ماكينة الدعاية الصينية تذر الرماد في العيون وتزيف الوقائع

استغلال المأساة

متابعة ــ الصباح الجديد

أظهرت جائحة فيروس كورونا أن بكين لديها القدرة على التحكم فيما يراه الناس في الصين ويسمعونه ويفكرون فيه، كما أظهر الحزب الشيوعي الحاكم أن لديه الأدوات اللازمة لحشد الناس باتجاه رؤية محددة.

موقع صحيفة “نيويورك تايمز” قال إن أي شخص يبحث عن دروس حول الصين في السنوات القادمة، يحتاج إلى فهم عواقب ما حدث في عام 2020، عندما “قلبت” الصين سلبياتها إلى إيجابيات في عيون العالم.

فبدل أن يحيي الناس في الصين، هذا الأسبوع، تخليداً لذكرى من عانوا وماتوا من الجائحة، عجّ الإنترنت الصيني بتدوينات تخص فضيحة ممثلة صينية وأطفالها، وهو جدل أثارته الصحف القريبة من الحزب الحاكم.

لي يوان، نشرت مقالا على “نيويورك تايمز” عبرت فيه عن استغرابها لموقف الحشود الصينية حيال موضوع جانبي على حساب أمر جلل كبّد البلاد مئات الآلاف من الأرواح.

وأضافت أنها كانت تنتظر أن توقظ المحنة التي تسبب فيها الحزب الشيوعي الصينيين إلى واقعهم المرير، لكنها وجدت شعبا يسير مغمض العينين وراء قيادة محتكرة للرأي والتوجه.

وقالت “عندما بدأ عدد من الصينيين ذوي العقلية الليبرالية في التفكير في محاسبة القيادة، بعد عقود من السيطرة على الفكر وتفاقم الرقابة، فوجئت بالعكس”.

وأغلبية الصينيين لم يطالبوا حكومتهم بكشف الأسباب وراء تسترها على مصدر الفيروس وخطورته، ما أدى إلى وفاة الملايين عبر العالم، عدا بعض المحاولات التي تم تكميمها سريعا من دوائر قريبة من الحزب الشيوعي.

وكتبت يوان “نظرتُ هذا الأسبوع إلى وسائل التواصل الاجتماعي الصينية، لقد صدمت بعدد المنشورات والمقالات والصور ومقاطع الفيديو التي تمت إزالتها”.

ومسحت السلطات الصينية أي شيء يتعلق بالمطالبة بتوضيحات حول أزمة فيروس كورونا والتي رفعها مواطنون غاضبون على فقدان أهاليهم السنة الماضية في غمرة الجائحة القاتلة.

وكان هناك تحولا واضحا في موقف عموم الصينيين، في الليلة التي توفي فيها الدكتور لي وين ليانغ، الذي حذر من وباء قادم تخفيه السلطات، وتم إسكاته بعد تحذيره في أواخر عام 2019.

ففي تلك الليلة، شن العديد من الصينيين ثورة على الإنترنت، نشروا مقاطع فيديو لأغنية “البؤساء” والتي يقال فيها “هل تسمع الناس يغنون؟” لكن السلطات مكرت كعادتها وعرفت كيف تسكتهم “إلى الأبد”.

وقتها ظهر الصينيون وكأنهم سيثورون أخيرا على نظام قمَع رأيهم لعقود من الزمن، حتى أن أحد متابعي يوان على موقع التواصل الاجتماعي الصيني “Weibo” اعتذر لها عن مهاجمته لها سابقا، وفق قولها.

وأخبرها الرجل بأن وفاة الدكتور لي كانت “تحديًا غير مسبوق” وأن وسائل الإعلام الرسمية فقدت مصداقيتها.

وأفادت صحيفة واشنطن بوست أن الصين تشن حملة على اللقاحات الغربية لفيروس كورونا، للتشكيك فيها وتقويض ثقة الجمهور فيها، بالإضافة إلى الترويج لروايات كاذبة عن أصل الفيروس وادعاء ان ظهوره لأول مرة في أماكن أخرى غير الصين.

وكتب المنتقد رسالة قال فيها: “كنتُ أعتقد أن أمثالكِ أشرار”. وأضاف “الآن، أعلم الآن أننا خدعنا”.

وقالت يوان كذلك أن ناشطا أخبرها أنه يتوقع زيادة عدد الصينيين ذوي العقلية الليبرالية، وقال إن نسبتهم، التي لم تكن تتعدى 5 في المئة، سترتفع إلى 20 في المئة أو إلى 40 في المائة، حسب تقديره “لكن لا شيء من ذلك حدث، لأن الحزب الحاكم عرف كيف يقلب الحقائق لصالحه ولو مؤقتا”.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة