رائحة الفلفل»: فصول وصور تعيد قراءة انتفاضة تشرين العراقية

صدر حديثاً عن دار الرافدين في بيروت كتاب «رائحة الفلفل – تحليل وتأريخ وسير لانتفاضات العراق» من إعداد وتحرير الكاتب عمر الجفال، بدعم من مؤسسة روزا لوكمسبورغ. ويسعى الكتاب الذي يقع في ٣٠٠ صفحة / 11 فصلاً، تتخلله ٣٢ صورة من احتجاجات بغداد بعدسة المصور محمد القنة، ولوحة غلافه من رسم الفنان أحمد فلاح، أن يكون وثيقة يُمكن العودة إليها لفهم الاحتجاجات التي حصلت في تشرين الأوّل / أكتوبر عام 2019 والأشهر اللاحقة. كما أنه يعود مراراً إلى الاحتجاجات السابقة التي شهدها العراق ومحاولات المجتمع المستمرة لإحداث تغيير سياسي.
تنقسم النصوص في الكتاب ما بين تحليل الأحداث ومنظومة السلطة التي قمعت وعنّفت الشبّان العزّل، وسير بعض هؤلاء الذين وقعوا ضحايا عنف الدولة والميليشيات خلال الاحتجاجات. تأتي سير الضحايا من الرجال والنساء للتأكيد أن سيرة أي متظاهر في العراق مهمّة، لأن كل منهم كانت له أحلامه وآماله وآلامه، ومُهمّة توثيق سيرهم، جميعهم، يجب أن تكون سعيّاً جادّاً للمؤسسات والكُتّاب.
بداية يكتب سنان أنطون سيرة مختصرة لصفاء السرايّ الذي قتل بالعنف الممنهج، متنقلاً بين لحظة مقتله تارةّ وبين أحلامه وأفكاره وأمنياته تارة أخرى. فيما اختارت أماني الحسن أن تكتب سيرة رهام يعقوب، المتظاهرة والناشطة البصرية، «التي اغتيلت معنوياً قبل اغتيالها المادي» وسط محافظة البصرة. ويكتب خضير فليح الزيدي سيرة الفتى الموصلي ريمون التي بدأت بالتهجير والعوز، وانتهت بسقوطه ببندقية صيد في تظاهرات تشرين. ويختتم غسان البرهان الكتاب برواية سيرة عمر سعدون، أحد أيقونات احتجاجات محافظة ذي قار، وكيف أحدث مقتله هزّة بين عائلته وأصدقائه.
أما في شقّه التحليلي فيفتتح الكتاب بفصل يقدم فيه رحيم محمود تسلسلاً زمنياً للأحداث الأمنية التي رافقت تظاهرات تشرين الأول، فيما يُحاول تبيان كيف أن عمليات القتل التي جرت ضد المتظاهرين لم تكن فرديّة، وإنما ممأسسة ومتغلغلة كاستراتيجية للتعامل مع الاحتجاجات التي تهدّد النظام السياسي في العراق. فيما تشرح بلسم مصطفى، كيف اعتمد الحراك على وسائل إعلامية مقروءة وسمعية لمواجهة التضليل الإعلامي وللمحافظة على صورة الاحتجاجات في أذهان المجتمع. ويذهب علي عبد الأمير عجام إلى تحليل بُنية جيل جديد يُسمّيه بـ»العراقيين الجُدد»، بُنيتهم قائمة على الاتصال بالعالم من خلال شبكة الانترنيت، وهو الذي «قادهم إلى اجترح ثقافة جديدة قوامها الفن، بأشكاله المختلفة، إذ أخرجوه من القاعات المُغلقة إلى الشارع».
وتتناول زهراء علي معنى مشاركة المرأة وأهميتها ومضمونها، تحاول «تفسير غياب أجندة نسوية أو أجندة قائمة على النساء في الانتفاضة». إلى جانب ذلك، يناقش عمر الجفال، مُحرّر الكتاب، أهميّة الفضاء والحيّز العامين والحق في المدينة في بلد مثل العراق. فيما يناقش هو وصفاء خلف في فصل آخر أهمية النقابات والاتحادات في زيادة زخم التظاهرات، عائدين بالتاريخ إلى الخلف لشرح الظروف التي أدّت إلى إضعافها فضلاً عن الأزمات الداخلية التي تعانيها وطرق التفكير القديمة التي تكبّلها. ويذهب سلام زيدان في فصله، إلى فكفكة السياسات الاقتصادية للنظام السياسي الذي أدّى إلى انعدام العدالة الاجتماعيّة، ويشرح كيف أن تمكنت بعض الحملات في التظاهرات من تحريك الاقتصاد المحلي.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة