هل باستطاعتنا ان نصنع حاضرا» مشرّفا» وسط جو مشحون بالتناقضات، هناك صورة ضبابية تحدق ببلداننا تؤلمنا ، ترهقنا ، تعرقل مسعانا ، تحبطنا ، تعزز بداخلنا الانانية ،التعصب والخوف من الآخر ، تجعلنا نتساءل هل بالامكان ابعاد غبارالسموم عن مجتمعاتنا ، ليتسنى لنا خلع ثوب الطائفية والتمسك بوحدتنا الوطنية ، ننتصرمن خلالها على الاحزان وننعم بنظرة تفاؤلية تبتسم لنا الحياة من بعدها.
كتب علينا في بلاد الشرق العيش داخل مجتمعات متعددة المذاهب والاديان ، فبدلا من تعزيز العلاقة فيما بيننا وزرع بذور المحبة والتسامح والتعايش السلمي المبني على الاحترام المتبادل ، اسهمنا بتأجيج المشاعر الطائفية ودمج الدين في الصراعات السياسية ، وساعدنا بذلك وجود حكومات ضعيفة فشلت في استقطاب جميع فئاتها والتساوي فيما بينهم ،حتى وصلنا الى مسار خاطىء جّرنا الى صراعات ايديولوجية تبث الكراهية ، وتزيد من تأزم الاوضاع ، لنثبت القول « بأن الدين هو افيون الشعوب» .
ان أفضل وسيلة لتفتيت الأنظمة والدول والشعوب هي تعميق التعدد الطائفي والمذهبي والعرقي ، خاصة عندما تسيّس الاديان وتستعمل للسيطرة على الشعوب من خلال الولاء للطائفة ، واكتساب المواقع ، التي تساعد على تعبئة الجماهير وتندلع على اساسها الحروب داخل الاوطان . فالانقسامات الطائفية المتأثرة بالعوامل الداخلية والخارجية يكون لها أثار سلبية على مستقبل بلداننا من خلال زرع الشك في نفوس المواطنين وفقدان الثقة وشراء الضمائر التي تساعد على زرع الفتن فيما بين الشعب الواحد، مما يخلق عاهة مجتمعية مستعصية من الصعب معالجتها او السيطرة على انتشارها.
مسيحيو الشرق يعيشون الاسوأ هذه الايام نتيجة الهجرة والاضطهاد وأعمال العنف التي استهدفت بيوتهم وحرقت كنائسهم وقتلت احلامهم حتى شعروا بانهم مستهدفون خاصة بعد ظهور الجماعات المتطرّفة العمياء والحاقدة سياسيا ودوليا» ، فقد تراجع عدد المسيحيين بصورة كبيرة وحوربوا في كثير من البلدان العربية بالرغم من اسهامهم في النهضة الاقتصادية في البلاد ، وكان لهم أثر كبير في النهضة الثقافية نذكرمن ادبائهم «جبران خليل جبران» «ميخائيل نعيمة» ،هذا وما يزال المسيحيون حتى اليوم يلعبون دوراً حضارياً ،ثقافياً وعلمياً وقومياً فهم جزء مهم من النسيج الاجتماعي ،وعلينا ان لا ننسى دورهم في السياسة حيث احتلوا مواقع بارزة، لنجد بانهم يشكلوا النخبة داخل المجتمعات التي يتواجدون بها ، وفي الثورة على الاستعمار خاصة بفكرهم ومؤلفاتهم وأعمالهم المشرفة.
ان تفاقم مظاهر العنف والقتال والصراع والفوضى والفلتان كلها عوامل تهدد من تماسك المجتمع ، وتؤثر على السلم الاهلي والاستقرار على جميع المستويات الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية مما ينجم من جرائها اضرار جسيمة تؤثر على النسيج الاجتماعي ، لذلك علينا الحرص بتعزيز سلطة سيادة القانون من خلال زرع الامن والاستقرار بعيدا» عن الفوضى ، وتعزيز ثقافة الحوار وحل الصراعات الداخلية بطرق سليمة.
*كاتبة لبنانية
ايمان عبد الملك