حكومة الاقليم تفقد اخر اوراقها التفاوضية مع بغداد وتذعن لقرار محكمة باريس الدولية

تركيا أعلنت التزامها التنفيذ

السليمانية – عباس اركوازي:
رحبت اوساط شعبية ورسمية على مستوى البلاد وكذلك الإقليم، بقرار محكمة التحكيم الدولية في باريس، الذي جاء لصالح الحكومة العراقية ضد تركيا، التي سمحت لحكومة الاقليم بتصدير النفط دون موافقة الأولى، مخالفة بذلك أحكام «اتفاقية خط الأنابيب العراقية التركية» الموقعة في عام 1973.
والسر في الترحيب بهذا القرار الدولي، انه يمنح الحكومة الاتحادية فرصة سانحة لفرض شروطها على أربيل أثناء صياغة قانون النفط والغاز الفدرالي، سيما بعد ان كانت حكومة الإقليم قد رفضت على مدى الأشهر الطويلة الفائتة قرار المحكمة الاتحادية الذي نسف ان يكون للإقليم الحق في اصدار قانون للنفط والغاز خاص به، وتضمن في الوقت نفسه ضرورة تسليم النفط الى حكومة البلاد.
اكثر من هذا، فان الحكم الدولي لصالح حكومة البلاد، يعني أن حكومة الإقليم فقدت آخر الأوراق التي كانت تسمح لها بالضغط اثناء تفاوضها مع الحكومة الاتحادية.
وطالبت الحكومة الاتحادية بمبلغ 33 مليار دولار من تركيا مقابل الأضرار، التي تسبب بها عن تصدير النفط من حقول الاقليم، لكنها لم تتمكن من الحصول على هذا المبلغ، وأن تركيا أمرت بدفع 1.4 مليار دولار للعراق لتغطية الفترة 2014-2018.
وعول رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، على التفاهمات الأخيرة بين أربيل وبغداد، في تخطي التبعات السلبية للقرار على حكومته التي تعتمد بنسبة 90% على ايرادات تصدير النفط في تأمين رواتب ملاكاتها.
وقال بارزاني في تغريدة على تويتر، إن «تفاهماتنا الأخيرة مع بغداد وضعت لنا الأساس لحل المشكلة المتعلقة بقرار التحكيم اليوم»، معلنا عن زيارة فريق حكومي الى بغداد من أجل الحوار، مردفاً «للبناء على النيّة الحسنة لمناقشاتنا».
وتعني حكومة الإقليم بهذا، أن قرار المحكمة لصالح الحكومة ضد تركيا لن يعيق العلاقات مع حكومة بغداد.
وبدورها علقت وزارة الثروات الطبيعية في حكومة الإقليم على كسب الحكومة الاتحادية دعوى التحكيم في قضية تصدير النفط عبر تركيا، مشيرة الى انها أجرت حوارات ومفاوضات متواصلة مع الحكومة الاتحادية، وآخرها بشأن ملفي الموازنة، والنفط والغاز، توصل الجانبان حينها إلى اتفاق مبدئي وتفاهم جيد تحت مظلة الدستور والحقوق والمستحقات الدستورية لإقليم كردستان.
من جانبها رحبت وزارة النفط الاتحادية بقرار هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس بشأن تصدير النفط عبر تركيا، مؤكدة انها ستقوم ببحث آليات تصدير النفط العراقي عبر ميناء جيهان التركي مع الجهات المعنية في الإقليم ومع السلطات التركية، مشيرة الى ان وزارة النفط من خلال شركة تسويق النفط العراقية «سومو» هي الجهة الوحيدة المخولة بإدارة عمليات التصدير عبر ميناء جيهان التركي.
وأصدرت هيئة التحكيم، يوم الخميس الماضي 23 آذار 2023، الحكم النهائي في دعوى التحكيم المرفوعة من قبل العراق ضد تركيا، لمخالفتها أحكام «اتفاقية خط الأنابيب العراقية التركية» الموقعة في عام 1973، لصالح العراق.
وتنص الاتفاقية الموقعة بين البلدين الجارين على، «وجوب امتثال الحكومة التركية لتعليمات الجانب العراقي فيما يتعلق بحركة النفط الخام المصدّر من العراق الى جميع مراكز التخزين والتصريف والمحطة النهائية».
وقال الخبير في مجالات الطاقة ياسين عمر للصباح الجديد، ان قرار محكمة باريس ضد تركيا، يمنح لحكومة محمد شياع السوداني فرصة سانحة لفرض شروطها على أربيل أثناء صياغة قانون النفط والغاز الفدرالي.
واضاف ان التطورات الاخيرة جاءت بعد ثلاثة أيام من زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى تركيا، حيث أتفق السوداني مع الجانب التركي على ربط مدينة البصرة عبر خط سكة حديد بتركيا.
واضاف ان المشروع في حال تنفيذه سيلحق أضرار فادحة وكبيرة بالإيرادات الجمركية المتأتية من منفذ ( ابراهيم خليل) الحدودي بين إقليم كردستان وتركيا.
وكانت الدعوى التي رفعتها الحكومة الاتحادية عام 2013 في عهد الحكومة الثانية لنوري المالكي، قد مرت بمراحل مختلفة، من تجميد وتفعيل بطلب وضغوطات من القيادة السياسية الكردية، فان العراق يطالب فيها تركيا بسداد نحو 26 مليار دولار إلى العراق، كاضرار نجمت عن قيام الحكومة التركية بالسماح لتصدير وبيع نفط الإقليم، خلال السنوات الماضية، دون موافقة رسمية من الحكومة العراقية.
واصدرت المحكمة الاتحادية العليا، قبل اشهر حكما يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز الذي أعدته حكومة الإقليم، مطالبة إياها بتسليم النفط الى الحكومة الاتحادية باعتبار ان ثروات البلاد لجميع مواطنيها، الأمر الذي اغضب سلطات الإقليم في حينها، التي انتهجت سياسة « تحقيق الاستقلال الاقتصادي» وبدأت عام 2010 بتأسيس مشروع أنبوب كردستان الذي يمتد من حقول الإقليم ويمر عبر الاراضي التركية إلى مينا جيهان التركي.
ويصدر الإقليم 400 الف برميل من النفط يومياً ويعتمد بنسبة 77% على تصدير النفط للحصول على الإيرادات المالية، وما تزال غير قادرة على توزيع رواتب موظفيها لشهر شباط المنصرم، ووفق خبرمنشور في موقع «أرغوس» فإن شركة ( ترافيغور) العالمية التي كانت تقوم بنقل صادرات نفط الاقليم إلى الاسواق العالمية قد قطعت تعاملتها مع حكومة إقليم كردستان.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة