الانتهاكات والتطهير العرقي والعنف والجريمة والاغتصاب تتواصل منذ 3 سنوات

تقرير أممي يتناول جرائم الميليشيات المسلحة الموالية لتركيا في سوريا:

متابعة ـ الصباح الجديد :

لا يزال الوضع في سوريا قاتما في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات التركية والميليشيات المسلحة الموالية لها، حيث زادت معدلات العنف والإجرام، وفق تقرير أممي يتحدث عن انتهاكات وصفت بالجسيمة في الشمال السوري.
وكشف جزء من تقرير نصف سنوي لمجلس حقوق الإنسان التابع للأم المتحدة، أنّه هذا العام تحديداً، شهد أوضح وأشمل دليل على الانتهاكات الجسيمة التي تتعارض مع القانون الدولي الإنساني»، مشيراً إلى انتشار العنف والأنشطة الإجرامية، منذ احتلال أنقرة لعفرين وجرابلس وإدلب وتل أبيض، أي منذ 3 سنوات، وفقاً لما نقلته صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية عن التقرير الأممي.وأضاف التقرير أن «الانتهاكات كانت موجهة ضد النساء والأطفال، وتستهدف في المقام الأول الأقليات مثل الأيزيديين والأكراد والمسيحيين، وكثير منهم تعرض للتطهير العرقي في هذه المناطق».
كما يفصل التقرير كيف أنّ المتطرفين السوريين المدعومين من تركيا «أجبروا المعتقلين الذكور على مشاهدة اغتصاب قاصر، وذلك في منطقة عفرين»، بالإضافة إلى إجبار «أكثر من 150 ألف كردي على الفرار»، مساهمة في تغيير ديموغرافي مماثل لعملية التطهير العرقي التي حدثت في البلقان في التسعينيات.
ووثق التقرير أيضاً زيادة أعمال القتل والاختطاف والإجلاء القسري وكذلك الاستيلاء على الأراضي والممتلكات، في المناطق الخاضعة لأنقرة.
وبدوره، ثق المرصد السوري أيضاً عدة وقائع تكشف انتهاك حقوق المدنيين بمختلف الأعمار، حيث اعتقلت الميليشيات قبل أشهر نساء مسنات في ريف عفرين وأخلي سبيلهن بعد دفعهن غرامات مالية.
كما وقعت حادثة اغتصاب فتاة عفرينية في ريف عفرين أواخر يونيو (حزيران) الماضي، من قبل عناصر فصيل «السلطان مراد» الموالية لتركيا، ثم هددوا العائلة بتصفيتها إذا لم يتم التكتم على الأمر.
وبحسب الصحيفة، جلبت أنقرة مستوطنين من مناطق أخرى من سوريا، واستبدلت المواطنيين الأصليين من الأكراد، بجماعات تعتبرها موالية لها، وقد قامت هذه الجماعات بشكل غير قانوني بسرقة الزيتون من السكان المحليين، واستولت على منازلهم، وهاجمت المواقع الدينية للأقليات واختطفت النساء واحتجزتهن في سجون سرية. واحتلت تركيا، عفرين في 2018 بدعوى أنها تحارب «الإرهاب» ولكن لم يكن هناك أي دليل على أي إرهاب هناك أو موجه ضد تركيا من هناك، كما استخدمت أنقرة هجماتها في سوريا، والآن في ليبيا، لتجنيد لاجئين سوريين لخوض حروبها في الخارج. واتهم تقرير أمريكي الشهر الماضي تركيا بنقل آلاف السوريين للقتال في ليبيا.
وتتهم أنقرة المقاتلين الأكراد بأنهم أعضاء في حزب العمال الكردستاني، ففي 2015، انهار وقف إطلاق النار بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، واستخدمت أنقرة حربها مع حزب العمال الكردستاني كذريعة لغزو جيرانها.

تجاهل صارخ
ومن جهتها، اعتبرت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، أنّ «التجاهل الصارخ لحماية المدنيين يتناقض مع قانون حقوق الإنسان والالتزامات وفق القانون الإنساني الدولي الذي يتعين أن تحترمه كل الأطراف».
كما دعت باشيليت، السلطات التركية إلى «احترام القانون الدولي وضمان إنهاء الانتهاكات المرتكبة من قبل الجماعات المسلحة الخاضعة للسيطرة الفعلية لتركيا»، مذكّرةً كل أطراف الصراع في سوريا بأنّ «حماية حياة المدنيين تظل أولوية قصوى في جميع الظروف».وحثت المفوضة السامية تركيا على فتح «تحقيق محايد وشفاف ومستقل وفوري حول الحوادث الموثقة وكشف مصير المحتجزين والمختطفين من قبل الجماعات الموالية، ومحاسبة المسؤولين عن أعمال قد تصل في بعض الحالات إلى جرائم حرب وفق القانون الدولي»، مشددة على أهمية ذلك في ظل ورود تقارير مقلقةa حول ادعاءات بنقل بعض المحتجزين والمختطفين إلى تركيا بعد احتجازهم في سوريا. ومع ظهور تقارير عن الانتهاكات على أيدي الميليشيات المسلحة الموالية لتركيا، سعت أنقرة إلى الادعاء بأنها تكبح جماحهم.
وتشير اللجنة التي شكلها مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في 2011 إلى تقارير عن عائلات كردية نازحة، ومدنيين آخرين، اتهموا القوات السورية المدعومة من أنقرة بارتكاب عمليات إعدام ونهب ومصادرة أملاك. وغزت تركيا وحلفاؤها في سوريا جزءاً من شمال البلاد، بعد إطلاق عملية في أكتوبر (تشرين الأول) ضد القوات الكردية، أدت إلى فرار عشرات الآلاف من الأشخاص. وتلقي اللجنة الضوء خصوصاً على إعدام تلك القوات المسؤولة السياسية الكردية هفرين خلف والسائق الذي كان معها، في 12 أكتوبر (تشرين الأول)، حيث قتلت القيادية الكردية البالغة من العمر 35 عاماً، وتم لتمثيل بجثتها، على يد عناصر ما يسمى «الجيش الوطني السوري»، وهي فصائل سورية مسلحة مدعومة تركياً، يطلق عليه اسم «أحرار الشرقية».
ولم تفعل أنقرة شيئاً في ذلك الوقت لإدانة القتل. وبدلاً من ذلك، احتفلت وسائل الإعلام المتطرفة بقتل الشابة الكردية باعتباره «تحييد إرهابي»، ولم يكن هنالك أي دليل على أن هفرين خلف «إرهابية».
ويجدر الإشارة إلى أن الطائرات التركية بدون طيار، تستهدف الناشطات السياسيات في سوريا والعراق، بدعوى «العمل على تحييد الإرهابيين»، وغالباً ما تُطبَّق كلمة «إرهابي» في تركيا على أي شخص يختلف مع الحكومة. كما حكم على إعلاميين بالسجن بسبب مشاهد كوميدية عن شخصيات تاريخية، وحُكم على الآلاف خلال العام الماضي بتهمة «إهانة الرئيس»، وأصبحت أنقرة أيضاً أكبر سجين للصحافيين في العالم.
وتتزايد الاتهامات ضد تركيا الآن، فيما تؤكد تقارير إعلامية وحقوقية أن عناصر تنظيم داعش الإرهابي يتقاضون الآن رواتب من القوات التركية في شمال سوريا، ويذكر أن الولايات المتحدة شنت غارات جوية سرية على عناصر القاعدة ومتطرفين آخرين في إدلب وحولها بالقرب من مواقع الجيش التركي خلال العام الماضي، في إشارة إلى وجود هؤلاء المتطرفين.
ويتضمن تقرير الأمم المتحدة مناقشات حول النهب المنهجي وكذلك عناصر ما يسمى بالجيش الوطني السوري الذين يتنقلون من باب إلى باب للبحث عن السكان الأكراد، وهي ممارسة قامت بها أنظمة متطرفة أخرى ، مثل النازيين ، ضد الأقليات.
ويبدو الآن أن أنقرة تحاول تقليل الانتقادات للجرائم المرتكبة في المنطقة المحتلة السورية، ويشير تقرير إلى أنها تحاول ليس فقط التظاهر بأنها قامت بتأديب فصائل الجيش الوطني المتورطة في الانتهاكات، ولكنها سعت إلى منع المتطرفين السوريين من قتال بعضهم البعض. وذلك لأن مناطق مثل عفرين التي كانت سلمية في يوم من الأيام أصبحت مسرحًا لمعارك بالأسلحة النارية بين الفصائل المدعومة من أنقرة. وبموجب القانون الدولي، من المفترض أن تضمن سلطة الاحتلال حقوق السكان المحليين، وتشير التقارير إلى انتشار عمليات القتل خارج نطاق القضاء، والقوة غير المتناسبة، والاختفاء واستهداف النساء والأقليات. وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، أن الجزء الوحيد من سوريا اليوم الذي يتمتع الناس فيه بحقوق في حرية التعبير ويتحررون عموماً من أنواع الانتهاكات الشائعة في عفرين، يقع في شرق سوريا حيث تتواجد قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة