سمير خليل
يواصل الكاتب والمؤلف والمخرج والممثل الدؤوب سعد هدابي السياحة في فضاءات الابداع موزعا اشتغالاته الابداعية بين الكتابة والتأليف للمسرح والسينما والتلفزيون وهذه المرة بمجموعة مسرحية اصدرها مؤخرا واسماها ( قصة حب وثنية ) عن دار نيبور وتضم سبعة نصوص مسرحية وبالحجم الكبير وعدد صفحاتها 212 صفحة وهي تتحدث عن المكابد التي يعيشها انسان العصر بمعزل عن الجغرافيات وتشير الى ان قدر الانسان هو الانسان نفسه، يؤطر هدابي خاتمة المجموعة فيكتب: أرفض السكون، ربما هكذا خلقت، او ربما حاولت سعيا ان اكون، فانا مذ ابصرت اول غراب ينشد الموت لأوردة الخليقة، صرت اجيد لعبة الجنون، طاردني سياف خليفتنا لينتزع مني البيعة ولم يظفر بي، دفع الحراس بكل منافي الارض واهدى للخائنين دمي ولم يفتك بي، عمم في اصقاع المعمورة رسمي، زرع البصاصين سفاحا حتى في رحم امي فتماهيت خديجا في الارحام ولم يش بي، ختم على جبين كل صبي خطيئتي وصادر لوني، اوكل لذئب يوسف المزعوم تصفيتي، احتفر بئرا في كل زريبة ودار، واقام للمشانق اعراسا في الحارات وصب الزيت على النار فصرت مطاردا مذ علمني الرب بهاء الكلمة، مذ نفخ في جسدي اول تقويم للحب..
الخبير المسرحي الفنان الدكتور عزيز جبر يتحدث عن هدابي وقصة حبه الوثنية : في اصداره الجديد (قصة حب وثنية )تحديدا وبعض المسرحيات في هذا الكتاب الذي يحتاج الى إسهاب كثير لمعرفة ما وراء أفكارها وما يفكر بها كاتبنا المبدع سعد هدابي، لنبحث في سعد هدابي المؤلف” من يكون هذا الاسمر المسحون والمطحون بسمرته وقامته الطويلة في ملح الجنوب ؟ كيف ندخل الى أغوار ماهيته ؟ بماذا يفكر ؟ كيف يرسم شخصيات أعماله ؟ وكيف يُنطقُها ليرسم من خلالها أجمل الصور الشعرية؟ كم من المشاعر يسقطها ذاتيا على شخصيات نصوصه ؟نتلمس كل ذلك من تغريداته في عوالم غير الكتابة للمسرح ، نجده هنا يتحدث عن نفسه ولربما نحن نشخص ونقول أجمل ما قال على لسان احدى شخصياته , فهو القائل : ارفض السكون ربما… هكذا خلقت او ربما، حاولت سعيا ان اكون فأنا مُذ ابصرت اول غراب ينشد الموت لملحمة الخليقة صرت أجيد حتما لعبة الجنون وادركت الحقيقة حملت في ذخيرتي مزامير دَاوُدَ اجزلت للنائحين الهبات واسرار الخلود”، من هذا المقطع نعرف أن الرجل يبحث عن سر من أسرار هذا الكون، الحقيقة التي يبتغيها كل واع في هذه الدنيا، اذا سعد هدابي المختزل والمصور بالكلمات تاريخ يجري بسرعة يباغتك انه متجدد يسموا بك بحوارات شاعرية مثقلة بهموم واقع مر تعيشه شخصياته فهو يردد في بعض هذيانه الواعي سبب رفضه لهذا السكون ” من هنا يا سادتي ، تمخضت حكايتي فانا المطارد مُذ علمني الرب بهاء الكلمة مُذ نفخ في جسدي اول تقويم للحب ادركت تعاليم الرب انشدت للعابرين على ارصفة القهر اغنية الجنون مذ ادركت اني ذات ثأر ارفض السكون”. ويضيف : سعد هدابي أبن الصنعة كونه ممثلا ومخرجا لا يقل أبداعا عن التأليف لمعرفته أسرار الخشبة وعوالم الاخراج ،نجد مواضيعه التي باتت تنهش في المتلقي لان يحاكيه بل ويجبره لان يغني معه سيمفونية الحزن الشفيف الذي سرعان ما يتحول عنده إلى نظرة فيها كم من التفاؤل، بل كم من الفرح الذي سيأتي يومآ ما، إنها ليست مسرحية صراع صاعد أو صراع الأضداد كما يسمونه بل هي انشودة محبة متأصله بفاعلية الإنسان وقدره ومصيره وتواصله مع الحياة بفهم عميق.
الجدير بالذكر ان سعد هدابي مولود عام 1962 في محافظة الديوانية واكمل شهادة الدبلوم من قسم الاخراج المسرحي في معهد الفنون الجميلة عام 1985.
ثم حصل على بكالوريوس كلية التربية الفنية عام 2017 من الكلية التربوية المفتوحة
شارك ممثلا في عديد العروض المسرحية ، كان من أهمها مسرحية ( رسالة الطير ) للراحل الكبير قاسم محمد الى جانب سها سالم وحسن عزيز وكتب عشرات النصوص المسرحية منها : مسرحية ( نزيف المومياء) الحائزة على جائزة الابداع الكبرى في مسابقة الإمارات ـ الشارقة عام 2000، ومارس الكتابة والتأليف السينمائي والتلفازي منها مثلا : فيلم ( انهم يقتلون النوارس ) المشارك في مهرجان التلفزيون العالمي،و فيلم ( في اقاصي الجنوب ) المشارك في مهرجان دبي السينمائي، فلم ( بقايا رماد ) المشارك بمهرجان القاهرة عام 2006، والمسلسلات التلفزيونية ومنها : مسلسل ( انها تحتل ذاكرتي ).
حصل على عديد من الجوائز والشهادات منها جائزة الابداع الكبرى – مسابقة الشارقة عن مسرحية ( نزيف المومياء ) عام 2000، والجائزة الاولى في مسابقة الفيلم ( الفرنسي ـ العراقي ) عام 1997 عن سيناريو فيلم ( المعبد الغريق )، وجائزة أفضل ممثل عن مسرحية ( هجرس ) خلال مهرجان منتدى المسرح الرابع عام 1986.
وسبق ان اصدر كتابا مسرحيا عن دار الشؤون الثقافية عام 2018بعنوان ( ابصم بسم الله ).