الطبيعة الطائفية للجهاد في سوريا وتداعياتها السلبية

شارك فيه 30 متطوعاً من كندا و100 من الولايات المتحدة

بغداد – ماثيو ليفيت:

تهدد الحرب في سوريا بإحداث صدعٍ في المنطقة على طول خطوطها الطائفية وصولاً إلى تعاظمٍ ساحق في النزعة المتطرفة العنيفة داخل المعسكرات السنية والشيعية الراديكالية على حد سواء.

ومع تدفق اللاجئين الثابت عبر الحدود السورية ومعاناة الدول المجاورة معه، تقع الوطأة المباشرة للصراع على هذه الدول المحاذية لسوريا. لكن تداعيات الحرب في سوريا تتردد أصداؤها إلى أبعد من الحدود السورية. وفي الأسبوع الماضي وقع حدثين أوضحا المسألة لصانعي السياسات في بلدان الأم ـ لهؤلاء المتطرفين ـ بطرقٍ محددة للغاية.

في 25 أيار، أصبح المواطن الأميركي منير أبو صالحة (20 عاماً)، أول انتحاري أميركي في الجهاد السوري. وبعد مرور أقل من 24 ساعة، اغتيل فوزي أيوب – أحد أكبر قادة “حزب الله” الذي كان يعيش سابقاً في الولايات المتحدة وكندا، وأصبح مواطناً كندياً بالتجنس، وكان اسمه مدرج على لائحة أبرز الإرهابيين المطلوبين من “مكتب التحقيقات الفيدرالي” – وذلك في كمين.

ويبدو أن تحول أبو صالحة نحو التطرف لم يستغرق سوى فترة قصيرة، وهذه ظاهرة، بحسب تقرير لمعهد واشنطن، تشيع بشكل متزايد في الوسط السني المتطرف. أما أيوب فكان من جهته عميلاً متمرساً ينتمي إلى “حزب الله” منذ فترة طويلة. والقاسم المشترك بين هذين الشخصين هو الطبيعة الطائفية للحرب المفتوحة في سوريا. وبما أن كلا الطرفين السني والشيعي يرى الحرب من منظارٍ وجودي، فكلما طالت الحرب ازداد تدفق المقاتلين الأجانب إلى سوريا.

ووفقاً للمسؤولين في سلك إنفاذ القانون، رحل عشرات من المقيمين في الولايات المتحدة وكندا – حوالي 30 من كندا وما يصل الى 100 من الولايات المتحدة – للقتال في سوريا حيث انضمت غالبيتهم العظمى إلى الجماعات المتمردة السنية، من ضمنها “جبهة النصرة” التي تدور في فلك تنظيم “القاعدة” و “داعش”.

وقد استهدفت الشاحنة المفخخة التي فجرها أبو صالحة مركزاً عسكرياً سورياً في محافظة إدلب، وأفادت التقارير أن ذلك الهجوم قد نُفّذ على يد ثلاثة انتحاريين وأطنان من المتفجرات، وتبنّته مجموعتان، من ضمنها “جبهة النصرة”.

وخلصت الاستخبارات الأميركية إلى أن بعض الجماعات التي تقاتل في سوريا تطمح لمهاجمة الولايات المتحدة. لنأخذ مثلاً حالة عبد الرحمن الجهني، أحد عناصر تنظيم “القاعدة” المدرج على لائحة الولايات المتحدة للإرهاب، الذي أصبح منذ منتصف العام 2013 “جزءاً من مجموعة كبار أعضاء “القاعدة” في سوريا التي شُكلت للقيام بعمليات خارجية ضد أهداف غربية.” وبالنسبة إلى جيمس كومي، المدير الجديد لـ “مكتب التحقيقات الفيدرالي”، أوامر المكتب واضحة “نحن مصممون على عدم السماح لمجرى الأحداث في سوريا اليوم بوقوع 11/9 ثانية في المستقبل”.

لكن التطرف السني ما هو سوى وجهٌ واحد لمعادلة التطرف في سوريا. ففي شهر آذار اعتقل عملاء “مكتب التحقيقات الفيدرالي” محمد حسن حمدان من ولاية ميشيغان بينما كان ينوي السفر إلى سوريا للقتال إلى جانب “حزب الله” الشيعي.

وقد لقي عدة مئات من عناصر “حزب الله” حتفهم خلال قتالهم لصالح نظام الأسد، لكن قلّة منهم يتمتع بسيرة فوزي أيوب الذاتية. فقد انضم أيوب إلى “حزب الله” في أوائل ثمانينات القرن الماضي وسرعان ما أُرسل لتنفيذ العمليات في الخارج، من ضمنها مؤامرة خططها “حزب الله” عام 1987 لخطف طائرة عراقية كانت تغادر مطار بوخارست. ثم عاود الظهور في كندا حيث نال الجنسية الكندية. ولاحقاً تسلل أيوب عبر أوروبا إلى إسرائيل لتنفيذ عملية تفجير هناك واعتقل في السجون الفلسطينية والإسرائيلية على حد سواء قبل أن يرحَّل إلى لبنان بموجب صفقة لتبادل السجناء. وقد انتظره حسن نصر الله على مدرج مطار بيروت لاستقباله واحتضانه.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة