كشفت عن «اعترافات خطيرة» تخص التنظيم
متابعة الصباح الجديد:
كشفت محكمة التحقيق المركزية عن القبض على مجموعة معنية بالملف المالي للإرهاب في بغداد بعد جهد تحقيقي بالتنسيق مع القوات الامنية، مؤكدة أن الاعترافات اظهرت أن تنظيم داعش الارهابي بات يعتمد على طريقة جديدة في التمويل بالتزامن مع خسارته مناطق نفوذه.
وبين قضاة المحكمة أن المتهمين تحدثوا عن استقلال مالي منح لولايات التنظيم تتلقى بموجبها المبالغ أما عن طريق حوالات خارجية أو بضائع تدخل إلى البلاد وتباع في الأسواق بأثمان بخسة قسم منها يقدم للزبون تحت عنوان «عرض خاص».
وقال قاضي تحقيق في المحكمة إن «تنظيم داعش الإرهابي كان يعتمد في السابق بعد سيطرته على المناطق وإعلان خلافته المزعومة عام 2014، على المركزية في التمويل لأنه تمتع حينها بنوع من الاستقرار الاداري على اراض واسعة داخل العراق وخارجه».
وتابع في حديث نقله، المركز الاعلامي لمجلس القضاء الاعلى واطلعت عليه «الصباح الجديد» أن «الاموال التي تصل إلى التنظيم خلال عامي 2014 و2015 من مصادره المتعددة داخلية أو خارجية كانت ترسل إلى ديوان المال في الموصل ومنها يتم توزيعها على الولايات التابعة له بحسب احتياجاتها ووفق موازنات يضعها الولاة الماليون والاقتصاديون».
وأشار إلى أن «تقدم القوات العسكرية في العام الحالي والماضي وتحريرها اغلب المناطق التي كانت خارج السيطرة وإزاء انكسار العدو، اضطر التنظيم الارهابي إلى اعتماد اسلوب جديد وهو منح الولايات نوعا من الاستقلال المالي، من خلاله تم اعطاء صلاحية تلقي الواردات وإنفاقها مباشرة دون العودة إلى مركز ما تسمى بالخلافة».
ولفت قاضي المحكمة إلى أن «الجهد التحقيقي والأمني اسفر العام الحالي عن القبض على مجموعة مهمتها توفير مصادر تمويل ولاية بغداد، كشف افرادها في اقوالهم المصدقة قضائياً عن الاليات الجديدة المعتمدة في العاصمة».
وأوضح أن «الاعترافات افادت بأن التنظيم الارهابي يعتمد على أسلوبين في ايجاد مورد مالي في بغداد وهما طريق مباشر، وآخر غير مباشر بعد خسارته مناطق نفوذه لاسيما في الموصل».
وأستطرد القاضي أن «الطريق المباشر يكون عبر الحوالات التي تصل إلى العاصمة من قبل اثرياء موجودين في دول الجوار يرسلون مبالغ مالية».
وأورد أن «هذه المبالغ بعضها يكون بكميات كبيرة ما يتطلب اتخاذ بعض الاجراءات التي فرضها القانون العراقي كي يتسلمها المعني في بغداد من شركة الحوالة ويعطيها إلى التنظيم الارهابي».
وأردف أن «مستلم المبالغ، وهو تابع إلى تنظيم داعش، يعطي بعض المعلومات كأن يكتب أنها ثمن لشراء عقار أو معمل أو عجلة ويدوّن معلوماته الشخصية».
ويعرب القاضي عن اسفه لأن «الاجراءات الرسمية المفروضة على تسلم مبالغ تفوق 10 الاف دولار هي شكلية، كون المستلم لا يقدم وثيقة تدل فعلياً على أن ما تلقاه هو ثمن لشيء يريد أن يشتريه، انما يتم الاكتفاء بمجرد الادعاء».
وذهب إلى أكثر من ذلك بالقول إن «عمليات تحويل مالي تجري خارج تلك الاجراءات الشكلية، إنما بواسطة الهاتف النقال بين اصحاب شركتين الاول في بغداد والاخر خارجها يتم الاتفاق في ما بينهم على منح مبلغ إلى شخص ما تابع للتنظيم»، مشدداً على أن «هذه الحالة تحدث مع اصحاب المكاتب المتواطئين مع داعش».
وأضاف القاضي ان «الطريق المباشر للتمويل في بغداد بحسب الاعترافات يتم لمرة واحدة فقط أو مرتين شهريا وبمبالغ وصلت أحداها إلى 27 ألف دولار».
أما عن المبالغ الكبيرة جداً، ذكر نائب المدعي العام في المحكمة «أن اعترافات هذه المجموعة اوضحت أن التنظيم يلجأ إلى الطريق غير المباشر من خلال ارسال بضائع يتلقاها صرافون تابعون له يقومون ببيعها إلى تجار».
ويؤكد أن «البضائع تدخل إلى البلاد بشكل رسمي يمنح بعضها الى تابعين للتنظيم دون مقابل ويكون قسماً من الناقلين متعاونين ويعرفون حقيقتها».
ونبه إلى أن «الاسواق العراقية شهدت مؤخراً وجود بعض البضائع تباع بثمن بخس جداً لا تتناسب مع اسعار مكوناتها أو خزنها، وتبين أن بدلاتها النقدية تذهب إلى التنظيم من خلال هؤلاء الصرافين والمتعهدين وشركات تجارية متواطئة معهم».
وأردف أن «تحقيقات المحكمة توصلت إلى وجود شركات متعاطفة مع داعش تقوم بمنح البضائع التي يستوجب عليهم اتلافها كون صلاحيتها قريبة النفاد إلى صرافين تابعين إلى التنظيم دون مقابل مالي لكي يتم بيعها بأثمان رخيصة تحت عنوان بات معروفا في المتاجر وهو (عرض خاص) في اشارة تجذب الزبائن».
ودعا إلى «استحداث جهاز جديد ومحترف تابع لمؤسسات الدولة المعنية بالملف الاقتصادي يكون معنيا بمتابعة حركة الاموال ورصد أي شبهات حولها لاسيما الداخلة على شكل بضائع».
وأكمل نائب المدعي العام بالقول إن «تنظيم داعش يقوم بإنفاق هذه الموارد على عملياته في بغداد وكذلك دفع المستحقات المالية المعروفة لديه باسم (الكفالات) إلى مقاتليه وذوي سجنائه وموقوفيه وقتلاه الذين سقطوا خلال عمليات التحرير أو نتيجة جهد تحقيقي واستخباري اسفر عن القبض عليهم».