هشام الهاشمي يحذر من سوق «مرعبة» تديرها مخابرات أجنبية
بغداد ـ داود العلي:
كشف باحث متخصص في الجماعات الإسلامية، معلومات عن تسلح أهالي مدن عراقية في الفترة الأخيرة، فيما أكد أن أسعار السلاح في العراق انخفضت إلى حد كبير، مقارنة مع دول المنطقة.
وقال هشام الهاشمي، في تصريح إلى «الصباح الجديد»، إن «الحكومة العراقية تواجه مشكلة حقيقية في الحد من انتشار السلاح، لأن دائرة نزع السلاح المرتبطة بمكتب رئيس الوزراء لم تتمكن في الوقت الراهن من إيجاد حلول مناسبة أمام التسونامي الجارف للسلاح الذي يعصف بالعراق»، على حد تعبيره.
وأضاف، «هذه الآفة تفتك بأهم وأغلى عنصر تمتلكه الدول، وهو القوة البشرية، وتحديداً الشباب».
وتابع، «الخطر يزيد عندما يجري تهريب السلاح إلى العراق ثم يقع بين يدي الإرهابيين والمليشيات، فتصبح الأضرار مضاعفة والنتائج أكثر فتّكاً».
ومضى الهاشمي إلى القول، «هناك شهادات عينية عن أسلحة حديثة ومتطورة لدى مقاتلي داعش والفصائل الأخرى، بعضها لا يعود إلى فترة النظام السابق، ما يعني أنها دخلت البلاد بسهولة».
وقال الهاشمي، «هذه الأسلحة يصعب تصنيعها محلياً».
وأوضح الباحث العراقي أن, «أماكن بيع السلاح الخفيف والمتوسط واحيانا الفتاك، معروفة منها في محافظة ميسان ومناطق جبال حمرين وخانقين وشيخ بابا وكفري وبدرة وجصان والنهروان وابو عروج والتنومة والجبايش والبدعة والفجر وجبلة والعويسات والبعاج والكرابلة والسلمان ومعيجل وجلام والبوحشمة وربيعة وزمار».
وبحسب الهاشمي، فإن معظم تجار السلاح في هذه المناطق يسعون إلى التعامل مع الجميع، وليس عندهم تقاطع في استقطاب جميع أشكال الزبائن من خلال طرق وأساليب متنوعة».
وأشار الهاشمي إلى أن, «القراءة الأولية للتصريحات الرسمية الصادرة عن المؤسسات الحكومية العراقية تؤكد أن هذه الأرقام متباينة، وأحيانا يكون الفرق شاسعا جداً بين تقرير وآخر».
ويرجع الهاشمي سبب التباين إلى «طبيعة الجهات التي تُصدر مثل هذه الإحصاءات ومدى قربها أو بعدها من الحقيقة».
وزاد بالقول، «لا يمكن إهمال الجانب السياسي في التضليل الإعلامي في هذا المجال، إلى جانب محاولات الحكومة عدم بث حالة من الرعب في المجتمع، وإخفاء المصاعب التي تواجه الدوائر الأمنية المسؤولة على نزع السلاح، في السيطرة على ظاهرة التوسع في التسليح».
ووجد الباحث العراقي، أن «الإحصائيات غير الرسمية تشير إلى أرقام تتجاوز ضعف ما تنشره الجهات الرسمية».
وذهب الهاشمي إلى الاعتقاد، بأن «الهوس بامتلاك السلاح ينتشر في المجتمع الريفي بين كل الفئات العمرية الذكورية، حيث تتحدث التقارير غير الرسمية عن أن انتشار السلاح في الأرياف، في المرحلة العمرية بين ١٥-٦٤سنة، فيما ينتشر الاهتمام في السلاح بين الأشخاص المراهقين أكثر من البالغين».
وقال الهاشمي، «هناك مناطق في أطراف ووسط العاصمة العراقية تعرف بانتشار تجار بيع السلاح والأعتدة، من بينها مدينة الصدر، وهي منطقة مكتظة بالسكان وعلى مقربة من مبنى وزارة الداخلية، كما يتواجد تجار بيع السلاح في مدينة الشعلة والتاجي والشعب وحي الأمين الثانية وهور رجب، وغيرها».
وأضاف، «الزائر لهؤلاء التجار يلاحظ أنهم يبيعون بالسلاح بشكل علني، الأمر الذي يجعل ظاهرة تجارة السلاح في العراق مألوفة لدى شرائح المجتمع المختلفة، وبالتالي يؤثر ذلك على سلوكيات الشباب المراهق باتجاه الإرهاب والأجرام».
وفي ما يتعلق بسلاح الجماعات المسلحة، السنية أو الشيعية، قال الهاشمي إن, «نحو ٧٠٪ من أسلحتهم وذخيرتها تعود إلى فترة النظام السابق، بينما السلاح الذي تم تسليمه للحكومة مقابل مبالغ مالية اثناء صولة الفرسان لا يتجاوز ١٪ من سلاح مليشيا جيش المهدي في ذلك الوقت، ومعظم ذلك السلاح فاسد ومعطوب».
وكشف الهاشمي، أن «تسليم السلاح جرى فقط من الذين خضعوا لضغط الجيش الأميركي، وأنهم لم يقلعوا عن التسلح بصورة نهائية بل حازوا السلاح مرة أخرى».
وأشار إلى أن, «تأكيد الحكومة العراقية على الأعداد المهولة من عملية كشف أكداس السلاح والذخيرة، من جانب، وارتفاع أعداد الحائزين للسلاح، من جانب آخر، يظهر عدم نجاح القوات الحكومية في نزع السلاح وقصور حملاتها التثقيفية والتوعوية للتحذير من حيازة السلاح وأضرار الحيازة على الفرد والمجتمع».
وقال, «انتشار جرائم الإرهاب والمليشيات في المجتمع العراقي، وغياب الرغبة في التصدي لحيازة وتجارة السلاح، من أهم أسباب ارتفاع نسب جرائم الإرهاب والمليشيات بين شريحة الشباب واليافعين في العراق».
وشدد الهاشمي على أن «حكومة العراق عام٢٠١٤ ستواجه مشكلة كبيرة تعصف بالمجتمع العراقي».
في سياق متصل، قال الهاشمي، إن «أسعار السلاح في العراق انخفضت بشكل كبير في الفترة الأخيرة مقارنة مع دول المنطقة، بينما ترتفع أسعار مواد البناء والإنشائية والحاجيات الضرورية للمواطن العراقي بشكل يومي».
وتابع قائلاً، «المفاجأة هي أن أسعار الكلاشنكوف والبي كي سي والقاذفات من نوع آر بي جي، انخفضت نتيجة لحرب شرسة بين مخابرات دولة الجوار الداعمة لتجار السلاح في العراق، ومحاولة من تلك المخابرات فرض أجندتها على القرار السياسي العراقي والاستئثار به».
في هذا الصدد، يقول الهاشمي، إن «أجهزة الأمن العراقي تكشف أن أكثر من ٢٥-٣٠ طن من (السي فور) المادة الأساسية في صناعة المتفجرات تصل العراق شهريا، وهذا يعني أن ما يتم تهريبه إلى العراق يتجاوز هذا الرقم بأضعاف مضاعفة».
على المستوى الإقليمي، يعتقد الهاشمي، أن «العراق أصبح بوابة وممراً رئيساً لتهريب السلاح إلى تركيا وايران والمنطقة العربية ، والأخطر من ذلك أن تجار السلاح».