرف». هذا « الشرف العار» هو سنّة محرفّة في التاريخ البشري. البشر خلقوا لكي يتعارفوا ولكي يتلاقوا ولكي يتلاقحوا ويتزاوجوا، إن أشرفكم عند الله أتقاكم. «التخلف» سمة اجتماعية عامة غالبا ما تتستر بالأديان المختلفة والأخلاق المزيّفة. إنها قيّم موروثة اجتماعيا عبر مراحل طويلة من الزمان للسيطرة على الجزء الثاني من الخليقة، المتلخص بذلك المخلوق البشري العجيب الذي اسمه حواء. نقول في هذا المجال والمضمار من الكتابة والكلام أن المرأة هي سيدة التاريخ البشري على مرّ العصور. ظلمُ الرجل للمرأة على مرّ التاريخ لايوازيه أي ظلمٌ في الكون. هو مجرد إنتقام سافر لمجدها الخالد الكبير كونها ام وحبيبة وأخت وزوجة. النساء الشجاعات والمقدامات هنّ أفضل من الرجال الجبناء الفاسدين والأغبياء العاطلين عن العمل والعاطلين عن الإبداع والعاطلين عن الحب. 

ينقل المهاجرون والمنفيون القسريون جراثيمهم الاجتماعية ومفاهيمهم الثقافية الساذجة إلى مجتمعات جديدة، متحضرة، علمية، واقعية، صريحة ومنفتحة إلى أبعد الحدود. لماذا ألقت الأديان رداء التخلف والحجاب على عاتق النساء بكل هذه المهانة والذلة ولا تلقيه على أكتاف الرجال المستبدين سوى عن طريق القتل والذبح؟ هل تلك الممارسات لها دخل بالأخلاق؟ الرجل يقتل المرأة، طفلة أو أخت أو زوجة تحت بند الشرف. من الذي يرتكب «جرائم الشرف» بحق النساء سوى الرجال ذاتهم. لماذا لا تستطيع المرأة قتل الرجل الخائن تحت ذات البنود الأخلاقية المزعومة؟

الرجل يغتصب والرجل يعتدي على الفتيات الصغار والرجل يقترف الجرائم الكبيرة ويذبح زوجته وبناته وعشيقاته بعض الأحيان. الرجل يفعل كل ما يحلو له من جرائم خارجة عن القانون، ومن ثم تحميه القوانين المتخلفة الجائرة. يقتل بعض المسلمين والمسيحيين فلذات أكبادهم من الفتيات الصغيرات ليس بوازع ديني وإنما بوازع اجتماعي تقليدي متخلف. الشرف بالعلم وليس بما يجري تحت الحجاب. غالبية الفتيات اليافعات شريفات بالسليقة، والقلة منهن يمتهنن الحرف المخلة تحت الضغوط المعيشية القاهرة. كل امرأة وكل فتاة تسعى للنور والخلق أكثر مما تسعى للخطأ والشر. النساء الشريفات أفضل من الرجال الأوغاد وأكثر رحمة بالمجتمع وصالحه العام. النساء هم الأمهات والحبيبات والأخوات والبنات الطيبات ورود المستقبل..

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة