ما بين مكتبة اوقاف نجيب محفوظ ومكتبة الاوقاف في بغداد

تاريخ اندثر في حاضر مشوش

ابتسام يوسف الطاهر
حرص المقهى الثقافي العراقي في لندن على التواصل مع جمهوره الواسع من الجالية العراقية والعربية في لندن، حتى في زمن “الحصار الكوروني” وإغلاق جميع المسارح والقاعات، حيث واصل القائمون على هذا المنبر الثقافي الأهم في لندن واولهم المخرج علي رفيق، على مواصلة تقديم ما هو فريد وجميل من افلام ولقاءات ادبية ثقافية مهمة، واستعادة بعض الاماسي الممتعة خلال سنوات العطاء عبر صفحتهم على فيس بوك ، فقد استمتعنا بمشاهدة فيلم الجريمة والعقاب، وفيلم Z والعديد من الافلام والمسرحيات النادرة.
من الافلام التي استوقفتني، الفيلم الوثائقي عن حياة الكاتب والروائي العالمي نجيب محفوظ. حيث لكل منا ذكرى مع هذا الكاتب من خلال رواياته والأفلام التي أنتجت من بعض تلك الروايات، فقد عرفته منذ بداية وعيي لقراءة الروايات، واذكر أنى اشتريت روايته الكرنك في طريقي وانا عائدة من إحدى المكتبات العامة التي كنا نلجأ لها في مرحلة المتوسطة لإنجاز أي بحث مطلوب. واذكر اني قراتها وانا في الباص الاحمر ذو الطابقين من الصالحية وأتممت قراءتها لدى وصولي ساحة 55 في مدينة الثورة.
ما أثار شجوني و تساؤلاتي متابعتي لمسيرة الكاتب اذ تحدث من على مقاعد مكتبة الأوقاف وهو يزورها بعد سنين طوال، فقد اشتغل في بداية حياته الوظيفية بتلك المكتبة التي منحته الفرصة لقراءة العديد من الكتب. استوقفني المشهد طويلا فهذه اول مرة اسمع ان الروائي الأشهر عربيا عمل في تلك المكتبة في بدايات حياته الوظيفية. ومرت أمامي الأشهر التي اشتغلتها في مكتبة الأوقاف بعد تخرجي من كلية الآداب.
منحتني تلك المكتبة اجمل ايام حياتي قبل الرحيل من بغداد، فقد قرأت العديد من الكتب التي تردها بعد تصنيفها، خاصة ما يتعلق بالقرامطة وقد كتبت بحثا عن تلك الحركة التاريخية المهمة.
المكتبة التي تحدث عنها نجيب محفوظ مازالت تحتفظ بهيبتها، عامرة بالكتب الثمينة.. أما مكتبة الأوقاف في بغداد فقد بحثت عنها في رحلة العودة فوجدت انها اختفت هي ايضا. ولم يسعفني أحد في اشارة او خبر عن تلك المكتبة التي كانت معينا للكثير من الطلبة والباحثين. هل اختفت مع العديد من زميلاتها مثل مكتبة العباس بن الأحنف في مدينة الثورة وغيرها ربما العشرات؟.
وقتها قوبل سؤالي بشيء من السخرية “الأهم من المكتبة تلك اختفى، تريدين منها ان تبقى بعد تقاسم الغنائم بين العصابات الطائفية والقومية”.
وهكذا لم يبق للعراقيين المولعين بقراءة الكتب واغلبهم يفضلون القراءة الورقية على ما يمن عليهم به الانترنت، لم يبق أي ذكر للمكتبات العامة التي كانت توفر الجو الهادئ للبحث والقراءة.
والسؤال يكبر في روحي لماذا مكتبة أوقاف نجيب محفوظ (على روحه السلام والرحمة) حية ترزق وستبقى خالدة وعامرة ومعتنى بها، بينما أوقافنا تموت مثل ضمائر مسؤولين كثيرين لم ينجزوا شيئا يذكر وربما على جميع الاصعدة.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة