نساء تَرَكْن أثرًا في الحياة العلمية

متابعة الصباح الجديد:
عندما يُذكر الحديث عن العلماء الإناث، يُهيمن اسم واحد دائمًا على الساحة، ألا وهي عالمة الفيزياء والكيمياء الشهيرة «ماري كوري»، أول سيدة تفوز بجائزة نوبل، وأول من يحصل عليها مرتين، فضلًا عن كونها السيدة الوحيدة التي فازت بها في مجالين مختلفين.
لا يمكن إنكار إنجازات كوري وما قدمته من إسهامات جليلة في مجال الفيزياء والكيمياء، والتي لم تقتصر على خدمة عملها الخاص وحسب، بل ساعدت الأجيال اللاحقة من الفيزيائيين والكيميائيين. لكن هناك العديد من النساء اللاتي تركن بصمتهن القوية في مجالات العلوم المختلفة، وأسهمن بدور فعّال في تطوير العلوم، وإنقاذ ملايين الأرواح. نستعرض في عدد متواضع من تلك الأسماء.

سارة سيجر.. مكتشفة أكثر من 700 كوكب خارج المجموعة الشمسية
«سارة سيجر» عالمة فيزياء فلكية وعالمة كواكب في معهد «ماساتشوستس» للتكنولوجيا، ولدت عام 1971 في «تورنتو» بكندا، وتُركز أبحاثها العلمية على تحليل بيانات الكواكب الواقعة خارج المجموعة الشمسية.
طرحت العديد من الأفكار الجديدة التي اسهمت في تطوير مجال الكشف عن الكواكب خارج المجموعة الشمسية، وتسعى أبحاثها الرائدة إلى اكتشاف الأجواء الخارجية للكواكب الخارجية، وفهم المزيد عن طبيعة الحياة في عوالم أخرى.
وقد اكتشفت سارة 715 كوكبًا باستعمال تلسكوب كيبلر الفضائي، واختارتها مجلة «تايمز» الأمريكية ضمن أكثر 25 شخصية مؤثرة في مجال الفضاء لعام 2012.

ريتا ليفي مونتالشيني.. مكتشفة عامل نمو الأعصاب
ولدت عالمة الأعصاب «ريتا ليفي مونتالشيني» في مدينة «تورينو» الإيطالية عام 1909، واستطاعت من خلال دراستها وتجاربها المتواصلة في مختبرها الصغير بمنزلها في «تورينو»، ثم في جامعة واشنطن، اكتشاف بروتين عندما تُفرزه الخلايا فإنه يُحفز نمو الأعصاب من الخلايا النامية المجاورة، وتمكنت بمساعدة الدكتور «ستانلي كوهين»، عالم الكيمياء الحيوية بجامعة واشنطن، من عزل ذلك البروتين ووصف تركيبه الكيميائي، وذلك في أوائل خمسينيات القرن الماضي.
سُمي ذلك البروتين باسم «عامل نمو الأعصاب»، واسهم اكتشافه في تغيير دراسة نمو الخلايا وتطورها. كذلك فتح آفاقًا جديدة أمام العلماء لدراسة اضطرابات النمو العصبي وفهمها، مثل تلك التي تحدث في أمراض مثل الزهايمر والخرف، إلى جانب إمكانية تطوير علاجات لها.
كرست «ريتا» حياتها كلها للعلم؛ فلم تتزوج أبدًا ولم تنجب أبناء، وشاركت في تأليف عشرات الدراسات البحثية، وحصلت على العديد من الجوائز المهنية، بما في ذلك الميدالية الوطنية للعلوم. وفي عام 1960، ساعدت في تأسيس معهد علم الأحياء الخلوية في روما، وأصبحت أول مديرة له.

باربرا مكلنتوك.. أول سيدة تحصل على جائزة نوبل بمفردها
في حين يمنع كثير من الآباء فتياتهم من التعليم، ويُوفّروهن للأعمال المنزلية، ويدفعون بهن إلى الزواج المبكر، كان والد «باربرا» على العكس تمامًا. ولدت عالمة الجينات الأميريكية «باربرا مكلنتوك» في عام 1902، ولم ترغب والدتها في إلحاقها بالجامعة؛ خشية أن يُقلل ذلك من فرصها في الزواج، غير أن والدها حثّها على الالتحاق بجامعة كورنيل، التي التحقت بها بالفعل ودرست علم النبات وعلم الوراثة، وهذا بالرغم من ان الجامعة لم تكن تمنح النساء شهادات في علم الوراثة في ذلك الوقت.
مع ذلك، أتمت «باربرا» دراستها بنجاح، وحصلت على شهادة الماجستير والدكتوراه من جامعة كورنيل في علم النبات، وانضمت إلى مجموعة صغيرة من العلماء الذين يدرسون علم الوراثة الخلوية، وكانت عضوًا فعالًا بينهم، وشرعت في دراسة التحليل الجيني لحَبّات الذرة، العمل الذي شغلها طوال حياتها المهنية.
وبعد سنوات من الدراسة والبحث، نجحت «باربرا» في اكتشاف تتابعات معينة من الحمض النووي، يمكنها تغيير موقعها داخل الجين. سُميت هذه التتابعات باسم «العناصر المتنقلة»، والتي غالبًا ما يشار إليها باسم «الجينات القافزة».
وعندما تُغير هذه الجينات موقعها، يمكن أن يؤثر هذا في طريقة التعبير الجيني، وهي العملية التي يجري من خلالها تحويل المعلومات من الجينات؛ لإنتاج مركبات وظيفية تكون في الأغلب البروتينات، الأمر الذي يمكن أن يؤدي لحدوث بعض الطفرات، التي قد تكون غير ضارة، وقد يكون البعض الآخر مسؤولًا عن حدوث أمراض مثل: الهيموفيليا، وسرطان الثدي.

دوروثي هودجكن.. أول من اكتشفت بِنية فيتامين «ب 12»
أظهرت «دوروثي هودجكن» التي ولدت في عام 1910، اهتمامًا مبكرًا بالعلوم وخاصةً الكيمياء والبلورات، وأظهرت شغفًا بها في نحو سن العاشرة. وقد شجّع هذا الاهتمام أحد أصدقاء والديها، الذي قدّم لها المواد الكيميائية، وساعدها في فهم تركيبها وتحليلها.
وفي عام 1928، التحقت بجامعة أوكسفورد لدراسة الكيمياء، وهناك كانت من أوائل الذين تعلموا دراسة بنية المركبات العضوية باستعمال الأشعة السينية، ثم انتقلت إلى جامعة كامبريدج في عام 1932، لإجراء أبحاث الدكتوراه مع الفيزيائي البريطاني «جون ديزموند برنال».
وفي معمل «برنال»، واصلت «دوروثي» العمل الذي بدأته على الجزيئات البيولوجية، وأصبحت رائدة في استعمال الأشعة السينية في الكشف عن بنية الجزيئات الحيوية مثل البنسلين، والأنسولين؛ مما ساعد شركات الأدوية على إنتاجها بكميات كبيرة، وبالتالي إتاحة علاجات جديدة للعدوى البكتيرية، ومرض السكري.

ساو لان وو.. عالمة فيزياء أسهمت في اكتشاف بوزون هيغز
ولدت عالمة فيزياء الجسيمات الصينية الأميريكية «ساو لان وو» في مدينة «هونج كونج» الصينية، ثم التحقت بجامعة فاسار، وحصلت منها على درجة البكالوريوس في الفيزياء عام 1963، وتبعتها بحصولها على الدكتوراه في الفيزياء من جامعة هارفارد عام 1970.
قادت «ساو لان وو» فريقًا، يتألف من 20 عالمًا فيزيائيًّا بجامعة ويسكونسن، يعملون في المنظمة الأوروبية للبحوث النووية، ونجحوا في اكتشاف «بوزون هيغز»، الجسيم الأولي الذي يُعتقد أنه المسؤول عن اكتساب المادة لكتلتها، في الرابع من (تموز) عام 2012.
جاء هذا الاكتشاف بعد أربعة عقود طويلة من البحث، وكان الفريق الذي قادته ساو جزءًا من «تحالف أطلس»، أحد تحالفين كبيرين في المنظمة الأوروبية للبحوث النووية، لتحقيق هذا الاكتشاف.

روزالين يالو.. مطورة تقنية المقايسة المناعية الشعاعية
ولدت عالمة الفيزياء الطبية «روزالين يالو» عام 1921، في مدينة نيويورك الأميريكية، وتخرجت بمرتبة الشرف من كلية هنتر التابعة لجامعة نيويورك عام 1941، وبعد أربع سنوات، حصلت على درجة الدكتوراه في الفيزياء من جامعة إلينوي.
حازت «روزالين» جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء والطب، بالاشتراك مع العالمين: «أندرو سكالي»، و«روجر غويلين» عام 1977؛ وذلك لمساهمتها في تطوير تقنية «المقايسة المناعية الشعاعية» (RIA)، وهي تقنية بالغة الدقة تستعمل في قياس كميات دقيقة من المواد النشطة بيولوجيًّا، عن طريق استعمال الأجسام المضادة.
وساعدت دقة تلك التقنية التشخيصية في الكشف عن الأمراض المعدية مثل: فيروس نقص المناعة البشرية، والتهاب الكبد في التبرعات الدموية؛ من أجل التأكد من إجراء عمليات نقل الدم بصورة آمنة وفعالة. وفي وقت لاحق، مكنت تلك التقنية العلماء من إثبات أن داء السكري من النوع الثاني، ينتج من عدم قدرة الجسم على استعمال الأنسولين استعمالاً صحيحًا.

جيرترود بيل إيليون.. مطورة أول عقار فعال لعلاج سرطان الدم
ولدت عالمة الكيمياء الحيوية والعقاقير الأمريكية «جيرترود بيل إيليون» عام 1918، وبعد وفاة جدها بالسرطان عندما كانت في الخامسة عشرة من عمرها؛ دفعها ذلك إلى دراسة الطب وتكريس حياتها لإيجاد علاج لهذا المرض الفتاك.
وبالفعل، اكتشفت جيرترود عقار «البيورينيثول»، أول عقار فعال في علاج سرطان الدم، إلى جانب تطويرها 45 علاجًا لمساعدة الجهاز المناعي على محاربة السرطان، ومنع رفض زراعة الأعضاء مثل الكلى، وهي إنجازات ضخمة جعلتها تحصل على جائزة نوبل في الطب عام 1988، بالاشتراك مع «جورج هيتشنز» و«جيمس بلاك».

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة