شكاوى من الوقت الذي يتطلبه التعرف على الهوية.. والانتحار الآلي للجهاز
بغداد ـ الصباح الجديد:
لم تخلو أول انتخابات تشريعية في العراق تجري وفق الآلية الإلكترونية من الأخطاء، وما إن بدأت عملية الاقتراع الخاص بعناصر الجيش والشرطة حتى تم كشف إخفاقات في التصويت الإلكتروني، وازدادت الأخطاء في التصويت العام الذي جرى الأربعاء الماضي.
مفوضية الانتخابات بوصفها المسؤول التنفيذي عن إجراء الانتخابات كانت قررت قبل نحو تسعة أشهر من موعد الانتخابات التشريعية الثالثة في البلاد منذ سقوط نظام صدام حسين في 2003، إدخال التقنية الإلكترونية في التصويت.
لكن الأوضاع في البلاد على ما يبدو ليست مهيأة تماما لهذا التطور، حيث تعطّلت العشرات من أجهزة فحص البطاقة الإلكترونية، كما إن التصويت الإلكتروني أبطأ عملية الانتخاب ما سبب الزحام الشديد وطوابير طويلة على أبواب مراكز الاقتراع في عموم البلاد.
ونقل موقع «نقاش»، عن عضو مجلس مفوضية الانتخابات كولشان البياتي إن «استخدام التقنية الإلكترونية يهدف إلى منع التزوير، وإن آلية البطاقة الإلكترونية وجهاز فحص البصمة وإدخالها بورقة الاقتراع سيمنع حالات تزوير حدثت سابقاً بقيام أشخاص بالتصويـت لصالح أحزابهم».
وطبعت مفوضية الانتخابات 20 مليون و75 ألف بطاقة وهو نفس عدد الناخبين في عموم البلاد، وزّعت منها 17 مليون و270 ألف بطاقة، أما الباقية والتي تمثل نحو 15 في المائة من عدد البطاقات فلم يتم توزيعها لأسباب كثيرة.
البطاقات الانتخابية المتبقية التي لم توزّع على أصحابها كشفت عن أخطاء جديدة، أبرزها إن هذه البطاقات تعود إلى أشخاص متوفين أو مكررة أسمائهم حيث تم توزيع بطاقتين لأعداد كبيرة من عناصر الجيش والشرطة الأولى بوصف الناخب شخص مدني والثانية بوصفه عسكرياً.
ويقول النقيب في الجيش أحمد الساعدي انه استلم بطاقتين الأولى من مركز انتخابي في مكان سكنه، والثانية من وحدته العسكرية، وقرر إعادة البطاقة المدنية وعدم الاحتفاظ بها».
ويتضمن التصويت الإلكتروني الذي شهده العراق توزيع بطاقة ناخب الكترونية لكل عراقي يحق له التصويت، وتتضمن البطاقة شريحة الكترونية تقوم بتوثيق معلومات حول صاحب البطاقة ورقم الناخب والاسم الثلاثي والمواليد ورقم العائلة في سجل الناخبين الورقي ورقم مركز التسجيل ورقم واسم مركز الاقتراع ورقم المحطة وتسلسل الناخب في المحطة، فضلاً عن اسم المحافظة التي ينتمي إليها الناخب».
كما إن الناخبين العراقيين الذين لم يتسلّموا بطاقاتهم الانتخابية قبل موعد الانتخابات تم منعهم من المشاركة فيها لأنهم تجاهلوا هذه البطاقة على الرغم من دعوات الحكومة إلى اعتبار البطاقة وثيقة رسمية يجب استلامها والاحتفاظ بها.
إضافة إلى البطاقة الشخصية للناخب هناك جهاز خاص داخل مراكز الاقتراع في عموم العراق يقوم بفحص البطاقة قبل الاقتراع ليتم التأكد من إن الناخب يحق له المشاركة، ويقوم بالتصويت في المكان الصحيح المخصص له ضمن منطقة سكنه، كما يقوم الجهاز بتسجيل مكان وتوقيت قيام صاحبها بالتصويت.
هذا الوقت سبّب زحاما شديدا داخل مراكز الاقتراع إضافة الى طوابير طويلة أدت إلى تذمر العديد من الناخبين لكبر سنهم ولارتفاع درجات الحرارة، لكن تعطُّل العديد من أجهزة فحص بطاقة الناخب كانت المشكلة الأكبر.
وقالت الحاجة انتصار عبد الكريم، بعد خروجها من المركز «انتظرت ساعة ونصف للإدلاء بصوتي بسبب الزحام الشديد على صندوق الاقتراع، كما إن مراكز الاقتراع لا تحتوي مقاعد جلوس لانتظار دوري في التصويت».
رئيسة منظمة «تموز» لمراقبة الانتخابات فيان الشيخ قالت بعد ساعات من انتهاء وقت التصويت إن «العديد من أجهزة فحص البطاقة الإلكترونية تعطّل واستغرق إصلاح بعضها ساعات فيما استوجب في حــالات أخــرى استبــدال الجهاز».
وأضافت إن «موظفي المنظمة البالغ عددهم أكثر من 3000 مراقب سجلوا حالة بطئ عمل أجهزة قارئ البطاقة الإلكترونية وتوقف بعضها عن العمل مؤقتاً، حيث توقفت الأجهزة في بغداد والبصرة والانبار والنجف والمثنى وعدد آخر من المدن».
ومع بدء التصويت في الانتخابات تبين إن البطاقة الإلكترونية لا تمنع التزوير تماماً، بل على العكس فإنها قد تكون احد أسباب التزوير، حيث يستطيع أي شخص استخدام بطاقات انتخابية تعود لأشخاص آخرين بعد شرائها منهم ويقوم باستخدامها لصالح الحزب الذي يؤيده.
ويقول الخبير في شؤون الانتخابات عادل اللامي، إن «المفوضية وقعت في خطأ عندما لم تقم بأخذ بصمة الناخب وصورته قبل الانتخابات لإدخالها ضمن البطاقة الإلكترونية وإنما قررت إن تأخذ البصمة في يوم الاقتراع كما أنها لم تقرر تحديد أي إصبع من أصابع اليد يتم الاعتماد عليها وقررت إن يكون أي إصبع يتم قراءته جهاز فحص البصمة.
وطبقا لـ»اللامي»، فإن أي شخص يستطيع استخدام بطاقة غيره ما دامت البطاقة لا تحتوي على صورة ولا تحتوي على بصمة، ويستطيع الشخص الواحد استخدام عشر بطاقات أو أكثر وفي كل بطاقة يستخدم احد أصابعه كي لا يتعرف عليها الجهاز.
هذا الأمر حدث فعلاً في يوم الانتخابات باعتراف المفوضية عندما أعلنت من خلال مدير الإدارة الانتخابية في المفوضية مقداد الشريفي في مؤتمر صحافي في يوم الاقتراع انه «تم إلقاء القبض على أحد الأشخاص وبحوزته 45 بطاقة انتخابية».
وأكد الشريفي أيضا «حدوث بعض المشاكل الفنية في بعض أجهزة التحقق نتجت عن الاستخدام المغلوط من المواطن أو من موظفي المراكز الانتخابية، وقد عولج ذلك الأمر من قبل الفرق الفنية التي شكلتها المفوضية».
قضية أخرى أثارت مخاوف الناخبين في العراق أثناء الإدلاء بأصواتهم، وهي هل إن الاقتراع سري أم علني؟، وبموجب التصويت الإلكتروني فإن ورقة الاقتراع سيتم تمريرها في جهاز فحص بصمة الناخب ويتم تسجيل معلوماته الكاملة من الاسم والعنوان على الجهاز الإلكتروني، ما اثأر مخاوف الناخبين من اكتشاف الشخصيات التي قاموا بالتصويت لها.