اثيوبيون من الكومنت يفرون الى السودان
الصباح الجديد ـ وكالات:
رفضت الحكومة الإثيوبية امس السبت اتهامات وجهتها مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامانثا باور لها بمنع وصول مساعدات إلى منطقة تيغراي التي تشهد نزاعا مدمرا.
وكانت باور قد أعلنت في بيان لها أن تدفق المساعدات الانسانية إلى المنطقة حيث يواجه مئات آلاف الأشخاص خطر المجاعة، لا يزال “غير كاف بشكل محزن”، محذرة من أن المواد الغذائية تنفد.
وقالت “هذا النقص لا يعود لعدم توافر المواد الغذائية، بل لأن الحكومة الإثيوبية تعرقل (وصول) المساعدات الإنسانية والموظفين، بما في ذلك القوافل البرية والوصول جوا”.
تشهد منطقة تيغراي نزاعا منذ تشرين الثاني/نوفمبر عندما أرسل رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد قوات لإزاحة “جبهة تحرير شعب تيغراي” الحزب الحاكم آنذاك. ، وسبق أن تبادلت الحكومة الإثيوبية ومتمردو تيغراي الاتهامات بعرقلة وصول المساعدات إلى المناطق في أقصى شمال البلاد.
وقالت باور التي زارت إثيوبيا في وقت سابق هذا الشهر إن “الولايات المتحدة تدعو الحكومة الإثيوبية إلى أن تسمح على الفور بدخول المساعدات الانسانية إلى تيغراي للحؤول دون توقف كارثي للمساعدات الغذائية التي يعتاش عليها ملايين الأشخاص”.
أضافت “هذا الأسبوع، ولأول مرة منذ اندلاع النزاع قبل تسعة أشهر، ستنفد لدى عمال الإغاثة السلع الغذائية التي يوزعونها على ملايين يعانون من الجوع”.
وقالت إن طواقم الإغاثة واجهت تأخيرا “غير مقبول” على الحواجز وعمليات تفتيش مكثفة بشكل متكرر ومضايقات.
غير أن الحكومة نفت أن تكون تمنع “عمدا” وصول مساعدات إنسانية إلى تيغراي، وقالت بيلين سيوم المتحدثة باسم أبيي أحمد للصحافيين “الوضع ليس على هذا النحو”.
واكدت أن الحكومة تمكّن قوافل المساعدات من دخول تيغراي لكنها اضافت أن الأمن “أولوية لا يمكن المجازفة بها”.
كما غرد مكتب أبيي أحمد على تويتر قائلا إنه اعتبارا من 19 آب/أغسطس، وصلت 318 شاحنة محملة مساعدات إلى عاصمة تيغراي، ميكيلي، مؤكدا إنشاء مركز تنسيق لتمكين الشاحنات من الوصول من منطقة عفر المجاورة.
من جانبه حذر برنامج الأغذية العالمي من أنه يواجه نقصا كبيرا في التمويل الضروري للمساعدة في إطعام الملايين في إثيوبيا، في وقت يدخل هذا البلد “مرحلة جوع” وسط تفاقم الوضع بسبب النزاع الممتد من تيغراي إلى مناطق أخرى.
وقال البرنامج “بسبب تضافر تأثير الجفاف والفيضانات وغزو الجراد للصحراء واضطرابات الاسواق وارتفاع اسعار المواد الغذائية وجائحة كوفيد-19، فإن ما يقدر بأكثر من 13,6 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي”، مضيفا أنه يحتاج إلى أكثر من 288 مليون دولار في الأشهر الستة المقبلة.
في السياق، لم يجد إثيوبيون من أقلية الكومنت من خيار أمامهم بعد اندلاع نزاع في إقليم تيغراي، سوى الفرار إلى السودان المجاور وذلك في دليل قاتم آخر على اتساع رقعة صراع عرقي.
في بلدة باسنقا السودانية الحدودية مع إثيوبيا، تقول اللاجئة إميبيت ديموز التي، مثل آلاف سواها فرت من قريتها الشهر الماضي، “أُحرقت منازل وقُتل أشخاص بالسواطير”. وتضيف “بل لم نتمكن من أخذ الجثث ودفنها”.
وقُتل آلاف الأشخاص منذ اندلاع النزاع في تشرين الثاني/نوفمبر عندما أرسل رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد قوات للإطاحة ب”جبهة تحرير شعب تيغراي”، الحزب الحاكم في الإقليم، في خطوة قال إنها رد على هجمات شنها مقاتلو الجبهة.
وأُقحمت في أعمال العنف مجموعات أخرى تقاتلت على أراض في معارك امتدت من تيغراي إلى ولاية أمهرة المجاورة، وطن شعب الأمهرة، وكذلك أقلية الكومنت العرقية.
ويدعم مقاتلو منطقة أمهرة قوات أبيي أحمد في محاولة للوصول إلى تسوية لنزاعهم المستمر منذ عقود على أراض يقولون إن جبهة تيغراي استولت عليها خلال حكمها للبلاد الذي استمر قرابة ثلاثة عقود قبل تولي أبيي السلطة في 2018.
ولطالما شعرت أقلية الكومنت بالانزعاج من التأثير الثقافي والاجتماعي لشعب الأمهرة المهيمن، وفي السنوات القليلة الماضية طالبت بحكم ذاتي. ، في 2017، انتهى استفتاء حول إقامة منطقة حكم ذاتي للكومنت بأحقاد، وأدى الخلاف الناجم عن ذلك إلى اشتباكات تزايدت وتيرتها بين المجموعتين.
وتقول إميبيت البالغة 20 عاما “مقاتلو الأمهرة المدعومون من الحكومة أرادوا إخراجنا من أرضنا”. وتضيف “هم يقتلوننا لأننا أقلية عرقية”. ، غير أن المتحدث باسم ولاية أمهرة غيزاتشو مولونه نفى صراحة في تصريحات لوكالة فرانس برس أن تكون مجموعة الكومنت العرقية، عرضة للاستهداف.
ويقول قادة الأمهرة إن مساعي الكومنت لإقامة حكم ذاتي أججها إلى حد كبير متمردو تيغراي الذين يقول قادتهم إنهم يخوضون حربا بالوكالة عن طريق دعم المجموعة. ، وقال غيزاتشو إن الذين يوصفون باللاجئين “موالون لجبهة تحرير شعب تيغراي الإرهابية وخلقتهم جبهة تحرير تيغراي بهدف صرف انتباه إثيوبيا وأمهرة”. وتقدر الأمم المتحدة أن نحو 200 ألف شخص شُرّدوا من منازلهم في منطقة أمهرة حيث تسهم أعمال العنف في توسيع الخلافات بين الجماعات العرقية. ، ويقول اللاجئ الكومنتي بالاتا غوشي “أراد الأمهرة منّا الوقوف إلى جانبهم في الصراع ضد تيغراي”، متابعا “رفضنا الانحياز إلى أي طرف .. فقاتلونا”.
وأجبرت الاشتباكات بين الأمهرة والكومنت آلاف الأشخاص على الفرار في نيسان/أبريل هذا العام، بحسب وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ، ويقول نشطاء من الكومنت إن وطنهم التاريخي يشمل قرى محاذية للسودان. ، لكن ذلك أدى أيضا إلى اتهامات بأن الكومنت تلقوا دعما من السودان المنخرط في نزاع على أراض مع إثيوييا، وخصوصا في مناطق قريبة من أمهرة.
وتردت العلاقات بين الخرطوم وأديس أبابا بشأن سد النهضة المقام على النيل الأزرق، والذي تخشى دولتا المصب مصر والسودان، أن يهدد المياه التي تعتمد عليها الدولتان ، وبالنسبة للمدنيين العالقين في الوسط مثل إميبيت، فإن أعمال العنف لم تترك لهم خيارا سوى الرحيل ، وعبر ثلاثة آلاف لاجئ من الكومنت إلى السودان منذ الشهر الماضي، بحسب مسؤولين سودانيين ، ويستقبل السودان أكثر من 60 ألف لاجئ من تيغراي، بحسب آخر إحصاءات الأمم المتحدة، وهو ما يشكل عبئا على بلد يعاني من أزمة اقتصادية حادة.