ظل ودفء وامان

انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي فديو يصور اباً بكل رحمة وإنسانية يتقاسم مع ابنه “قطعة من الكرتون ” تحمي من حرارة الشمس في ظل ارتفاع درجات الحرارة حيث تتجاوز درجة الحرارة خلال أوقات الظهيرة عتبة الـ 50 درجة مئوية في مدينة البصرة، لا يتورع أصحاب الكسب اليومي عن مواصلة مسيرتهم في السعي وراء لقمة العيش حتى مع هذه الدرجات المرتفعة والخطرة على صحة الإنسان.
ورحمة هذا الأب تجسدت في تقاسم “ظل” قطعة من الكرتون مع ابنه الذي كان يقود “الستوتة” فيما كان الأب يجلس في عربة الدراجة النارية في صيف البصرة اللاهب، ربما كانا ذاهبين سعيا وراء رزقهما، او عائدين، فهما ليس لهما إلا أن يخرجا برغم تحدي الشمس فهما يؤكدان مضيهما في الحياة برغم كل شيء.
كل المشاعر الجميلة تجمعت بداخلنا ونحن نشاهد هذا المقطع الذي يجسد طيبة وعظمة الاب في كل زمان ومكان وبرغم كل التحديات والظروف. وحصد الفيديو آلاف المشاهدات ونال اعجاب الكثير.
فالأب هو الرجل الوحيد في العالم الذي يأخذ من نفسه ليعطيك قد لا يكون أعطاك كل ما تتمناه لكن تأكد أنه أعطاك كل ما يملك.
الصديق الحبيب الأمان هو ذلك الشخص الذي يمنحنا كل شيء من دون مقابل وهو الوحيد الذي يتمنى ان يكون أبناؤه أفضل منه.
وقد كتب أحد الحكماء عن الاب بعد ان طرح عليه سؤال من هو الاب؟
فقال: ألاب…في صغرك.. تلبس حذاءه فتتعثر من كبر حذائه وصغر قدمك
تلبس نظاراته فتشعر بالعظمة..
تلبس قميصه فتشعر بالوقار والهيبة..
يخطر ببالك شيء تافه فتطلبه منه.. فيتقبل منك ذلك بكل سرور ويحضره اليك من دون منة.
يعود الى المنزل فيضمك الى صدره ضاحكا وانت ﻻتدري كيف قضى يومه وكم عانى في ذلك اليوم في عمله..
واليوم في كبرك ….
انت ﻻتلبس حذاء ابيك فذوقه قديم وهو ﻻيعجبك …!
تحتقر ملابسه العتيقة وأغراضه القديمة ﻷنها ﻻ تروق لك! أصبح كلامه وسؤاله عنك هو تدخل في شؤونك وذلك ﻻيروق لك
حركاته تصيبك بالحرج.. وكلامه يشعرك باﻷشمئزاز..
أذا تأخرت وقلق عليك وعاتبك على التأخير حين عودتك تشعر أنه يضايقك وتتمنى لو لم يكن موجودا لتكون أكثر حرية …!! رغم أنه يريد اﻷطمئنان عليك ليس أﻻ ..
ترفع صوتك عليه وتضايقه بردودك وكلامك.. فيسكت ليس خوفا منك، بل حبا فيك وتسامحا معك..
ان مشى بقربك محدودب الظهر.. تمسك يده فقد أصبحت أنت اطول منه!
أنت باﻷمس تتلعثم بكلامك وتخطئ في الحروف فيضحك مبتسما ويتقبل ذلك برحابة صدر.. وأنت اليوم تتضايق من كثر تساؤﻻته واستفساراته بعد أن أصابه الصم او اصابه العمى لكبر سنه..
لم يتمنى أبوك لك الموت ابدا في صغرك وﻻ في كبرك …. وانت تتمنى له الموت.. فلقد ضايقك في شيخوخته وقد يضايق من معك أيضا!مهما كتبنا تبقى الحروف والكلمات فقيرة اتجاه الاب فقد تحملك ابوك.. في طفولتك …في جهلك …في سفهك …في كبرك.. في دراستك… في عوزك… في فاقتك.. في شدتك …في رخائك …. تحملك في كل شيء..

زينب الحسني

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة