عامر القيسي
لابمكن لما حدث في سامراء يوم الخميس من انهيار امني فاضح الا ان يثير الكثير من الاسئلة، ليس لدى المراقبين للوضع العراقي فقط بل حتى للمواطن السامرائي، حين يكتشف ان مدينته لاحراس لها وان بالامكان اختراقها واحتلالها وذبح اهلها وتدمير مقدساتها خلال ساعات، وللحقيقة فان موقف اهالي سامراء من هؤلاء الهمج هو من انقذ المدينة وانقذنا من كارثة حقيقية!
في مقدمة الاسئلة..
كيف حدث هذا الانهيار، الذي يحلو للقيادات الامنية ان تسميه خرقا؟
كيف استطاعت اكثر من اربعين سيارة مدججة بالرجال والسلاح فوق المتوسط بما فيها سيارات همر من دخول المدينة وقتل عدد من القوات الامنية واستعراض العضلات في طول سامراء وعرضها حتى انسحابها الآمن ؟!
كبف ان هؤلاءالتكفيريين لم يضربوا مرقدي الامامين العسكريين وهم على بعد اقل من كيلومتر منهما؟
ووحده الله اعفانا هذه المرّة من عقاب قاس لوان احد مرقدي الامامين العسكريين تعرضا للاذى كما حصل في عام 2005 ،وهل انطبقت على المهاجمين في سامراء يوم الخميس الآية القرآنية « جعلنا من بين ايديهم سدا ومن خلفهم سدا فاغشيناهم فهملايبصرون»!
الله ستر ..
واسئلة لما قبل استباحة المدينة .. كيف ومتى تجمع هذا العدد من المقاتلين بعيدا عن الانظار، وهل لاحق احد هذه القوة التي تنزهت حقيقة في سامراء واختفت في صحرائها كما لو انها «فص ملح وذاب» كما كانت تقول جدتي، رحمها الله، عن الاشياء التي تظهر وتختفي دون تفسيرات واضحة، أو تحوم الشكوك حول الظهور والاختفاء المفاجئين!
من حقنا ان نطرح عشرات الاسئلة عمّا جرى في سامراء تحديدا، لان المحظور لو حصل لكنا الآن نخوض في غمار حرب 2005 الطائفية الشكل والمضمون ، وعلى الاسئلة ان لاتخلط بين ما حصل في سامراء وما يجري من انهيارات امنية في محافظات البلاد من البصرة الى نينوى مرورا بالنجف وتأملا فيما يجري في بغداد العاصمة المدججة بالقولت الامنية !
ماحصل في سامراء يقول لنا دون ليس وغموض الى ان مؤسستنا الامنية جبش وشرطة ومخابرات بالامكان اختراق كل تحصيناتها وخططها بسهولة ، تحيلنا ايضا الى االكثير من الاسئلة عن الخطط الامنية التي نادينا مرّات ومرّات بان المنظومة الامنية وخططها بحاجة الى اعادة نظر لكي تستطيع ان تواجه تنوعات قوى الارهاب في خططهم، واسئلة عن التسليح الضعيف لحرّاس المدينة، وحسب شهود عيان فان المسلحين كانت بحوزتهم اسلحة اكبر من متوسطة فيما كان الجندي العراقي حائرا برشاشة الكلاشنكوف ، وهي حالة تحيلنا الى اسئلة عن المليارات التي صرقت وتصرف على تسليح قواتنا الامنية في مواجهة الارهاب !
رغم كل ذلك .. يبقى المطلوب تفسيرا لما حصل في سامراء مع ورود معلومات لقيادات امنية وعسكرية من ان قواتا لمسلحين تتجمع وتتهيأ لمهاجمة سامراء ، وكأنك ما ناديت حيا !
تبقى «انّ» مشروعة على ما حدث في سامراء ، ويبقى النداء قائما باعادة استراتيجيات بناء وتسليح وعقلية قواتنا الامنية، ويبقى الاهم من كل ذلك والقاعدة التي يقوم عليها الملف الامني وذيوله ، هو الوضع السياسي وتعقيداته ، والقناعة من ان الوضع الامني الهش والمهلهل، هو نتاج عملية سياسية هشة ومهلهلة وبائسة!
من يريد ان يحفظ دماء العراقيين ويتحدث عن العراق الجديد عليه اولا ان يحل الاشكال السياسي في البلاد ومن خلفه الاجتماعي ، وفي غير ذلك سنشهد أكثر من فلوجة واكثر من سامراء وسيبقى مشهد الدماء والصحايا عنوانا للمشهد العراقي ، ان لم «يتطور» وينزلق الى حرب يخشاها الجميع دون ان يقفوا حائلا دون اندلاعها !!