دعوات لـ “المحاسبة والانتقام” وسباق مع الزمن للعثور على 21 مفقودا

استقالة وزيرة الإعلام من الحكومة

متابعة ــ الصباح الجديد :

توالت، امس الأحد، الدعوات في لبنان للعودة إلى الشارع للتظاهر ضد السلطة الحاكمة، غداة تظاهرات ضخمة ومواجهات عنيفة بين القوى الأمنية ومحتجين اقتحموا وزارات عدة مطالبين بـ “الانتقام” والمحاسبة، بعد انفجار مرفأ بيروت، الذي حول العاصمة إلى مدينة “منكوبة”.

وأمام هول الفاجعة، قدمت وزيرة الإعلام، منال عبد الصمد، استقالتها من الحكومة لتكون أول عضو في مجلس الوزراء يقدم على تلك الخطوة بعد الانفجار الضخم، الثلاثاء، الذي أسفر عن مقتل 158 شخصا وإصابة أكثر من 6000 آخرين.

ولا تزال عمليات البحث عن عالقين تحت أنقاض المرفأ المدمر والأحياء المتضررة في محيطه مستمرة.

وأجتمع مانحون دوليون، امس الأحد، عبر الفيديو في مؤتمر دعم نظمته فرنسا، التي زار رئيسها إيمانويل ماكرون بيروت، الخميس الماضي، وبمشاركة عربية ودولية واسعة لمساعدة لبنان على تخطي حجم المأساة، التي شردت نحو 300 ألف شخص.

وتناقل ناشطون، امس الأحد، على وسائل التواصل الاجتماعي دعوات حملت شعارات “علقوا المشانق لأن غضبنا لا ينتهي بيوم واحد” و “لا تستسلموا”.

ويأتي ذلك غداة تظاهر الآلاف في وسط بيروت حاملين شعار “يوم الحساب”، مطالبين بمعاقبة المسؤولين عن الانفجار، وبرحيل السلطة الحاكمة وكافة القوى السياسية التي تتحكم بالحياة السياسية في لبنان منذ عقود.

وفي كلمة بثتها وسائل اعلام محلية، أعلنت وزيرة الإعلام أنه “بعد هول كارثة بيروت، أتقدم باستقالتي من الحكومة، متمنية لوطننا الحبيب لبنان استعادة عافيته في أسرع وقت ممكن”. وقدمت “اعتذارها” من اللبنانيين “لعدم تلبية طموحاتهم” في الحكومة التي تشكلت بداية العام الحالي.

واستقال منذ، الأربعاء، ستة نواب من البرلمان، بينهم ممثلون حزب الكتائب الثلاثة، أحد معارضي السلطة منذ سنوات.

كما دعا البطريك الماروني الكاردينال، بشارة الراعي، امس الأحد، الحكومة التي “باتت عاجزة عن النهوض بالبلاد” إلى الاستقالة. وقال “لا تكفي استقالة نائب من هنا ووزير من هناك”.

وفي مرفأ بيروت ومحيطه، يسابق عناصر الإنقاذ اللبنانيين والأجانب الزمن للعثور على 21 مفقودا ما زالوا تحت الركام، يستبعد أن يكونوا لا يزالون على قيد الحياة، بعد الانفجار، الذي يعد بين الأضخم في التاريخ الحديث.

وبحسب السلطات، فإن الانفجار ناجم عن حريق في مستودع خُزّن فيه 2750 طنا من مادة نيترات الأمونيوم المصادرة من إحدى البواخر منذ العام 2013 من دون اتخاذ إجراءات الحماية اللازمة.

وأفاد مصدر أمني وكالة فرانس برس امس الأحد أن “خبراء التفجير الفرنسيين اكتشفوا أن انفجار المرفأ خلف حفرة بعمق 43 مترا”.

وأعلن المعهد الأميركي للجيوفيزياء ومقره ولاية فيرجينيا، أن قوة الانفجار تعادل زلزالا شدته 3.3 درجات على مقياس ريختر.

وأوقفت السلطات أكثر من 20 شخصا على ذمة التحقيق بينهم مسؤولون في المرفأ والجمارك ومهندسون، على رأسهم رئيس مجلس إدارة المرفأ حسن قريطم ومدير عام الجمارك بدري ضاهر، وفق مصدر أمني.

وشهدت التظاهرات، امس الاول السبت، مواجهات عنيفة بين محتجين غاضبين رموا القوى الأمنية بالحجارة والمفرقعات، والقوى الأمنية التي استخدمت الغاز المسيل للدموع بكثافة والرصاص المطاطي.

وأسفرت مواجهات، امس الاول السبت، عن إصابة 65 شخصا، بينهم مدنيون وعسكريون، جرى نقلهم إلى المستشفيات، وفق حصيلة للصليب الأحمر اللبناني.

واقتحم عشرات المحتجين وزارات عدة بينها الخارجية والاقتصاد والطاقة كما مقر جمعية المصارف، قبل أن تخرجهم القوى الأمنية والجيش.

وأعلنت قوى الأمن الداخلي مقتل أحد عناصرها “أثناء مساعدة محتجزين” داخل فندق فخم في وسط بيروت، وقالت إنه تم الاعتداء عليه من قبل “مشاغبين”.

وردد المتظاهرون امس الاول السبت شعارات عدة “بينها “الشعب يريد إسقاط النظام” و”انتقام انتقام حتى يسقط النظام”، و “من أجلك يا بيروت، الثورة لن تموت” و”كلهم يعني كلهم” في إشارة على كافة الطبقة السياسية. كما رفعت في مواقع عدة في وسط بيروت مشانق رمزية، دلالة على الرغبة في الاقتصاص من المسؤولين عن التفجير.

انتخابات مبكرة

بينما كانوا يتابعون بعجز الانهيار الاقتصادي المتسارع في بلدهم، ويعيشون تبعات هذا الوضع الهش الذي أضيف إليه تفشي كوفيد-19 مع تسجيل معدل إصابات قياسي في الأيام الاخيرة، أتى انفجار مرفأ بيروت ليشكل أكبر كوارث اللبنانيين.

ونزل مئات الآلاف منذ 17 أكتوبر،  الى الشوارع ناقمين على الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد، ويحملونها مسؤولية الأزمات المتلاحقة التي أنهكتهم. واستقالت حكومة الرئيس سعد الحريري على وقع غضب الشارع.

إلا أن وتيرة التحركات تراجعت تدريجا بعد تشكيل حكومة جديدة برئاسة حسان دياب ومن ثم انتشار وباء كوفيد-19.

ويطالب المتظاهرون اليوم حكومة دياب، التي تشكلت بداية العام الحالي من اختصاصيين سمتهم أحزاب سياسية، بالاستقالة، متهمينها بالتقصير والتبعية للأحزاب التي دعمتها وعدم تحقيق الإصلاحات الموعودة والضرورية للنهوض بالاقتصاد.

وعلى وقع التحركات الغاضبة، دعا دياب، امس الاول السبت، إلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة لانتشال البلاد من أزمتها “البنيوية”. وأمهل الأطراف السياسيين مدة “شهرين حتى يتفقوا” معتبرا أن المطلوب هو “عدم الوقوف ضد انجاز اصلاحات بنيوية حتى ننقذ البلد”.

وأثار الانفجار تعاطفا دوليا مع لبنان الذي زاره مسؤولون غربيون وعرب تباعا وتتدفق المساعدات الخارجية إليه.

وعقد، امس الأحد، مؤتمر دعم للبنان عبر تقنية الفيديو تنظمه فرنسا بالتعاون مع الأمم المتحدة، وبمشاركة الولايات المتحدة والمؤسسات الأوروبية مرورا بالصين وروسيا ومصر وغيرها.

ويخشى المتظاهرون ومحللون أن تجد السلطة في مبادرات الدعم الدولية فرصة لتعزيز مواقعها، بعدما اعتبر رئيس الجمهورية، ميشال عون، الجمعة أن “الانفجار أدى إلى فك الحصار” بعد تلقيه اتصالات من رؤساء وقادة عدة.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة