رحيل سعدي يوسف بعد استحواذ مرض عضال على سنواته الأخيرة في لندن

آخر شعراء ” الجيل الضائع “

بغداد-الصباح الجديد

 توفي في العاصمة البريطانية الشاعر العراقي سعدي يوسف عن عمر يناهز الـ 87 عاما، وبعد معاناة مع مرض عضال في سنواته الأخيرة.

ويعد سعدي يوسف أحد كبار الشعراء في العالم العربي خلال العقود الخمس الماضية وأحد أبرز الأصوات الشعرية في عالم الشعر من حيث التجربة الشعرية وغزارة الإنتاج.

وينتمي سعدي يوسف إلى موجة الشعراء العراقيين التي برزت في أواسط القرن الماضي، وجاءت مباشرة بعد جيل رواد ما عرف بالشعر الحر أو التفعيلة، الذي أطلق على رواد تحديث القصيدة العربية من أمثال نازك الملائكة وبدر شاكر السياب وبلند الحيدري وعبد الوهاب البياتي.

وقد أطلق البعض على هذا الجيل اسم “الجيل الضائع”، فقد عايش بعضهم جيل الرواد لكن منجزهم الحقيقي جاء في الخمسينيات، وضم هذا الجيل إلى جانب سعدي يوسف، الشعراء محمود البريكان ومظفر النواب وآخرين.

وبرحيله ستكون الساحة الشعرية العربية قد فقدت أحد أبرز الأصوات التي ملأت الأجواء الشعرية تجديداً وصخباً وتمرداً.

تعرض سعدي يوسف مثل كثير من الكتاب والشعراء العراقيين للسجن بسبب مواقفه السياسية واضطر إلى الهجرة من بلده ليعيش في المنافي والغربة.

في أعقاب الإنقلاب الذي قاده حزب البعث في الثامن في فبراير/ شباط 1963 ألقي القبض على سعدي يوسف، لكن أطلق سراحه قبل ليلة واحدة من إنقلاب الناصريين عليهم أواخر العام نفسه.

وذهب إلى طهران ودمشق ثم إلى الجزائر حيث أقام لسنوات قبل أن يعود الى وطنه بعد انقلاب البعث الثاني في يوليو/ تموز 1968.

كن لم تطل إقامته هذه المرة، إذ كان الوضع يتدهور وكانت هناك حملة قمع واسعة ضد الشيوعيين وضد كل من يشتبه في معارضتهم للنظام وإن كانوا بعثيين.

وفي غربته الثانية، تنقّل سعدي بين مدن كثيرة مثل بلغراد، نيقوسيا، باريس، بيروت، دمشق، وعدن والجزائر والرباط… ليستقر أخيراً في لندن، ويحصل على الجنسية البريطانية.

وسعدي يوسف من مواليد عام 1934، في بلدة “أبي الخصيب” بالبصرة في جنوب العراق، أكمل دراسته الثانوية في البصرة.

وحصل على إجازة في آداب اللغة العربية وعمل في التدريس والصحافة الثقافية، “وتنقّل بين بلدان شتّى، عربية وغربية، شهد حروباً، وحروباً أهلية”.

نال جائزة سلطان العويس، والجائزة الايطالية العالمية، وجائزة (كافافي) من الجمعية الهلّينية.

وفي العام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ.

غزارة إنتاج سعدي يوسف تكاد تكون فريدة، فقد بلغ عدد دواوينه الشعرية التي نشرها حتى الآن 43 ديواناً على مدار ما يقارب سبعة عقود من الزمن، كان أولها “القرصان” عام 1952 وآخرها “في البراري حيث البرق” عام 2010 مروراً بـ “الأخضر بن يوسف ومشاغله” و “الشيوعيّ الأخير يدخل الجنّة”.

ونشر عشرة كتب ضمت تراجم لأشعار كبار الشعراء العالميين، أمثال والت ويتمان ولوركا وكافافي ويانيس ريتسوس.

كما ترجم نحو 12 رواية لكبار الروائيين الأجانب مثل النيجيري وولي سوينكا والإنكليزي جورج أورويل والياباني كينزابورو أوي.

ومنذ أشهر كان سعدي يوسف يعاني من تدهور حالته الصحية، وأثار كتاب وجهه وزير الثقافة حسن ناظم إلى السفارة العراقية في لندن بشأن رعايته، الكثير من الجدل في البلاد، ليتراجع الوزير عن موقفه، خاصة وان يوسف اثار في العقدين الأخيرين، الكثير من الجدل بشأن مواقفه مما يحدث في البلاد، وعده البعض من المثقفين “طائفيا”، بينما عده طرف آخر بـ”المسيء” لشخصيات إسلامية تاريخية.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة