حين يكون الشفيع خصماً

-1-
للشعراء على مر القرون قصائدهم الشجية ، وقوافيهم الحزينة على مصاب الامام الحسين (عليه السلام ) فمصابه لن تنطفئ شُعلتُه المستعرة في القلوب
وقد روي عنه (ص) انه قال :
( إنَّ لقتلِ الحسينِ (ع) في قلوب المؤمنين حرارةً لا تبرد أبدا )
-2-
انّ يوم الطف لن ينسى أبداً، وكيف يُنسى وهو الحدث الدامي المفجع الذي طحنت فيه خيول العتاة الأوغاد الأجساد الطاهرة لأهل البيت ولم ترحم فيه حتى الطفل الرضيع ؟
وهل بمقدور الرضيع أن يقاتل جحافل الاعداء، ولكنهم أصروا على ذبحه عطشانا، فاذا كانت هذه جنايَتُهم بحق الطفل الصغير فكيف بها مع سبط الرسول المصطفى (ص) وريحانته الامام الحسين (ع) والصفوة الطيّبة من أهل بيته وأصحابه ؟
-3 –
ولا يستطيع أحدٌ ان يُنكر ما لقصائد الرثاء – التي لا يخلو منها ديوان شاعر من الشعراء الكبار – من آثار عميقة في النفوس، وما تُحدثه من تحريك أوتارِ القلوب، والمشاعر، وما تثيره من الأشجان والأوجاع …
والشعر في هذا الميدان – ميدان التغني ( بمناقب ) أهل البيت (ع) والتوجع (لمصائبهم)، ولا سيما رزايا الطفوف – هو من أهم الذخائر في الدنيا والاخرة
وهل يخفى على أحد ما لِنُصرةِ أهل البيت (عليهم السلام) مِنْ ثِقْلٍ في الميزان ؟
-4-
وقد أشار بعض الشعراء الى أنّ الذين حاربوا الحسين (ع) يفترض فيهم أنهم من الطامعين بشفاعة جده المصطفى (ص)، وفي قتلهم الحسين أصبح الشفيع (المصطفى) خصيماً لهم .
واذا صار الرسول الاعظم (ص) خصمهم فليس لهم الا الدرك الأسفل من النار …
قال احدهم :
حَسْبُ الذي قتلَ الحسينَ
مِنَ الخسارةِ والندامهْ
أنّ الشفيعَ لدى الإلهِ
خصيمُه يومَ القيامهْ
وقال آخر :
لابُدَّ أنْ تَرِدَ القيامةَ ( فاطمُ )
وقميصُها بِدمِ الحسينِ مُلطَخُ
ويلٌّ لِمَنْ شفعاؤه خصماؤه
والصُور في يومِ القيامةِ يُنفخُ
قيل :
انّ ابن الجوزي – وهو العالم الشهير ، والواعظ الذي كانت تجتمع لسماع موعظته الآلاف المؤلفة – ، كان يبدأ مجالسه ويختمها بهذين البيتين .
وهذه الأبيات تعكس طهر قائليها وعمق ايمانهم، والاّ فانَّ الخارجين لحرب الحسين (ع) يوم الطفوف ليس فيهم من يفكر في الاخرة، وفي الوقوف بين يديْ الله، ولا تخطر على باله مسألة الشفاعة ، انما هو توّاق لجائزة الدعيّ بن الدعي – ابن زياد – واختار نصرة الطغاة على إمام الهداة .
وأخيراً :
فقد تردد على الألسن قديما وحديثا قول القائل :
أترجو أمةٌ قتلتْ حُسيناً
شفاعةَ جده يوم الحساب ؟
والمقصود بالأمة هنا : الجماعةَ
اللهم ألعن أمة قتلت الحسين وشايعت وبايعت على قتله
اللهم العنهم جميعا .

حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة