أهو المَلَقُ أَمْ الخروجُ مِنْ ربقة الدين ؟

-1-
من المعروف عند الناس جميعاً أنَّ الشيء اذا زاد عن حدّه انقلب الى ضدّه.
-2-
واذا كان الملق ومحاولات التقرب الى السلاطين ظاهرة ملحوظة عبر امتداد الزمن ، فانّ هناك من يجترح من الملق ما يدفع به الى مهاوي الافلاس العقائدي المقيت بحيث يعد خارجا عن ربقة الدين .
-3 –
وتسألني عن بعض ما يمكن أنْ يعكس هذه الانتكاسة الفظيعة على كل الصُعد والمستويات فأقول :
كتب الحجاج الى عبد الملك بن مروان يقول له :
” انّ خليفة الرجل في أهله أكرمُ عليه مِنْ رسوله اليهم ،
وكذلك الخلفاء يا أمير المؤمنين أعلى منزلةً من المرسلين “
بايّ كتابٍ وباية سُنّة :
يكون الخلفاءُ أعلى منزلةً من المرسلين ؟!
انه المروق الصريح عن الدين ،
وانها عملية الاسفاف الفظيع المستهينة بكل الموازين .
-4-
ولكي يبقى الحجّاج في موقع سلطوي يُمّكنُه من الأمر والنهي وسفك الدماء ، كان يواصل عبد الملك برسائل تتضمن من الكلمات ما يندى له الجبين خجلا .
ومن ذلك :
ما كتبه الحجاج الى عبد الملك بعد أن علم بان عبد الملك بن مروان عَطَسَ في مجلسه ، فسارع الجالسون الى تشميتِهِ ( اي قولهم له : يرحمك الله)
وردّ عليهم
وهنا كتب الحجاج لعبد الملك :
( فيا ليتني كنتُ معهم فأفوز فوزاً عظيماً )
أرأيتَ كيف يفتعل اصطياد المناسبات ليتقدم لسيده المطاع بكلماتٍ تدل على صَغاره فيما هو المتنمر المتفرعن على عباد الله ؟
كلُّ ذلك خوفا على المنصب الخطير .
-5-
انّ تولي الحقير المناصب الخطيرة احدى المشاكل المهمة في الحياة السياسية والاجتماعية للشعوب .
وعقدة النقص والحقارة هي المسؤولة عما يجترحه من جرائم ومظالم ، والاّ فان الانسان السويّ يدرك بِفطرتهِ حرمة الدماء ، وأهمية الحفاظ على الحقوق والحريات ..
-6-
وما كان الطاغية المقبور الذي حكم العراق بالحديد والنار ، وأشعل فتيل الحروب ، وملأ العراق بالمقابر الجماعية، وسرق البسمة مِنْ شِفاه أطفالنا، الاّ أحد كبار الجبابرة في التاريخ ، وقد أخذ ممن سبقه ولكنه زاد عليهم جميعا فذقنا من ظلمه واجرامه مالم يذقه شعب من الشعوب .

حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة