درب الأرامل

يزخر مجتمعنا بنماذج مشرقة من نساء كسرن حاجز التقاليد والظروف الصعبة وتحدين كل ما كان يحد من طموحاتهن من كونهن نساء يرفض المجتمع ان يكن جزءاً او سبباً لأحداث تغير عما فطرن عليه نتيجة الأعراف وتغلبها على المعقول والمنطقي.
فقد وجدن لأنفسهن هدفاً وغاية للعمل على تحسين واقعهن الذي فرض عليهن مجبرات لا مخيرات، فمن صمدت بعد فقد الاهل نتيجة الاعمال الإرهابية التي حصدت ارواح مئات الالآلف من العراقيين، مخلفة وراءها أعداداً من الايتام والارامل ليضعوهم امام تحدي البقاء والاستمرار او الانهيار والتخاذل.
وكانت المرأة هي صاحبة القرار في هذا الامر والتي ابت الاستسلام بل نذرت نفسها لا بنائها ولمن حولها في سبيل البقاء في ظل خذلان رسمي واضح لهذه الفئة التي تمثل نسبة لا يستهان بها في بغداد والمحافظات التي طالها الإرهاب ناهيك عن عائلات واسر الشهداء من أبناء القوات المسلحة والحشد الشعبي الذين ضحوا بأنفسهم , فضلا عن تضحيتهم باسرهم التي تركوها خلفهم امانة بيد الحكومة التي أسهمت في تراجع واقعهم المعاشي والاقتصادي , ففي اغلب البرامج التلفازية التي تعتمد على مبدأ مساعدة المحتاجين نجد ان اغلب الاسر التي تظهر فيها هي آسر الشهداء من أبناء الحشد الشعبي , اذ اغلبهم يسكن العشوائيات او التجاوز واقل ما يمكن ان يقدم لهم هو سقف حقيقي يأويهم بدلاً عن تلك السقوف المتهرئة وجدران يتكئوون عليها بدلاً من تلك التي تسقط حال لمسها .
أمهات وزوجات واخوات كن هن بطلات المجتمع في الصبر والعزيمة والإصرار على ان من ضحى بحياته يستحق أبناؤه ان يعيشوا بكرامة , وان تجاهلت الجهات الرسمية وغير الرسمية هذا الحق , حملن همومهن فوق اكتافهن وسرن باتجاه بر الأمان , برغم العوز والحاجة فلا علاج متوفر لمن يعاني امراضاً منهم اذ هناك عشرات الحالات والقصص التي تروي معاناتهم مع غلاء العلاج وانعدام توفره لهم من قبل الجهات المعنية , فضلاً عن أبناء الشهداء لا يتم مراعاة ظروفهم في جميع المراحل الدراسية ويعاملون وكأنهم يعيشون ظروفاً اكثر من طبيعية في ظل غياب الاب وهو المعيل والمسؤول عن توفير جميع احتياجاتهم اليومية .
وان ارادت الحكومة معرفة المزيد عن احتياجات أبناء وامهات وزوجات من ضحوا بحياتهم ما عليهم سوى التوجه الى الاحياء الفقيرة لتشخص مواطن تقصيرها وعجزها تجاههم.
زينب الحسني

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة