جدل بين ناخبين ومدراء محطات انتخابية بشأن آليات التصويت
السليمانية – كرستين فان دن توم:
عاد أربعة آلاف ناخب جاءوا من خارج إقليم كردستان أدراجهم في يوم التصويت حينما أخبروهم بعدم إمكانية مشاركتهم في الانتخابات، والسبب كان على ما يبدو لوجستيا مثل بطاقات الهوية الخطأ والموقع الخطأ، والتواريخ الخاطئة.
كان السؤال الذي يوجهه موظفو الأمن للأشخاص الذين يدخلون مدرسة الجواهري في شمال مدينة السليمانية، في إقليم كردستان هو “هل أنت عربي أم كردي”؟ ثم أخبروهم أن العرب لا يستطيعون التصويت في المكان.
وتجمع إثر ذلك حوالى مائة عراقي من العرب – معظمهم من بغداد وبينهم عدد قليل من ديالى، في مدرسة الجواهري. معظمهم يقول أنه صوت في هذه المدرسة ذاتها في الانتخابات السابقة.
“لقد عشت هنا مدة عشر سنوات وأدليت بصوتي في الانتخابات الأخيرة هنـا حيـث أقيم” قال أحد العراقيين الذين يتحدرون من أصول بغدادية مشيرا إلى بطاقة إقامته الكردية، بحسب ما نشره موقع “نقاش”، المتخصـص بالشـأن العراقـي.
كان من ضمن المحتشدين أمام المدرسة عائلات معها أطفالها ونساء مسنات يلبسن العبايات ورجال بعضهم يرتدي البدلات والبعض الآخر يرتدي الدشاديش وجميعهم أمضى نهاراً طويلا وجميعهم يروي رواية “مطارة الأوزة البرية” التي جعلتهم ينتقلون من مركز اقتراع إلى آخر والكثيرين منهم ذهبوا إلى مدرسة سولاف أولاً وهي المركز الانتخابي المدون على بطاقتهم الانتخابية ولكن عند وصولهم إلى هناك أخبروهم بأن عليهم الذهاب إما إلى مدرسة الصناعة أو إلى مدرسة الجواهري.
“استيقظت في تمام الساعة السادسة والنصف صباح يوم الأربعاء وكنت متحمساً جداً للمشاركة في الانتخابات والإدلاء بصوتي فيها”، قال رجل آخر من أصول بغدادية يعمل في شركة لتكنولوجيا المعلومات وهو يقيم في السليمانية منذ ست سنوات.
وأضاف، “كنت أرغب أن أقول كلمتي في تشكيل الحكومة المقبلة”.
كان الشعور السائد بين المحتشدين هو الشعور بالإحباط ولكن كان هناك أيضاً عامل المفاجأة وكان هناك شعور عميق بالتصميم، حيث دار العديد من الناخبين حول المدرسة لساعات، وهم بانتظار أخبار أو حلول، كان العديد منهم يعتقد أن المفوضية العليا للانتخابات ستقدم حلولاً لهذه المشكلة وكانوا راضين وسعداء وهم ينتظرون لساعات طويلة إلى حين وصول هذه الحلول.
وفي وقت لاحق من صباح يوم الانتخاب ذهبت مجموعة من العراقيين العرب لم تتمكن من التصويت إلى المكاتب المحلية للمفوضية العليا للانتخابات للحصول على المزيد من المعلومات.
“كنا حوالي 300 شخص” قال أحدهم واصفاً ما حدث في ذلك الصباح. ثم أضاف “شكلنا حلقة حول المقر بالقرب من حديقة آزادي ولكن جاءت الشرطة وضربتنا بأعقاب البنادق وأجبرتنا على مغادرة المكان”.
وتبريرا لعدم السماح للعراقيين العرب بالتصويت في مراكز الاقتراع في السليمانية، تم ذكر العديد من الأسباب، حيث ألقى باللائمة على بطاقات الانتخاب الإلكترونية الجديدة.
يقول مدير محطة الاقتراع في مدرسة الجواهري، “يجب أن يصوِّت الناخب في المكان الذي صدرت فيه بطاقته الإلكترونية… لقد صدرت بطاقاتهم في بغداد لذا عليهم التصويت في بغداد”.
مسؤول آخر في محطة الاقتراع، ولكن هذه المرة في مدرسة سولاف أكد إن الماسحات الضوئية لن تتمكن من قراءة بطاقات الانتخاب في حال تمريرها فيها.
بدت فكرة الحاجة إلى الذهاب إلى بغداد للتصويت “سخيفة” بالنسبة للكثيرين من المحتشدين أمام المدرسة، إحدى العائلات التي كانت تنتظر هي عائلة أستاذ في جامعة السليمانية جاء هو وزوجته وابنتيه، واحدة منهن كانت طبيبة والثانية مهندسة ولكنهم لم يتمكنوا من التصويت للسبب ذاته.
بعض العرب العراقيين الآخرين الذين كانوا يدورون حول المكان قالوا أنهم تمكنوا من الإدلاء بأصواتهم لأنهم نقلوا مكان إصدار بطاقتهم التموينية من بغداد إلى السليمانية “إذا غيرّت مكان إصدار بطاقتك التموينية، يمكنك التصويت” قال أحمد وهو طالب من بغداد يعيش حاليا في كردستان العراق لم يذكر لنا سوى اسمه الأول.
تغيير البطاقة التموينية في العراق يعني ضرورة تغيير جميع الوثائق الإدارية الأخرى وهو أمر متعب للغاية نظرا للبيروقراطية السائدة في البلاد.
فعلى سبيل المثال، غيرت إحدى العائلات مكان إصدار بطاقتها التموينية من بغداد إلى السليمانية، حيث تعيش منذ ثماني سنوات ومع ذلك كان عليها أن تستلم بطاقاتها الانتخابية الإلكترونية من بغداد ولكنها لم ترغب في المخاطرة في الذهاب إلى هناك من أجل إحضار البطاقات.
“الأوضاع خطيرة هناك” قال رب أسرة يعمل مهندساً ثم أكمل “لماذا يجب علي الذهاب إلى بغداد والمخاطرة بحياتي أو بحياة أحد أفراد أسرتي؟ لا، لا أستطيع الذهاب إلى بغداد”.
العقبة الأخرى التي واجهها الناخبون العراقيون العرب في كردستان العراق كانت مسألة التوقيت حيث جرت الانتخابات الخاصة في العراق لأفراد قوات الأمن والجيش والشرطة، الذين من المقترض أن يمارسوا عملهم يوم الانتخابات الفعلية، قبل يومين، أي يوم الاثنين.
ويقول مدير محطة الاقتراع في مدرسة الجواهري أن اقتراع العرب المقيمين في كردستان العراق كان من المفترض أن يتم أيضاً في اليوم ذاته، أي في 28 أبريل، بدلاً من 30 أبريل.
رفض الناخبون الساخطون الذين كانوا ينتظرون خارج المدرسة هذا القول بشدة، وقالوا أن أحداً لم يخبرهم بذلك ولم يتم الإعلان عن هذا الموعد في وسائل الإعلام أو من قبل أحد من موظفي الأمن في المدرسة لكن أحد الناخبين وقال إنه أتى ظهر يوم الاثنين ولكن لم يُسمح له بالتصويت.
وبسؤال المتواجدين في المكان، كان من الصعب تصديق أي من الروايتين ولكن كان هناك شبه إجماع أن وسائل الإعلام لم تذكر أي شيء بخصوص هذا الموعد.