حذام يوسف طاهر
تزدحم مكتباتنا بآلاف المطبوعات المترجمة عن عدد من اللغات، وتتسيّدها اللغة الإنجليزية التي ترجمت عنها الاف الكتب الى اللغة العربية، وعرفت القارئ العربي والعراقي على العديد من الثقافات والأفكار.
اختلفت الآراء والطروحات حول الترجمة، وتأثيرها على النص الأصلي، وعلى المتلقي، فيرى عدد من النقاد في الساحة الأدبية والثقافية، ان المترجم يجب ان يكون اديبا متمكنا من اللغتين، ليرتفع بالنص الى الفكرة التي يضمنها النص الأصلي، مؤخرا استسهل عدد من الكتاب موضوع الترجمة، وترجمت عدد من النصوص العربية الى لغات متنوعة منها الإنجليزية والألمانية والفرنسية وغيرها من اللغات، وبالمقابل ترجمت عدد من النصوص العالمية عن هذه اللغات، من دون البحث في اصل النص من قبل المتلقي الذي يصله النص جاهزا، ولكن يبقى الناقد الادبي هو الباحث الأول عن الدقة والمصداقية في ترجمة هذه النصوص، وبرغم عدم تمكني من اللغة الإنجليزية الا قليلا جدا، وفي حدود بعض المفردات المتداولة بشكل عام، لكني في أحيان كثيرة التقط بعض الإخفاقات في ترجمة نص معين في بعض مقاطعه، واكتشف ان من ترجمها لا يمتلك من شروط الترجمة، الا معرفة متواضعة باللغة المترجم عنها !!
الخطورة في موضوع الترجمة تكمن عندما تكون الترجمة عبر أكثر من لغة، بمعنى ان تترجم من الإنجليزية الى اللغة الألمانية ومنها الى العربية فتصل للقارئ العربي بعد ان مسخ النص إذا جاز لي التعبير وتغير ليكون نصا جديدا ومتواضعا مقارنة بالنص الأصلي، وأكثر الترجمات إشكالية تلك التي يقوم بها المترجمون من المغرب العربي، فثقافتهم فرنسية ويتحدثون بها بطلاقة تتفوق كثيرا على لغتهم العربية!! هنا تكون الترجمة متعثرة وغير موفقة بالمرة.
الشاعر والمترجم عبد الواحد مسلط يتحدث في مقال طويل له عن اخلاقيات الترجمة ويقول « ينبغي للترجمة ألا تتحيز الى جنس بذاته من الأدب، وألا فسوف تصنف الأخلاقيات في مثل هذه الحالة الى أخلاقيات نخبوية أو شعبية وليست شمولية. ولا شك أن تصنيفاً كهذا ناشئ عن أحكام اجتماعية عرضة للتغير بتغير الزمن، أن ما يُعد أدباً شعبياً في زمنٍ ما، قد يتغير مقامه ويصبح أدباً نخبوياً وبالعكس. أن ما ينطبق على الأدب، ينطبق على اللغة ايضاً، أذ أن ثمة لغة يستعملها النخبة وأخرى يستعملها عامة الشعب ومثال ذلك اللغة اللاتينية في أوربا التي تبناها النخبة من المثقفين، بينما أستعمل النـاس في البلـدان الأوروبيـة لغاتهم المحلية التي كانت لها لهجات متنوعة، ومع مر الزمن صارت بعض هذه اللهجات لغات قياسية جديدة».
ويعلق الشاعر التركي الشهير ناظم حكمت عندما ترجمت قصائده إلى لغة أخرى بأنها «أصبحت قصائد المترجم».