د. علي شمخي
يشبه الصراع الدائر في العراق صراع رفقاء ركبوا سفينة وسط امواج متلاطمة للخلاص من القراصنة.. تعاهدوا على السلام وعلى المضي نحو الضفاف الامنة بوثيقة اسمها (الدستور) ثم سرعان مادب الخلاف فيما بينهم في كيفية الوصول الى تلك الضفاف ….هؤلاء المتصارعون في العراق غير آبهين بالسنة النار التي يمتد لهيبها وسعيرها ويقترب كل يوم من مدننا ..وغير مدركين لما يهدد به ويصرح به آخرون بثقب هذه السفينة والتهديد باغراق من فيها ….ومثلما توقعنا من على هذا المنبر فقد تفاقم الخلاف وتشدد المتنافسون في منطقهم وحججهم ووصل التقاطع الى مربع التخندق ..ونال من كل ماكان متوقعا بعيدا عن هذا الصراع ..ان اخطر مايواجهه العراق اليوم هوالتشكيك بدستور اتفقت عليه الملل والنحل في العراق وتعاهدوا واقسموا باليمين على الالتزام ببنوده وروحه ..وماخرج لنا خلال الايام القليلة الماضية من مشاهد الخلاف بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية حول دور واستقلالية وحيادية مفوضية الانتخابات كنا قد حذرنا منه مراراً وتكراراً وهو مكمل للتنازع على الصلاحيات في مؤسسات اخرى مشابهة اريد لها ان تكون بمأمن عن تلك الصراعات .. وكان يمكن للجنة صياغة الدستور التي تم تشكيلها منذ سنوات ان تنقذنا من اجتهادات كثيرة برزت وتبرز في كل مفصل من مفاصل القوانين ومشاريعها التي تقدم او تعرض على مجلس الوزراء ومجلس النواب الاانها تركت للمحكمة الاتحادية كثيراً من هذه المفاصل مفتوحة النهايات ومتعددة التفاسير بما يستلزم توفير مساحة زمنية مضافة كي تقوم هذه المحكمة بالبت في مواضع الاختلاف هذه ويمكن القول اننا نعيش اليوم لحظات مصيرية للخروج من هذا التشابك وهذه الدوامة التي جلبها لنا من قاموا بتدبيج مفردات هذا الدستور الذي لربما في ظاهره يمثل مشروع امل لبناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة تتسق مع مظاهر التنوع في هذا الوطن وفي باطنه تسري نيران التفاسير والتأويل ومالم يتفق العراقيون على صيغة للخروج من هذه العقدة ومن هذا الالتباس فان هذه الخلافات ستتعقد اكثر ولربما تصل بالمتصارعين في السفينة الى نقطة اللاعودة وستغرق السفينة ومن فيها وحينها لاينفع الندم …!! ان خطابنا موجه لمن يريد اغراقها ويفكر بعقلية (انا ومن بعدي الطوفان ..!!) ونقول له اذا فقدنا الاتفاق على الدستور وبنوده فهذا يعني ببساطة اننا فقدنا الاتفاق على الوطن ..وعلى الهوية فبأي لغة سنتحدث ونخاطب من حولنا في العالم اذا كنا لانملك هويتنا …ايها المتصارعون حافظوا على ماتبقى من الوطن واجلسوا وفصلوا الدستور وبنوده واشرحوا القوانين بعيداً عن الضجيج ثم اذهبوا الى قبة البرلمان ومجلس الوزراء وصوتوا على ماتتفقون عليه وتختلفون حوله ..وخلاف ذلك فانكم سائرون بالسفينة الى الغرق وتقتادون من فيها الى الجحيم الذي يريده لنا القراصنة والارهابيون الذين باتوا كل يوم يقضمون قطعة من ارض هذا الوطن ويشعلون الحرائق في الاقضية والنواحي في تراجع خطير للمنظومة العسكرية التي باتت عاجزة عن وقف الاختراقات الخطيرة وسيطرة هؤلاء على مساحات من وسط العراق تهدد امن البلاد واستقرارها .. ايها المختلفون ..ليس المهم ان تختلفوا على بنود الدستور وانما المهم ان نتفق بعد كل هذا الخلاف …!! حينها يمكن القول ان النجاة مكفولة لمن ركب السفينة …!!وان الهلاك محتوم لمن تخلف عنها …!!